البطالة تُفاقم ظاهرة الإدمان في أفغانستان
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

رغم اتّخاذ الحكومة الأفغانية خطوات عديدة وتبني آليات من أجل الحدّ من انتشار المخدرات، إلّا أن معدلات الإدمان والكميات المضبوطة من أصناف المخدرات ترتفع، وبات عدم وجود فرص عمل كافية، خصوصاً للشباب، إضافة إلى الضغوط النفسية وعدم وجود الدعم الاجتماعي الكافي، من بين أبرز أسباب تفشي الإدمان بين الشباب والفتيات، حتّى المتعلمين منهم.
ومع وصول حركة طالبان إلى الحكم في أغسطس/آب 2021، أغلقت جُل المؤسّسات الدولية أبوابها، كما ألغت حكومة طالبان الكثير من المؤسّسات الرسمية، من بينها وزارة الشؤون النسائية، ووزارة الشباب، ووزارة الشؤون البرلمانية، والكثير من الإدارات التي كانت تعمل على رعاية النساء والشباب، ما ترتب عليه إقالة أعداد كبيرة من العاملين في تلك الإدارات، مع تعيين عناصر من طالبان في الإدارات التي لم تُغلق، لينضم عشرات آلاف الشبان إلى قوائم العاطلين عن العمل.
يقول الناشط الأفغاني سعد الدين ملك لـ"العربي الجديد": "مرت بلادنا بظروف قاسية جداً خلال الحرب التي دامت 40 عاماً، أثّرت على الصحة النفسية لجميع الأفغان خاصّة الشباب، ومع سيطرة طالبان على الحكم توقفت رحى الحرب في البلاد، ولكن بدأ الشباب يواجه نوعاً آخر من المعاناة، تكمن في البطالة وحرمان شريحة كبيرة من التعليم، لا سيّما في ما يتعلق بالفتيات والنساء، وأصبح المتعلمون والمثقفون ضحية لسياسة طالبان"، موضحاً أن طالبان أقالت عدداً كبيراً من الشباب من العمل، أما النساء فلا عمل لهنّ أصلاً سوى القلائل اللواتي يعملن في الشرطة، وبعض الإدارات كجوزات السفر ووزارة الصحة وفي التعليم من خلال مدارس البنات حتى الصف السادس.
ويوضح أن التعليم العالي في أفغانستان صعب ومكلف، خاصة في الجامعات الخاصة، وعلى مدى العقدَين الماضيَين عانى الشباب كثيراً لإكمال تعليمهم في ظل انتشار الفقر، مضيفاً: "كان الشباب يتطلعون للحصول على العمل عقب إتمام دراستهم، لكنهم الآن يعانون من البطالة، ولا يوجد خيار أمامهم سوى العمل في السوق رغم حصولهم على شهادات جامعية، ما يجعلهم تحت ضغط كبير أجبر بعضهم على إدمان المخدرات".
ويضيف ملك إن الكثير من الشباب حاولوا التخلص من الضغوط النفسية وأعباء البطالة بالهروب نحو الإدمان، بينما هناك من أقدموا على الانتحار أيضاً. مشيراً إلى قصة أحدهم ويدعى عبد القدير (27 سنة) والذي كان يعمل في وزارة الشؤون البرلمانية بعد أن أنفق الكثير من الأموال لإكمال تعليمه في باكستان، رغم معاناة أسرته من الغلاء وتراكم الديون، وكان العمل سيغيّر حياة أسرته للأفضل، غير أنه لم يستمر في وظيفته سوى عام واحد، ثم أُقيل مع تولي طالبان مقاليد الأمور، وظل بعدها يخرج لأكثر من ستة أشهر كل صباح بحثاً عن عمل ليعود مساءً من دون جدوى.

يضيف الناشط الأفغاني: "بعد الكثير من المحاولات، يئس الشاب، وأصبح لا ينام إلّا بعد تناول الحبوب المهدئة، ثم قرر الذهاب إلى إيران، ومنها حاول الدخول إلى تركيا سعياً للوصول إلى أوروبا في هجرة سرية استدان من أجلها المال، غير أن السلطات التركية ألقت القبض، عليه وأعادته إلى أفغانستان محمّلاً بالمزيد من الضغوط النفسية والمالية، فلم يجد أمامه سبيلاً سوى الإدمان، وعندما حاول الحصول على الحبوب لم يستطع، فكان الحشيش في متناوله، إذ يستخدمه بعض رفاقه وأبناء قريته".
يتابع: "بدأ الشاب ينسى همومه بتعاطي الحشيش، وكان يترك منزله في مدينة جلال أباد، ويذهب إلى مديرية شنواري، حيث يتوفّر الحشيش بكثرة، فيمكث هناك أياماً كثيرة، ولا يكترث لمحاولات والدته التواصل معه، فقد ملَّ من الحياة، ومن البحث عن العمل، ولم يكن مستعداً لسماع أي شيء يتعلق بالمستقبل".
قصة عبد القدير واحدة من القصص الكثيرة التي باتت حديث الساعة في أفغانستان، لكنّ الفرق بين تلك القصص أن الأخير جاء ليتحدث والآخرون قيدتهم الأعراف القبلية السائدة عن سرد حكاياتهم، إذ الإدمان جريمة خاصة إذا كان بسبب الضغوطات النفسية التي تعتبرها الأعراف القبلية دليلاً على الضعف.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية