معلومات أساسية عن النفط والغاز في إيران.. المنشآت والإنتاج والمخاطر
عربي
منذ 8 ساعات
مشاركة

قصفت إسرائيل منشأة في حقل بارس الجنوبي للغاز في إيران، يوم السبت، في أول هجوم مباشر على قطاع النفط والغاز الإيراني، ضمن ما وصفتها الحكومة الإسرائيلية بأنها "عملية طويلة الأمد تهدف إلى منع طهران من صنع سلاح نووي". وأعلنت إيران تعليق إنتاج الغاز في جزء من حقل بارس الجنوبي، أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، والذي يقع تحت مياه الخليج وتتقاسمه مع قطر، أكبر مصدر للغاز المسال عالميًّا. وأكدت السلطات الإيرانية، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، أن إسرائيل قصفت أيضًا مستودع وقود في طهران ومصفاة نفط قرب العاصمة، مشيرة إلى أن "الوضع تحت السيطرة". فيما يلي بعض الحقائق عن قطاع الطاقة في إيران وصادراتها:

حقل بارس الجنوبي: قلب صناعة الغاز الإيراني

تنتج إيران الغاز الطبيعي من حقل بارس الجنوبي البحري، الذي يشكل حوالي ثلث أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم. وتتشارك هذا الحقل مع قطر، التي تطلق على حقلها اسم "حقل غاز الشمال". وبسبب العقوبات والقيود التقنية، يخصَص معظم الغاز الذي تنتجه طهران من حقل بارس الجنوبي للاستخدام المحلي في إيران. وتظهر بيانات صادرة عن منتدى الدول المصدرة للغاز أن إجمالي إنتاج إيران من الغاز الطبيعي بلغ 266.25 مليار متر مكعب في عام 2023، فيما وصل الاستهلاك المحلي إلى 255.5 مليار متر مكعب، وذكر المنتدى أنه جرى تصدير حوالي 15.8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بحسب ما نقلته "رويترز".

وأصاب هجوم، أمس السبت، أربع وحدات من المرحلة 14 من حقل بارس الجنوبي، على بعد حوالي 200 كيلومتر من منشآت الغاز القطرية، والكثير منها عبارة عن مشروعات مشتركة مع شركات طاقة دولية كبرى، منها شركتا إكسون موبيل وكونوكو فيليبس الأميركيتان العملاقتان. وحققت الدوحة مئات المليارات من الدولارات جراء تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق العالمية لما يقرب من ثلاثة عقود. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الحقل بأكمله على ما يقدر بنحو 1800 تريليون قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخدام، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات العالم بأسره لمدة 13 عاماً أو لتوليد ما يكفي من الكهرباء لإنارة الولايات المتحدة لأكثر من 35 عاماً.

العقوبات و"أوبك"

وصل إنتاج النفط الإيراني إلى ذروته في سبعينيات القرن الماضي، مسجلًا 6 ملايين برميل يوميًّا في عام 1974، وهو ما كان يمثل أكثر من 10% من الإنتاج العالمي حينها، بحسب بيانات "أوبك+"، لكن مع اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، فرضت الولايات المتحدة أول حزمة عقوبات على إيران، تبعتها حزم أشد على مرّ العقود.

وفي عام 2018، شددت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب العقوبات عقب انسحابه من الاتفاق النووي، ما أدى إلى هبوط صادرات النفط الإيرانية إلى مستويات شبه معدومة في بعض الأشهر. ومع ذلك، شهدت هذه الصادرات انتعاشة تدريجية في عهد الرئيس جو بايدن، حيث خفّ تطبيق العقوبات، وفق محللين، ونجحت طهران في الالتفاف عليها بوسائل مختلفة، ورغم العقوبات، لا تخضع إيران لقيود منظمة أوبك على الإنتاج، مما يمنحها مرونة نسبية في تصدير النفط عند توفر الفرص.

الصين.. الزبون الأبرز

ووفقًا لبيانات "كبلر"، بلغت صادرات إيران من النفط الخام نحو 1.8 مليون برميل يوميًّا خلال الأشهر الماضية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2018. ويعود الفضل في ذلك إلى الطلب القوي من الصين، حيث تشتري مصافي التكرير الخاصة أغلب الخام الإيراني، رغم إدراج بعضها على قائمة العقوبات الأميركية، وتقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات المفروضة على شركائها التجاريين.

وأدرجت الولايات المتحدة بعض تلك المصافي على قائمة عقوبات وزارة الخزانة في الآونة الأخيرة. وليس هناك أدلة تذكر على أن ذلك أثر سلبًا بشكل كبير في تدفقات الخام من إيران للصين. وتمكنت إيران من الالتفاف على العقوبات لسنوات عبر نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى وإخفاء مواقع الناقلات.

البنية التحتية: قدرات كبيرة تحت الضغط

تُعد إيران ثالث أكبر منتج للنفط في "أوبك"، بمتوسط إنتاج يبلغ 3.3 ملايين برميل يوميًّا، إلى جانب 1.3 مليون برميل من المكثفات وسوائل الغاز، أي ما يعادل نحو 4.5% من الإمدادات العالمية. وتبلغ القدرة الإجمالية لمصافي التكرير الإيرانية نحو 2.6 مليون برميل يوميًّا، بحسب شركة "إف.جي.إي" للاستشارات. وفي مايو/أيار الماضي، صدّرت إيران قرابة 750 ألف برميل يوميًّا من المنتجات النفطية، بينها غاز البترول المسال، وفق بيانات "كبلر". .أما على صعيد الغاز، فتنتج إيران نحو 34 مليار قدم مكعبة يوميًّا، أي ما يقارب 7% من الإنتاج العالمي، ويُستهلك هذا الإنتاج بالكامل داخل البلاد، بحسب ما ذكرت شركة "إف.جي.إي".

وتتركز مرافق النفط والغاز الإيرانية في الجنوب الغربي من البلاد. وتُنتج أغلب كميات النفط في إقليم خوزستان، في حين يجري استخراج الغاز في إقليم بوشهر، خاصة من حقل بارس الجنوبي، الذي يمثل العمود الفقري لقطاع الطاقة الإيراني. وتُصدر إيران نحو 90% من نفطها الخام عبر جزيرة خرج الواقعة في الخليج.

تأثير الضربات واحتمالات التعويض

ويقول محللون إن السعودية وأعضاء آخرين في "أوبك" يمكنهم تعويض انخفاض الإمدادات الإيرانية باستغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لضخ مزيد من الخام. ورغم أن عددًا من المنتجين في المجموعة يعملون حاليًّا على رفع أهداف الإنتاج، فإن قدراتهم الفائضة تعاني من الضغوط. لكن هذه الإمكانيات ليست محصنة أمام التحديات، إذ تعاني من ضغوط متعددة ناجمة عن التزامات المنظمة بالإبقاء على توازن السوق، والسياسات الإنتاجية المتغيرة، وتذبذب الطلب العالمي في ظل تحوّل تدريجي نحو مصادر الطاقة المتجددة، كما أن بعض الدول المنتجة تواجه صعوبات داخلية أو فنية قد تحد من قدرتها على الاستجابة السريعة لاضطرابات في الإمدادات.

وتتزامن هذه التطورات مع مخاوف من أن أي تصعيد إضافي في استهداف منشآت الغاز أو النفط الإيرانية، لا سيما في منطقة الخليج الحساسة، قد يؤثر بشكل مباشر في أمن الطاقة العالمي، ويرفع أسعار النفط والغاز، وهو ما قد يتسبب بموجة تضخمية جديدة عالميًّا. كما أن الأسواق الإقليمية، خاصة في آسيا وأوروبا، تراقب التطورات من كثب تحسبًا لأي نقص مفاجئ في الإمدادات أو اضطرابات في سلاسل النقل.

في ظل التصعيد الأخير واستهداف منشآت في حقل بارس الجنوبي، تتزايد المخاوف من أن يتحول هذا المورد الاستراتيجي إلى ساحة مواجهة جديدة في صراع معقد يمتد من النووي إلى الطاقة. فرغم أن الحقل يشكّل شريانًا حيويًّا للاقتصاد الإيراني ومصدرًا رئيسيًّا لاستهلاك الغاز المحلي، فإن استهدافه يكشف هشاشة البنية التحتية أمام ضربات دقيقة، ويضع قدرة طهران على ضمان أمن الطاقة الداخلي والإقليمي على المحك.

كما يُهدد بتقويض أي آمال إيرانية مستقبلية في التوسع التصديري بمجال الغاز، لا سيما في ظل المنافسة الإقليمية الشرسة ومحدودية خيارات الالتفاف على العقوبات. ومع استمرار التوتر، يبدو أن حقل بارس لم يعد مجرد مورد طبيعي، بل أصبح ورقة جيوسياسية في معادلة متقلبة قد تعيد رسم خريطة أمن الطاقة في المنطقة.

(رويترز، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية