لي جاي ميونغ رئيساً لكوريا الجنوبية: تحوّل في العلاقات مع الصين؟
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

كان الرئيس الصيني شي جين بينغ، من أوائل المهنئين بانتخاب لي جاي ميونغ من الحزب الديمقراطي الكوري، رئيساً لكوريا الجنوبية، والذي أدى الأربعاء الماضي، اليمين الدستورية لولاية مدتها خمس سنوات. وأكد شي في رسالة تهنئة بعد ساعات قليلة من تنصيب لي، أن بكين تولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع سيول وسط مشهد عالمي متقلب، وأن بلاده على استعداد للعمل مع كوريا الجنوبية للتمسك بالروح التي قادت إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل أكثر من ثلاثة عقود، عام 1922. وأبدى الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، في أول خطاب خلال تنصيبه، انفتاحاً على الحوار مع كوريا الشمالية، فيما يعرف حزبه المهيمن على البرلمان بـ170 مقعداً من أصل 300، بأجندة منتقدة لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة على حساب الدول الجارة، ومن بينها الصين.

انتخاب لي جاي ميونغ نقطة تحوّل

في تعليقها على التطورات في كوريا الجنوبية، والتي نجمت عن الفوضى السياسية التي أحدثتها محاولة الرئيس السابق المعزول يون سوك يول، فرض الأحكام العرفية نهاية العام الماضي، قالت وسائل إعلام صينية، إن انتخاب لي جاي ميونغ يمثل نقطة انطلاق جديدة في تطوير العلاقات بين بكين وسيول. وأضافت أن السياسة الخارجية للرئيس الجديد ستتميز بالبراغماتية والمرونة والإلحاح الاقتصادي (سياسات اقتصادية جدية)، وهو ما يمثل انحرافاً عن توجهات سلفه يون سوك يول، الذي قاد البلاد إلى التحالف بشكل أكبر مع الولايات المتحدة. ولفتت إلى أن أي تحسن في العلاقات بين البلدين، قد يكون مقيّداً بالموقف الحساس لكوريا الجنوبية داخل مسارين: ديناميكية الصين وكوريا الجنوبية واليابان، وتحالف كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، مضيفة أن طموحات الموقف الكوري الجنوبي في الحفاظ على نهج متوازن بين بكين وواشنطن ستظل محل اختبار.

وأُجريت الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية عقب عزل الرئيس السابق يون سوك يول. وتعهّد لي، في خطابه أمام البرلمان الأربعاء الماضي، ببدء إدارته باستعادة سبل عيش الشعب وإنعاش الاقتصاد. وفي الشؤون الخارجية، شدد على دبلوماسية براغماتية تسترشد بالمصالح الوطنية ونهج عملي في العلاقات مع الدول المجاورة. وتعهد بإزالة القيود التنظيمية من أجل تعزيز الابتكار والنمو في قطاع الأعمال، وأكد إعادة فتح قنوات الحوار مع كوريا الشمالية مع الحفاظ على تحالف أمني متين مع الولايات المتحدة.

وكان لي جاي ميونغ قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإصلاح العلاقات المتوترة مع الصين وكوريا الشمالية، وأكد دور الصين المحوري في المنطقة. وسبق أن صرّح بأن الدبلوماسية البراغماتية يجب أن تتجاوز الأيديولوجية، مؤكداً أن كوريا الجنوبية لا تستطيع التخلي عن علاقاتها مع الصين لأن اقتصادي البلدين متشابكان بعمق، والجغرافيا تجعل الانفصال مستحيلاً، على حد قوله. وبحسب تقارير كورية جنوبية، فإن براغماتية لي الدبلوماسية تُشير إلى إعادة ضبط البوصلة الاستراتيجية لسياسة البلاد الخارجية، خصوصاً ما يتعلق بالسياسة تجاه بيونغ يانغ، مشيرةً إلى رفضه الانحصار في خيارات ثنائية.

تحديات كبيرة

في هذا الصدد قال الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية، فيكتور وانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن أمام الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب، تحديات كبيرة "يأتي في مقدمتها الملف الكوري الشمالي، وضبط العلاقات مع الصين، وإعادة تشكيل الإنفاق الدفاعي، وكذلك موقف سيول تجاه الصراع المحتمل بشأن تايوان (التي تعدها الصين جزءاً من أراضيها)". وبرأيه فبالتالي "يبدو الأمر، أشبه بالسير على حبل مشدود بين التحالف مع الولايات المتحدة، والتقارب مع الصين للنهوض باقتصاد البلاد والتخفيف من أعباء الضغوط الشعبي".

فيكتور وانغ: التقارب الأخير بين واشنطن وموسكو كان وسيلة للضغط على بكين، ويمكن أن يفيد سيول 

وأشار في هذا السياق إلى مقابلة سابقة للرئيس لي جاي ميونغ، مع مجلة تايم الأميركية، نُشرت في مايو/أيار الماضي، قال فيها إن القوات الأميركية في كوريا الجنوبية يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في سياسة الولايات المتحدة لاحتواء الصين. وأضاف لي جاي ميونغ أن التقارب الأخير بين واشنطن وموسكو (بعد عودة دونالد ترامب على البيت الأبيض) كان وسيلة للضغط على بكين، ويمكن أن يفيد سيول مع احتمال فتح طرق الشحن في القطب الشمالي. ولفت إلى أن ذلك قد يوفر مزايا استراتيجية، ليس فقط للولايات المتحدة وروسيا، بل أيضاً لكوريا الجنوبية. وأوضح فيكتور وانغ أن هذه التصريحات جاءت في إطار حملة لي جاي ميونغ الانتخابية، "وليس بالضرورة أن تعكس توجهاً حقيقياً، ومع ذلك فإن مستقبل علاقات سيول الخارجية وتحالفها مع واشنطن سيبقى معلقاً في الميزان خلال الأشهر الأولى (من ولايته)، إلى أن تتضح ملامح سياسة لي الخارجية، خصوصاً ما يتصل بالعلاقة مع الصين وتايوان".

من جهته، قال الأستاذ في جامعة صن يات سن (الصين)، ليو تشوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "بكين تتطلع إلى أن تُسهم سياسة الرئيس لي الخارجية الموجهة نحو المصلحة الوطنية، في دفع العلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية نحو زخم إيجابي". وأضاف أن بكين "تأمل أن يعيد لي ضبط الدبلوماسية الأحادية التي انتهجتها إدارة يون السابقة، والعودة إلى سياسة كوريا الجنوبية التقليدية القائمة على الدبلوماسية المتوازنة"، مشيراً إلى أن "نهج يون لم يفشل في جعل كوريا الجنوبية دولة محورية عالمية، كما صرّح سابقاً، بل جرّ البلاد أيضاً إلى حالة من عدم اليقين".

 ليو تشوان: تمركز القوات الأميركية في الأراضي الكورية الجنوبية، كبّد البلاد خسائر كبيرة

وهناك حاجة ماسة، وفق ليو تشوان، لإصلاح جميع الأضرار الناجمة عن الممارسات الخاطئة السابقة "منها المبالغة في الرهان على الحماية الأميركية، والانصياع لضغوط الولايات المتحدة وتدخلاتها في مسألة الإنفاق الدفاعي، والعلاقة مع الجوار". وقال إن "تمركز القوات الأميركية في الأراضي الكورية الجنوبية، كبّد البلاد خسائر كبيرة، ما أثّر بصورة مباشرة على الاقتصاد ومعيشة السكان، فيما شهدت العلاقات الصينية الكورية الجنوبية أدنى مستوياتها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين". وبرأيه فإن هناك "مصالح مشتركة في تحسين العلاقات بين بكين وسيول وتعزيزها، تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والحفاظ على هامش من الإملاءات الأميركية"، إلى جانب "الالتزام بسياسة خارجية مستقلة، لا تستهدف أطرافاً أخرى، وتسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية