قراءة فكرية للدكتور “فضل مراد” حول الموقف الشرعي تجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية
أهلي
منذ 4 ساعات
مشاركة

يمن ديلي نيوز: يقدم الأسناذ الدكتور فضل مراد – أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة في هذا المقال قراءة للمشهد القائم في المنطقة حالياً خاصة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، والموقف الشرعي والرؤية المطلوبة تجاه هذه الحرب.

يوضح المقال الذي ينشره “يمن ديلي نيوز” أثر الحرب على الأمة، ويحلل مآلات الصراع بين إسرائيل وإيران، داعياً إلى رؤية فقهية واعية تتجاوز العواطف وردود الأفعال، وتبني موقفًا شرعيًّا على تصور كليّ وموازنة دقيقة بين المصالح والمفاسد.

وقال إن ️الموقف الشرعي الصحيح لا يكون مع إسرائيل ولا مع إيران، لأن كليهما عدو للأمة بطرق مختلفة، والمطلوب قراءة شاملة للمشهد ووضوح في الموقف الشرعي. مضيفاً بأن إسرائيل وإيران كلاهما خطر وجودي على الأمة ومشروع الإسلام ونشره في الأرض.

وأشار إلى أن نصرة إيران لغزة – على ضعفها وترددها – لا تمحو موجبات الوقوف الشرعي ضد حرابتها وفسادها في دول كاليمن والعراق، ولا يجوز بناء الموقف الشرعي على موقف جزئي وإغفال الكليات والعلل الكبرى.

نص المقال:

قراءة في المآلات والموازنات الشرعية عن أثر الحرب على المنطقة والدول المسلمة

أ.د. فضل عبد الله مراد

أثر الصراع الدائر  على الدول المسلمة في المنطقة والعالم لا يخفى على العين لولا غاشية من فقه اللحظة والقراءة الآنية وردة الأفعال .

إن عالم الشريعة حينما يصدر حكما يجب عليه تغطيته بالتصور الكامل سوابقه ومآلاته، فإن اقتصر على نظرة لحظية أو على موقف جزئي فقط وبنى عليه الحكم الشرعي زلت قدمه.

والحاصل أن الأثر المآلي للحرب هو أثر سلبي في الجملة  في كل الأحوال بالنظر إلى الاحتمالات الثلاثة ومآلاتها المصلحية والمفسدية:

فانتصار إسرائيل: معناه صهينة المنطقة بالعلاقات والتطبيع والنفوذ والاقتصاد والقضاء على أي مشروع مقاومة ومحاربة الدين وأهله والحركات الإسلامية، وتصفية قضية غزة وهيمنة المشروع الغربي والقطب الواحد على المنطقة.

مما سيؤدي إلى تراجع نفوذ المشروع الشرقي في المنطقة ومن ثم فقد التوازن التدافعي، ولها أثر محلي إيجابي مصلحي كذلك هو تصفية النفوذ الإيراني في المنطقة كاليمن والعراق وغيرها وتخليص شعوب المنطقة المظلومة من الحرابة الشيعية في التي سامتهم سوء العذاب واحتلت أربع دول منهم.

 وانتصار إيران: معناه تشييع المنطقة إضافة لقوتها وخلق صراع إضافي بالقوة والنار في بلاد السنة ودولها، وبقاء احتلالها لدول سنية بل وزيادته واستفحاله.

وإنهاء الحركات السنية والأنظمة السنية وخلق جيل عنصري مؤمن بتبعيته للمرجعية ودونيته، والهيمنة الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية على الحياة في دول الخليج والمنطقة.

أما عدم انتصار الطرفين:  فبقاء الصراع وزيادة الولاءات وتعددها مما يثمر زيادة في تمزيق النسيج العربي والإسلامي دولا وأنظمة وشعوبا، مع بقاء الصراع في اليمن والعراق وزيادة التمزق في المنطقة.

والموقف الشرعي الصحيح مبني على الموازنات بين المصالح والمفاسد وعلى قراءة الحقائق والمشاريع والخلفيات.

إن من وقف مع إسرائيل وقف مع عدو شامل للإسلام والمنطقة ووقف مع المشروع الغربي وهيمنته ووقف مع كل المفاسد التي ستؤول إلى صهينة المنطقة العربية.

ومن وقف مع إيران إنما وقف مع المشروع الشيعي العنصري الذي تتجه بوصلته إلى الأمة حربا وصراعا وتشريدا وقتلا، وإيقادا لنار الفتنة العنصرية التي تقضي على الأمة ومشروعها. فمن وقف معه إنما يقف مع هذا المشروع.

ومعلوم أن إيران قدمت موقفا لغزة على ضعفه وتردده في معركة الطوفان لكنه أقوى من المواقف العربية لكن نظر عالم الشريعة لا يقتصر على جزئية وينسى بقية الكليات وبقية الجزئيات.

لا ينظر إلى علة شرعية ويتجاهل بقية العلل الموجبة للأحكام.

فإن الموجبات الشرعية لدفع الحرابة التي تمارسها إيران في الدول المحتلة لها في اليمن والعراق وقبل ذلك سوريا ولبنان. هذه الموجبات واضحة وصريحة وقاطعة والمفاسد عظيمة.

ونصرتها لغزة ليس بمانع من تلك الموجبات الشرعية التي تستدعي الوقوف أمامها بكل قوة لدفع حرابتها وفسادها.

ومن ادعى المنع فهو متوهم لمانع شرعي لا صحة له، وقد يقع عالم الشرعية تحت تأثير نازلة لها أثرها الشرعي لكنها جزئية بالنظر إلى ميزان المصالح والمفاسد.

كما أن  مشاعر نصرة غزة بلا قراءة واعية وحقيقية لعلل الشريعة وتنزيلها يوقع في خطأ في النظر والتنزيل

كما أن الموجبات لقتال إسرائيل وإزالة فسادها في الأرض وإنقاذ غزة والمستضعفين بينة واضحة، وقتالها إيران ليس بمانع من تلك الموجبات الكبرى.

وعليه فيجب علينا أن تكون الرؤية واضحة، لإيجاد وضوح شرعي في النازلة، ولو أن إيران لم تفعل بالأمة ما فعلت لاصطفت الأمة معها جميعا.

ونرى تباينات في مواقف علماء الأمة وشعوبها وهذه التباينات مبنية على تعليل وموازنات لكنها تختلف من حيث النظرة الكلية والجزئية واللحظية والمآلية الدائمة.

فنظرة الشعوب الذين تحتلهم إيران وأذاقتهم ألوان التنكيل والعذاب تختلف عن نظرة من لم تصليهم نارها وعذابها وخسفها.

والقاتل في الشرع قاتل كان مسلما أو غير مسلم، والعدوان محرم من مسلم وغير مسلم، ومن المعلوم أن المسلمين تتكافأ دماؤهم وأعراضهم وحرمة أموالهم.

فاليمني والعراقي والفلسطيني والغزاوي والمصري والخليجي وكل المسلمين يتساوون في ذلك. وعليه فأي انتهاك ممن كان يجب أن تقوم فيه القراءة الشرعية على هذه الأصل.

لهذا لا ينظر الإسلام إلى القاتل كافرا أو مسلما سنيا أو شيعيا بل إلى ما يوجب القصاص لعلة العدوان والحرابة، ولا يفرق بينه وبين الكافر. لأن وصف الكفر أو البدعة والسنة غير مؤثر هنا.

وعليه:

لا يحق لك أن تقول للمظلوم المقتول المشرد المحتلة بلده  لماذا لم تندد بضرب إيران، وذلك أنه لا يمكن أن تقول للمظلوم ندد بظالم قام فقاتل من جار عليك وظلمك كائنا من كان. هذا يخالف العقل والمنطق والفطرة والشرع.

كما أنه لا يحق للآخر أن يقول لماذا تفرح بصواريخ إيران وهي تضرب عمق إسرائيل، ذلك أن  ضربها مصلحة لغزة  يفرح بها من ظلمتهم أولا وكل مسلم وكل إنسان حر. فضلا عن غزة وفلسطين. ولا يوجد أحد لا يسر بأي فرج ونصر لغزة ممن كان.

لكن اتخاذ غزة المسلمة علة لبناء الحكم الشرعي في كل شاردة وواردة وفي مصير الأمة كلها وإغفال العلل الأخرى المؤثرة في الحكم الشرعي وهي الفساد الكبير في الأرض واحتلال أربع دول وتشريد 15 مليون سني وانتهاك اعراضهم ودماءهم وأموالهم وتدمير مساجدهم وقتل أكثر من مليون ونصف سني،  وسجن وسحل وتعذيب وتنكيل أهل السنة بالملايين بسبب إيران.

إذاً أين الفقه وأين قراءة المآلات والواقع؟

إن التأثير العاطفي والضغط والتضخيم على حساب قضية أهل السنة في الأرض لا يوصل إلى بناء حكم شرعي صحيح والعدل أن ينصر هذا وهذا وأن تحرم أعراض ودماء وأموال هؤلاء وهؤلاء.

إذاً الموقف الشرعي لا يبنى إلا على تصور صحيح كلي وجزئي حالي ومآلي. يحقق المناطين المناط العام والمناط الخاص.

والمناط العام هنا هو ما ستؤول إليه الأمة وشعوبها جراء هذا الصراع والمناط الخاص ما يتعلق بغزة واليمن والعراق ودول الاحتلال الشيعي والدول التي ستتأثر مباشرة من الحرب مآلا.

والموقف الشرعي الصحيح:

نقدمه بحقيقتين:

إن إسرائيل ومشروعها الغربي خطر وجودي على الأمة والمشروع الإسلامي، وإيران ومشروعها كذلك اتضح أنه خطر وجودي  على الأمة ومشروع الإسلام ونشره في الأرض.

والحل الشرعي:

بيد إيران أولا وهو أن تتقارب مع الدول المسلمة ومع جيرانها بشرط عاجل وعادل هو إنهاء نفوذها وأدواتها في المنطقة التي جرعت الشعوب الويلات، وأن تكون دولة جارة مسلمة صديقة لها حقوقها السياسية وكل حق أمر به الإسلام لها.

لكن للأسف كل محاولات التقارب والتعايش التي نادى بها العلماء وصلت إلى الفشل. وتكرار التجربة لا مانع منه لكن النتيجة معروفه، لأن الإشكالية أن ذلك التوسع والصراع الإيراني في المنطقة نابع من مشروع مختلف قائم على عقيدة تجريمية للسنة من جيرانهم وعموم دول الإسلام وشعوبها وحركاتها السنية ما سلم من أذاهم أحد، حتى باكستان التي تقف معها الآن موقفا مصلحيا آذتها إيران وحركاتها أشد الأذى ولولا القوة العسكرية المتماسكة مع العقيدة المتماسكة لآلت إلى ما لا يحمد عقباه.

وثنائية القوة والعقيدة هي التي تصارع وتقاوم وتحمي الدول والشعوب، أما مجرد الفكر فسيقضى عليه بقوة السحق والسجن والتشريد والقتل. كما هو الحال في دول الامتداد الشيعي.

لذلك من الأمانة الشرعية عدم العماية على الأجيال والشعوب السنية العريضة بل الواجب بيان العدو بوضوح وأن المحور الشيعي والصهيوني عدو الأمة الواضح.

أما اتخاذ موقف مع أحد العدوين بحجج مصلحية جزئية يراها البعض فمضارها أكبر من مصالحها، لما له من أثر على الأمة وتخذيل شعوبها، وتشويش رؤيتهم للعدو وحقيقة الصراع، وما له من أثر على قرابة 100 مليون مسلم سني في اليمن والشام والعراق اصطلوا بنار الطائفة الشيعية.

وعالم الشرع في مثل هذا الصراع وظهور المفاسد في كل الاحتمالات عليه نصح الأمة والبيان لها بما يصلحها حالا ومآلا، وعليه مواصلة البناء للجيل ومواصلة حمل وبلاغ مشروع الرسالة، ويسعه إلجام قلمه أو لسانه عن التصريحات إن لم يتبين له الجادة أو لم يقرأ الأمر بشمولية كاملة.

أما على مستوى دول الأمة: فعليها أن تجمع كلمتها وتقوم بإنشاء تحالف بين دولها سياسي واقتصادي وعسكري عاجل بدء بدول الخليج والشام والعراق واليمن ومصر وتركيا وباكستان ثم ماليزيا وأندنوسيا.

هذا واجب عليها مالم فإن المسلمين ودولهم في مهب الريح ليس لهم وزن ولا قيمة، بل هم جغرافيا صراع لمشاريع كبرى تمزقهم الانتماءات إلى هنا وهناك.

ويأتي على رأس واجبها الشرعي إنقاذ غزة بكل وسائل الضغط وعندها ما تستطيع فعله، وتحرير فلسطين كاملة من الواجبات الشرعية ع الأمة، وهذا لا يتحقق إلا بما ذكرنا.

كما أن من واجب الساعة تخليص الأمة من النفوذ والاحتلال الشيعي وأي نوع  من أي مشروع من المشاريع المذكورة.

وحماية الجيل وعقيدته ودينه والوعي بصراع المشاريع الكبرى، وتبصير الأجيال بكل هذا لحمايتهم هكذا ستنهض الأمة لا بتجزيء المشاريع والمصالح أو تجزيء المواقف والتصريحات والفتاوى بدون استيعاب للصورة بكاملها مع البيان والنصح والإعذار.

وأن يكون موقف المسلم والعالم من الحرب القائمة مبنية على صورة كاملة وعلى مناطات شرعية كاملة.

والله من وراء القصد.

 

  • المصدر: صفحته على فيسبوك

ظهرت المقالة قراءة فكرية للدكتور “فضل مراد” حول الموقف الشرعي تجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية