تدهور عجز الميزان التجاري في المغرب ومخاوف من تكرار سيناريو 2022
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

يشهد الميزان التجاري المغربي ضغوطاً متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، مدفوعةً بالارتفاع الحاد في فاتورة واردات الحبوب والمحروقات، وهي المواد التي تعتمد المملكة، شبهَ كليّ، على استيرادها من الأسواق الدولية. ويعزو الخبراء تدهور عجز الميزان التجاري في المغرب إلى ارتباط تلك السلع الحيوية بتقلبات الأسواق العالمية، فضلاً عن العوامل المناخية الداخلية، وعلى رأسها تكرار مواسم الجفاف، ويؤمن المغرب عبر الاستيراد حوالى 94% من حاجياته من المحروقات.

ويؤكد عمر حجيرة، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، أن العجز التجاري ظلّ تحت السيطرة في الأعوام الماضي، قبل أن يتدهور اعتباراً من عام 2022، إذ تفاقم على نحوٍ ملحوظ بفعل التداعيات الاقتصادية العالمية، وقال في مداخلة له أمام لجنة القطاعات الإنتاجية في مجلس النواب، أمس الاثنين، إن العجز التجاري الناجم عن مشتريات الطاقة والحبوب يمثل حوالى نصف العجز التجاري الإجمالي، مضيفاً أن واردات المحروقات والحبوب تخضع لتأثير مباشر لتقلبات الأسعار في السوق العالمية، وقفز عجز الميزان التجاري من حوالى 16 مليار دولار في 2020 و20 مليار درهم في عام 2021، إلى 31 مليار دولار في 2022، قبل أن يستقر عند 30.5 مليار دولار في العام الماضي.

وتأكّد في عام 2022، الذي شهد اضطراب سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار النفط في العالم والحبوب، ارتهان المغرب للتقلبات التي تعرفها الأسواق الدولية. وتفيد بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أن فاتورة الطاقة قفزت في سياق الحرب في أوكرانيا، من 7.57 مليارات دولار في 2021 إلى 15.3 مليار دولار في 2022.

ويستفاد من بيانات مكتب الصرف أن واردات السلع الغذائية ارتفعت في عام 2022 بنسبة 44.9%، مدفوعة بمشتريات القمح، التي انتقلت من 1.42 مليار دولار في 2021 إلى 2.6 مليار دولار.

ويرد ذلك، حسب مكتب الصرف، إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 40.8% في السوق الدولية، وزيادة الكميات المستوردة بنسبة 28.7%، إذ انتقلت من 4.66 ملايين طن في 2021 إلى 6 ملايين طن في 2022. ورغم انخفاض واردات الطاقة إلى 11.4 مليار دولار في العام الماضي ومشتريات القمح إلى أقل من 1.7 مليار دولار، إلّا أن السلعتين ما زالتا تضغطان على الميزان التجاري المغربي، الذي يتدهور عجزة بسبب تقلبات السوق الدولية وتداعيات الجفاف.

ويستحضر محمد الهاكش، الخبير في القطاع الزراعي، مستوى محصول الحبوب المتوقع في العام الحالي، الذي تتوقع وزارة الزراعة، أن ينتظر أن يصل إلى 4.4 ملايين قنطار بزيادة بنسبة 41%، مقارنة بالموسم الماضي، غير أنه يبقى دون انتظارات الحكومة التي راهنت عبر الموازنة على بلوغ إنتاج متوسط في حدود 7 ملايين طن. وأشار في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ ذلك المحصول سيدفع المغرب إلى تكثيف شراء القمح من السوق الدولية، ما من شأنه توسيع عجز الميزان التجاري، علماً أن المطاحن في المغرب تتوقع 5 ملايين من القمح اللين بهدف إنتاج الدقيق، ومليون طن من القمح الصلب.

ويزيد من تعقيد الوضع السياق الجيوسياسي الدولي، خاصة بعد اندلاع المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران، التي أدت بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط، وسط مخاوف من اتساع رقعة التصعيد وتهديد خطوط الإمداد في المنطقة. ويرى الخبير الاقتصادي إدريس الفينا أن هذا التصعيد قد يعيد الاقتصاد المغربي إلى مربع الخطر، من خلال زيادة جديدة في أسعار الطاقة والغذاء، ويضيف الفينا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المغرب قد يواجه موجة تضخّمية جديدة إذا استمر ارتفاع أسعار الواردات، مشيراً إلى أن أزمة عام 2022، التي تزامنت مع الحرب في أوكرانيا، كانت قد دفعت التضخم إلى 6.6%، بسبب ارتفاع أسعار القمح والنفط. وهو سيناريو مرشح للتكرار في ظل اشتعال الأوضاع الإقليمية مجدداً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية