
أهلي
أفاد رئيس مؤسسة الأسرى والمختطفين في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الشيخ “هادي الهيج”، بأن ملف المختطفين والأسرى ما يزال رهينة لتعنت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب ومصالحها الشخصية، وارتباطاتها الإقليمية بإيران.
جاء ذلك في تصريح مصوّر أدلى به لـ“بران برس”، تحدث فيه عن تطورات ملف الأسرى والمختطفين منذ توقيع اتفاق استكهولم حتى الآن، مستعرضًا جوانب من سير المفاوضات عبر الوساطات المحلية والدولية، وأبرز العراقيل التي تحول دون إطلاق الأسرى والمختطفين وفق قاعدة “الكل مقابل الكل”.
*لمشاهدة التصريح.. اضغط هنــــــــــــــــا
الاتفاقية الأصل
في البداية تحدث الشيخ الهيج، عن اتفاق ستوكهولم الذي وقعته الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مع جماعة الحوثي برعاية الأمم المتحدة في العام 2018، والذي قال إنه تضمن عدة خطوات: الأولى إخراج جميع الأسرى والمحتجزين من الطرفين. والثانية تشكيل لجنة لزيارة السجون وإخراج الموجودين فيها على ذمة الأحداث. والثالثة تبادل الجثامين. والرابعة نزول فريق من الصليب الأحمر والأطراف إلى الجبهات لانتشال الجثامين وتحديد هوياتها.
وقال إنه حدث تعثر في تنفيذ هذا الاتفاق، حيث فسّر مكتب المبعوث الأممي الاتفاق تفسيرًا آخر، وهو تنفيذه خطوة خطوة وصولًا إلى “الكل مقابل الكل”. ولهذا قال: بدأنا في الانتقال لهذه الخطوات، وأصبح الملف كما يزعم جميع الناس بأنه بات موسميًا.
وأضاف: بدأنا التحاور على الخطوات من عام 2018، وتوصلنا إلى النتيجة الأولى في أكتوبر 2020، ثم انتقلنا للتفاوض على الخطوة الثانية وكانت النتيجة في أبريل 2023، ثم جاءت الخطوة الثالثة التي نحن بصددها، والتي لم تصل إلى نتائج حتى الآن.
وشدد على أهمية التمسّك بالاتفاقيات الأصل على أساس إخراج جميع الأشخاص بدلًا من تجزئتهم والاختلاف حولهم.
تعنت حوثي
حمل الهيج، جماعة الحوثي مسؤولية التعنت في المفاوضات. موضحًا أن الحوثي يصر على إخراج عدد محدد، وتخضع الأمم المتحدة لهذا التعنت، وبعد حوار شديد نصل إلى نتيجة عدد محدد، وليس النتيجة المطلوبة والمحددة في الاتفاق.
وأكد أن ما سبق “تفاهمات”، ولا تمثّل الاتفاقية الأساسية التي هي اتفاقية استكهولم التي تنص على إطلاق “الكل مقابل الكل”.
دائرة مفرغة
في سياق حديثه عن مستجدات ملف الأسرى والمختطفين، قال الهيج، إن الحديث مستمر حوله، وأن “التواصل مع الأمم المتحدة لا يزال قائمًا يوميًا، وأبلغناهم جاهزيتنا لكنهم لم يحددوا لنا موعدًا محددًا.
وأوضح أن الذي يساعد في دفع الملف إلى الأمام، وتنفيذ الصفقات هم الأشقاء، خاصة الأخوة السعوديين، الذين حاولوا قدر الإمكان أن نصل إلى توافقات. بل وصلوا إلى حد تأخير أسراهم لكي نصل إلى توافقات.
وكشف عن لقاءات جرت مع العديد من الوسطاء المحليين خلال هذه الفترة، وآخرهم شخص يدعى “جليل عبدالسلام”. تناقشنا معه كثيرًا في قضية إخراج “الكل مقابل الكل”، ومع ذلك، لا يوجد رؤية واضحة للوصول إلى هذا الهدف.
واستعرض الهيج، تفاصيل المحاولات مع الوسطاء المحليين على فترات، منهم وسطاء زعموا أنهم “مفوضون من قبل الحوثي تفويضًا كاملًا”، وقدموا عرضًا حوثيًا بزيارة قحطان مقابل زيارة مجموعة من أسرى الحوثي.
وقال إن الحكومة وافقت على العديد من المقترحات التي قدمها الوسطاء رغم سقفها العالي بهدف تجاوز العقبات وتبديد أي اتهامات لها بالتعنت، بما فيها زيارة قحطان مقابل زيارة 100 من أسرى الحوثي، ومقترح آخر بزيارة 50 أسير حوثي قبل زيارة قحطان و50 بعدها.
وأضاف الهيج، أنه رغم الموافقة على هذه المقترحات إلا أنه بعد عودة الوسطاء أبلغونا بأن الحوثي يطلب اشتراطات جديدة منها الاتفاق على أعداد قبل الزيارات على أساس 250 من الجبهات و100 من المختطفين.
وطبقًا للهيج، فإنه رغم موافقة الحكومة على المقترح الجديد إلا أن الوسطاء عادوا مجددًا بمطالب حوثية جديدة، وشروط تعجيزية، وهو ما أدى إلى توقف المفاوضات بعد عجز الوسطاء عن التوصل إلى نتائج مع الحوثي.
وفي هذا السياق، كشف الهيج، عن “مبادرة جديدة” تقدم بها الوسطاء تشمل 300 أسير و100 مختطف. ورغم موافقة الحكومة عليها، إلا أنه “حتى الآن لم يتم التوصل إلى نتائج”.
كما تحدث عن وساطة ثالثة تضمّنت مقترحًا يتجاوز السياسي محمد قحطان، وهو الأمر الذي رفضته الحكومة باعتبارها “خطوة غير عملية”. معتبرًا موافقة الحكومة على تجاوز قحطان، يعني أن الحكم عليه بالسجن المؤبد، أو الموافقة على إعدامه. وقال الهيج: “لا نريد ولا نستطيع أن نوافق على إعدام محمد قحطان، أو سجنه المؤبد”.
وأضاف: لم نطلب بإخراج قحطان ابتداءً، بل طلبنا زيارته من قبل أهله ليطمئنوا عليه. فقحطان قضى أكثر من 11 عامًا في السجن، وهو مدني لا علاقة له بالجبهات، وعمره الآن 80 عامًا.
موقف أخلاقي
أكد الهيج، أن “جميع الأطراف متفقة على قضية قحطان؛ لأنها أصبحت تمثل موقفًا أخلاقيًا”. وأضاف: لقد خرج العديد من الأسرى، بمن فيهم الأربعة المشمولين بالقرار الأممي، ثلاثة منهم خرجوا ولم يبق إلا قحطان.
وتساءل ما هو العذر أمام قضية قحطان؟، مشددًا على ضرورة السماح لأهله بزيارته، ومن ثم الانتقال بعدها لتنفيذ عمليات التبادل.
وجدد التأكيد على ضرورة أن يكون ملف المحتجزين ملفًا إنسانيًا بحتًا، ولا يرتبط بالملفات السياسية. مستغربًا استمرار التعنت الحوثي “دون مبرر واضح”، مرجحًا أن يكون “هناك مصالح شخصية وراء هذا التعنت.
مشروع استثماري
في حديثه لـ“بران برس”، اتهم الهيج، جماعة الحوثي بالاستفادة ماليًا من وراء استمرار المختطفين والأسرى.
وقال إن المحتجزين أصبحوا “بزنس” بالنسبة للحوثيين، مضيفًا أنهم يفرضون على الأهالي إرسال المبالغ لذويهم بأسماء عناصر حوثية داخل السجن، والتي تقوم باستقطاع جزء كبير من المبلغ.
وعبّر عن خشيته من أن هذا الأمر يجعل الملف “كأنه مشروع استثماري وليس إنسانيًا”. مشددًا على ضرورة أن يظل ملفًا إنسانيًا بحتًا.
ابتزاز إيراني
وبالإضافة إلى ما سبق، كشف الهيج، عن أن ملف المحتجزين بات يخضع للابتزاز السياسي الإيراني، يتحرك ويتوقف بناء على تطورات الملف النووي الإيراني.
وقال: إذا تحركت جبهة إيران تحرك الملف، وإذا بردت برد وهكذا. موضحًا أنه لما تصاعد الخلاف الإيراني الأمريكي حول النووي توقف تمامًا، ولما حصلت بعض التفاهمات بينهما بدأ الملف يتحرك قليلًا.
وأضاف: لا نريد أن يخضع الملف لضغوط سياسية خارجية أو داخلية.. نريد أن يكون ملفًا إنسانيًا بحتًا. مؤكدًا أن الحكومة شديدة الحرص على عدم ربط ملف المختطفين بأي ملفات أخرى سياسية أو اقتصادية أو غيرها.
هروب للإعلام
واتهم الشيخ الهيج، الحوثيين بالهروب إلى الإعلام حينما يحشرون في زاوية الموقف الأخلاقي والإنساني، معتبرًا هذا عيبًا “لأن الهروب إلى الإعلام تلاعب بمشاعر أهالي المحتجزين والمحتجزين أنفسهم”.
واستعرض بعض التصريحات التي الحوثية التي قال إنها تضمّنت “كلامًا لا صحة له، وكذب محظ”. ومنها ما صرح به رئيس لجنة شؤون الأسرى الحوثية عبدالقادر المرتضى، بأن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لا تريد إطلاق السياسي قحطان. وقال: بالعكس نحن نريد زيارة قحطان وليس فقط إخراجه، وهم يبتزونا بقحطان، ابتزاز رخيص. لافتًا إلى الرمزية والقيمة الكبيرة التي يمثلها قحطان في المجتمع اليمني.
ولفت إلى ما حصل في مشاورات عمان، حينما ثارت الدنيا من أجل قحطان، ومن قبل كل الأطراف. وقال: لا نريد أن يكون ملف المحتجزين ملفًا للإثارة، ولهذا أكدنا على زيارة قحطان من قبل أهله، ومن ثم نتعامل مع الموقف كاملًا.
انتقاد ودعوة
جدد الهيج، انتقاد رئيس لجنة الحوثيين عبدالقادر المرتضى، مستغربًا أن يكون السجان (عبدالقادر المرتضى)، مفاوضًا. وقال: عندما نتفاوض مع شخص له هذه الطبيعة فإن الأمور لا تسير بشكل جيد. داعيًا الحوثيين لإبعاد المرتضى، عن السجون أو استبداله بمفاوض آخر مثل ناصر قرشة، الذي كان مفاوضًا سابقًا للجماعة.
ووجه الشيخ الهيج، رسالة إلى الحوثيين دعاهم فيها للإبعاد الملف الإنساني عن الملفات السياسية والعسكرية، وأن يُبعدوا الملف الإنساني عن الملف الدولي أو الإقليمي وجعله ملفًا إنسانيًا بحتًا، إضافة إلى تحديد مفاوض لا علاقة له بالسجن، بحيث يكون قادرًا على التعامل مع الملف بطريقة إنسانية.