"أسطول الحرية" يجسّد صلابة مادلين "بنت البحر الغزّاوية"
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

تكريماً لصمود الشابة الفلسطينية مادلين كُلاب أمام همجية الاحتلال الإسرائيلي وتحدّيها للفقر والجوع والعادات المجتمعية في قطاع غزة، اختار النشطاء المشاركون في اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، إطلاق اسم "مادلين" على سفينة المساعدات الإنسانية التابعة لـ"أسطول الحرية".

مادلين، التي اشتهرت بأنها أول وأصغر صيادة أسماك في قطاع غزة، تحوّلت قصة كفاحها إلى رمز للمقاومة المدنية الفلسطينية في وجه الحصار الإسرائيلي والظروف الاقتصادية القاسية في القطاع. وبحسب منظمة "العربية لحماية الطبيعة"، بدأت مادلين رحلتها مع البحر وهي طفلة تمارس هواية الصيد رفقة والدها محمد، أحد صيادي غزة المعروفين، لكن هوايتها تحولت إلى مهنة في عمر الثالثة عشرة بعد مرض والدها الشديد وإصابته بالشلل وتوقفه عن العمل، ما دفعها لتحمل المسؤولية وإعالة أسرتها، لأنها كانت الابنة الأكبر بين أشقائها.

وتضيف مادلين أنها واجهت صعوبة بالغة في البداية، "فقد كانت المسؤوليةُ عن القارب تماماً مسألة كبيرة، لكنّنا كنّا بحاجة ماسة للمال للبقاء على قيد الحياة، واضطررتُ إلى تعريض حياتي للخطر حتى نتمكن من العيش". الشابة الفلسطينية التي ورثت هذه المهنة عن والدها، عُرفت بـ"بنت البحر"، كونها أمضت معظم حياتها في البحر، حتى إنّ البعض أطلق عليها لقب "الريّس"، كونها تفهم في كل مجالات الصيد، وتسعى دوماً لمساندة عائلتها وزوجات الصيادين الطامحات إلى مساعدة أزواجهنّ.

واصلت مادلين دراستها بجانب عملها في البحر، واجهت العادات المجتمعية والسفن الحربية الإسرائيلية، والانتهاكات المتكرّرة بحقها، لكنّها لم تستسلم بل ازدادت قوة ولم تتخلَّ عن عشقها للصيد والبحر ومواجهة الأمواج العاتية وغدرها. تُلقي مادلين شباك الصيد بعزمٍ وثباتٍ، لتجسّد بذلك صلابة أهالي غزة وقدرة الشعب الفلسطيني على الصمود في أرضه.

مادلين، الصيادة الوحيدة في غزة، بالإضافة إلى كونها سباحة الإنقاذ المعتمدة الوحيدة، كانت منذ بداياتها في المهنة، تبحر في قارب التجديف، وكان والدها ينتظرها على الشاطئ. وها هي اليوم تواصل رفقة زوجها خضر، تمسّكها بإرادة الحياة وكسر الحصار البحري وتخطّي المفاهيم المجتمعية الظالمة بحق النساء، وتعرب عن فخرها بمهنتها وبما أتقنته بعد تخرّجها من برنامج "فلسطينية" لإدارة الأعمال، حتى صارت صاحبة مشروع "مادلين للسياحة والصيد".

وكان والد مادلين استشهد في غارة جوية معادية قرب منزلهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ما دفع بالعائلة إلى النزوح نحو خان يونس، رفقة مادلين، التي كانت حاملاً في شهرها التاسع، قبل أن ينتقلوا إلى رفح ثم إلى دير البلح، ثم النصيرات. وبعد سماح الجيش الإسرائيلي للنازحين، بالعودة شمالاً، في يناير/كانون الثاني 2025، عادت مادلين وعائلتها إلى ما تبقى من منزلهم في غزة.

أما سفينة "أسطول الحرية" فقد أبحرت في الأول من يونيو/حزيران الجاري، من إيطاليا وباتت قبالة سواحل مدينة مرسى مطروح المصرية، وتواصل الإبحار نحو القطاع المحاصر، في إطار جهود دولية جديدة لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي منشور عبر منصة "إكس"، أوضحت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة أن "السفينة تقترب تدريجياً من سواحل غزة، ومن المتوقع أن تصل خلال الساعات الـ48 القادمة"، محذرة من أن "الساعات القادمة حاسمة وحرجة"، وفق "الأناضول". وفي صفحتها على "الفيسبوك"، كشفت اللجنة أنه من المتوقع أن تعترض البحرية الإسرائيلية سفينة الاحتجاج التابعة لـ"أسطول الحرية"، في خطوة تعكس إصرار الاحتلال على خنق غزة ومنع أي صوت حر من الوصول إليها، وسط حصار يستمر منذ أكثر من 17 عاماً، ورغم إعلان الاحتلال مراقبته مسار السفينة واستعداده لاعتراضها أو سحبها إلى ميناء أشدود، إلّا أن "مادلين" تواصل رحلتها بعزم، مجسدة الصوت العالمي الرافض للحصار والظلم، ومدافعة عن الحق الإنساني في الحرية والحياة الكريمة.

وتحمل السفينة على متنها مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بينها معدات طبية قد تساعد في إغاثة القطاع الصحي الذي دمرته إسرائيل خلال أكثر من 20 شهراً من الإبادة الجماعية التي لا تزال تمارسها في القطاع، ويقود السفينة 12 مدافعاً دولياً عن الحقوق الإنسانية، عدد كبير منهم من فرنسا؛ وبعضهم سبقت له المشاركة ضمن أسطول الحرية وتعرّض للاعتقال على يد الاحتلال الإسرائيلي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية