
في خطوة جديدة تهدف إلى استعادة الحضور الثقافي المجتمعي في سورية بعد سنوات من الحرب والتهميش، أعلن بنهاية الشهر الماضي، في مدينة سلمية بمحافظة حماة السورية، عن تأسيس "تجمع كلمة الثقافي"، بدعم من "جمعية أصدقاء سلمية"، وحضور عدد من الشعراء والأدباء السوريين.
إطلاق هذا التجمع يأتي ضمن مبادرات ثقافية متنامية تشهدها بعض المناطق خارج العاصمة دمشق، في محاولة لخلق فضاء مستقل للأدب والفكر. وذكرت الشاعرة والكاتبة السورية إباء الخطيب، وهي من مؤسسي التجمع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الفكرة انطلقت من إيمان مجموعة من أدباء سلمية بأثر الكلمة في الوعي الفردي والجمعي. وأضافت: "كنا بعيدين عن الفعل الثقافي خلال الحقبة الماضية بسبب الشعور باللاجدوى. واليوم نحاول تأسيس مشروع حقيقي".
ويسعى التجمع، وفقاً للخطيب، إلى النهوض بالحالة الثقافية محلياً عبر آليات تشمل دعم المواهب الشابة، وتأمين بيئة محفّزة للإبداع، والتشبيك مع المبادرات الثقافية المماثلة داخل البلاد وخارجها، لافتة إلى الصعوبات التي تعترض نجاح مشروع التجمع، وتتمثل في أولويات الاستقرار شرطاً أول للبناء، ومن ثم محاولة الاستقطاب الشعبي لمشروعه.
استعادة الحضور الثقافي المجتمعي بعد سنوات من الحرب
كما يؤكد المؤسسون التزامهم بالاستقلالية والعمل الجاد، والانفتاح على التعاون مع كل من يؤمن بالكلمة أداةَ تفكير وتغيير. وشهدت فعاليات التأسيس، التي أُقيمت بنهاية الشهر الفائت في مقر "جمعية أصدقاء سلمية" مشاركة أدبية واسعة، إذ استضافت القاصة روعة سنبل، والشاعرين هانيبال عزوز ومحمد العثمان، إلى جانب أمسية شعرية جمعت حسن بعيتي وسعد الدين كليب وفدوى عبود، كما ألقى الناقد مازن أكثم سليمان محاضرة بعنوان "ملامح موضوعية وفنية من الشعر السوري في زمن الثورة والحرب".
ويضم التجمع عدداً من الأدباء الذين يسعون إلى إعادة الزخم للحياة الثقافية السورية، بعدما واجهت سنوات طويلة من التهميش، سواء بفعل الحرب، أو بسبب السياسات الرسمية التي ربطت العمل الثقافي بالصوت الواحد للحزب الحاكم، وسعت إلى تنميطه وإخضاعه لأجندات الأدلجة الرسمية.
ويشدّد المؤسسون على أن التجمع يُعد كياناً حيّاً قابلاً للتطور، يطمح إلى خدمة قيم الجمال والعدالة. وهي إشارة واضحة إلى وعيٍ متجدد بدور الثقافة ومكانتها في سورية اليوم. المبادرة التي أطلقها كلّ من ديمة قاسم، ومحمد المير غالب، وهانيبال عزوز، وعبد الله القصير، ومروى سيفو، وأحمد الأقرع، وماهر القطريب، ونغم حيدر، بالإضافة إلى الخطيب، تكتسب أهميتها في ظل غياب سياسة ثقافية واضحة منذ تشكيل الحكومة السورية الجديدة، إلى جانب تقاعس وزارة الثقافة عن إطلاق مشاريع حقيقية تُعنى بالثقافة المجتمعية في بلد ما زال يعاني من آثار الاستبداد والحرب
