
تواصل السلطات الرسمية في لبنان رفع حال التأهّب لمواكبة التطورات الكبرى التي تشهدها المنطقة وعرض الإجراءات الواجب اتخاذها للمحافظة على الاستقرار في البلاد وتثبيت الحياد المستمرّ منذ فجر يوم الجمعة، تاريخ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران. وعقد مجلس الوزراء اللبناني اليوم الاثنين جلسة في قصر بعبدا الجمهوري برئاسة الرئيس جوزاف عون أقرّت بعض البنود الواردة على جدول الأعمال وتعيينات دبلوماسية وبحثت التطورات الحاصلة في المنطقة عقب الحرب الإسرائيلية الإيرانية والإجراءات المتخذة للمحافظة على الاستقرار، والمرتبطة بالمرفق الجوي، وملف السلاح الفلسطيني الذي كان من المقرّر أن يبدأ سحبه اليوم من مخيمات في بيروت.
وقال عون في مستهل الجلسة، إن "الوضع في المنطقة دقيق وأودّ أن أشيد بموقف الفعاليات اللبنانية كافة للمحافظة على الاستقرار خصوصاً في لبنان مع موسم صيف واعد"، معربًا عن أسفه لإغلاق مطار بيروت من وقتٍ لآخر نظراً للظروف الأمنية، منوهاً "بدور وزير الأشغال العامة والنقل الذي يقوم بدور مهم لمعالجة أوضاع الطيران"، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة فعل "المستحيل" لإبعاد لبنان عن الصراعات التي لا علاقة له بها.
من جهته، كرّر رئيس الوزراء نواف سلام إدانته للعدوان الإسرائيلي على إيران، معتبرًا أنه "يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيادة إيران وتداعياته تهدد استقرار المنطقة بأشملها لا بل السلم العالمي"، مكرراً "ضرورة استمرار العمل على تثبيت الاستقرار ولا سيما في الجنوب والحؤول دون زجّ لبنان أو توريطه في الحرب الإقليمية الدائرة مما يؤثر سلباً على تعافيه الذي نعمل جميعاً عليه وما قد يترتب من جراء ذلك من تداعيات لا مصلحة لنا فيها وأعباء لا قدرة لنا على تحمّلها".
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان واكب منذ اللحظة الأولى الأحداث، وسارع إلى التواصل مع حزب الله عبر الجيش اللبناني من أجل عدم الانخراط بالحرب الدائرة، وكذلك فعل مع المسؤولين الفلسطينيين لعدم تحويل الأراضي اللبنانية إلى منصّة أو ساحة لإطلاق الصواريخ أو تنفيذ أي عملية، وعزّز من جانبه الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب تحسّباً لأي عمل أمني". وأشارت المصادر إلى أنّ "التواصل مستمرّ مع حزب الله والمجموعات الفلسطينية وكل القوى التي كانت مشاركة في حرب إسناد غزة من أجل عدم إدخال لبنان في الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وهناك ارتياح لمسار الأمور حتى اللحظة، ولكن المخاوف موجودة من جهات غير منضبطة، كذلك من منحى الأمور في الفترة المقبلة". ولفتت المصادر أيضاً إلى أن "هناك إجراءات تشمل المرفق الجوي بالدرجة الأولى ويتم اتخاذ القرار بما يخصّ الرحلات تبعاً للتطورات".
من جانبه، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب الله يقف إلى جانب إيران، وله كل الثقة بقدراتها ولا سيما العسكرية وفي مواجهة الاحتلال، المدعوم أيضاً من الولايات المتحدة الأميركية، ولن يتمكن العدو من النيل منها أو التأثير على خياراتها، وهو ما عبّر عنه الأمين العام للحزب نعيم قاسم"، مشيراً إلى أن "كل المواقف تصدر بشكل رسمي عن الحزب أو الأمين العام، الذي شدد على تأييد إيران في حقوقها وفي كل ما تتخذه من إجراءات للدفاع عن نفسها وخياراتها".
ملف سلاح المخيمات في لبنان
وفيما يخص ملف سلاح المخيمات الفلسطينية، أكد نواف سلام خلال الجلسة التزام لبنان بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس حول حصرية السلاح بيد الدولة ومتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية والعمل على تحسين الظروف المعيشية فيها. وتابع سلام "كنت بادرت إلى الطلب من عباس والسلطات الفلسطينية بوضع الالتزامات موضع التنفيذ وترأست اجتماعات للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ولأجل هذه الغاية بدأنا العمل الجاد على ذلك منذ 22 مايو". وأوضح سلام أنه "لم يصدر من جهتنا أي إعلان لأي موعد رسمي للبدء بتسليم السلاح أو تحديد أي مكان سوف تبدأ منه هذه العملية"، مشدداً على أن "التواصل دائم مع الجهات الفلسطينية لترجمة هذه الالتزامات عملياً ودون إبطاء".
مع العلم أن كان عون قد أعلن في 26 مايو/أيار، أنه أبلغ وفداً من الكونغرس الأميركي أن المحادثات التي أجراها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس كانت جيدة وأدت إلى اتفاق على تطبيق مبدأ حصرية السلاح على المخيمات الفلسطينية، مع تشكيل لجان مشتركة لتنفيذ ما اتفق عليه، مشيراً إلى أن تسليم السلاح سيبدأ في منتصف شهر يونيو/حزيران، في ثلاثة مخيمات فلسطينية في بيروت. وأوضح مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، أن الموعد كان مبدئياً في 16 يونيو/حزيران الجاري، مشيرًا إلى أنه لم يجر تحديد موعد رسمياً في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة.
استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار
على الصعيد الميداني، تتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، إذ أطلقت قوات الاحتلال اليوم الاثنين، عدداً من القذائف المدفعية باتجاه شمال تلة العويضة في القطاع الشرقي من جنوب لبنان. كذلك، عُثر على مسيّرة إسرائيلية بعد سقوطها في بلدة حولا، وذلك في وقت تواصل طائرات الاحتلال تحليقها على علو منخفض في الأجواء اللبنانية، بما فيها صباحاً في الضاحية الجنوبية لبيروت.
