"العيد الكبير" في اليمن... محاولة فرح رغم الأوجاع
عربي
منذ 13 ساعة
مشاركة

يكتسب عيد الأضحى في اليمن شأناً يفوق أهمية عيد الفطر، وتحرص الأسر على الاحتفال بالعيد وفق الطقوس الدينية والاجتماعية المتوارثة، وعلى رأسها صلاة العيد والأضحية والزيارات

للأعياد الدينية قيمة اعتبارية بارزة لدى المجتمع اليمني الذي يحرص على أن يحيي طقوسها رغم الأوضاع السيئة الناتجة عن الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات، إذ يحاول اليمنيون الاحتفال بالعيد بأي طريقة، حتى وإن كانت البهجة ناقصة.
ويطلق على عيد الأضحى في اليمن اسم "العيد الكبير" تمييزاً له عن عيد الفطر "العيد الصغير"، بينما يطلق عليه في بعض الأرياف اسم "عيد اللحم" لارتباطه بالأضاحي. ويرجع البعض تسمية "العيد الكبير" إلى سُنة التكبير التي تمتد لفترة أطول عنها في عيد الفطر، إذ يبدأ التكبير من صباح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهي 11 و12 و13 ذي الحجة، بينما يبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب شمس ليلة العيد، وينتهي بقيام الإمام لصلاة العيد.
ويحرص اليمنيون في معظم المناطق على أداء صلاة العيد في الساحات العامة التي تسمى "مصلى العيد"، ويجتمع فيها الأهالي لأداء الصلاة التي تكون جامعة لكلّ أبناء المنطقة.
يقول المحاسب أحمد الجرادي، من محافظة ريمة غرب صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن "عيد الأضحى مناسبة اجتماعية بقدر ما هو مناسبة دينية، فهو يعزّز قيم الألفة والمحبة داخل المجتمع، إذ يجتمع الناس لأداء الصلاة في أجواء روحانية مفعمة بالمحبة، ومن ثم يقوم الرجال بذبح الأضاحي، ثم زيارة الأقارب، وتقديم العيدية للأطفال والأرحام من النساء، وتقوم الأسر باستقبال ضيوفها، وتقدم لهم حلويات العيد".
ويعود أفراد الأسر اليمنية من المدن إلى القرى لقضاء إجازة العيد بين الأهل والأقارب، ما يجعله فرصة للمناسبات الاجتماعية، خاصة حفلات الزواج. يقول هيثم محمد العزي، من تعز، لـ"العربي الجديد": "اخترت إقامة حفل زواجي خلال عيد الأضحى كونه مناسبة يعود فيها أخوالي وأعمامي وأصدقائي من المدن إلى القرية لقضاء الإجازة، وهي فرصة قررت استغلالها لإقامة العرس بحضورهم، واللافت أن قريتي الصغيرة ستشهد ما يقارب عشر حفلات زواج خلال أيام العيد".

وتظهر فرحة العيد جلية لدى الأطفال الذين يحرصون على ارتداء الثياب الجديدة، وشراء الألعاب بعد الحصول على العيدية، كما يجدون في العيد فرصة للذهاب إلى الحدائق والمتنزهات بصحبة عوائلهم. يقول الطفل وليد عبد الله مهيوب (11 سنة) لـ"العربي الجديد": "أحرص منذ الصباح الباكر على ارتداء ملابس العيد الجديدة، والذهاب لأداء صلاة العيد بصحبة أبي وإخواني، وبعد الصلاة أحصل على العيدية من أقاربي، بعد ذلك نذهب لرؤية الأضاحي التي تُذبح، وبعد الظهر نذهب مع أفراد الأسرة لزيارة أقاربنا في أول أيام العيد، وفي الأيام التالية نذهب إلى الحديقة أو نقوم برحلات عائلية". 
ولليمنيات طقوسهنّ في العيد، إذ يحرصن على شراء كسوة العيد، والتزيّن، وصنع الحلويات التقليدية، وتجهيز الكعك، كما يغتنمن العيد لتبادل الزيارات مع الأهل والأقارب والصديقات، وكذا المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
تقول مروى الخولاني، وهي طالبة في جامعة صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن "عيد الأضحى يعد أهم مناسبة خلال العام، لذا تحرص غالبية النساء على شراء ملابس العيد، التي تكون في الغالب ملابس تقليدية أو تراثية، وتقوم كثيرات بالتزين من خلال النقش بالخضاب أو الحناء، كما تجتمع نساء الأسرة قبل العيد لإعداد أنواع مختلفة من الكعك والحلويات، وخلال أيام العيد تضع النساء جدولاً للزيارات العائلية، فيجتمعن كل يوم عند واحدة، إضافة إلى المشاركة في حفلات الزواج أو حفلات عقد القِران التي تكثر خلال أيام العيد".

وكما يعد العيد فرصة لتبادل الزيارات العائلية، فإن الأسر اليمنية تحرص أيضاً على زيارة المقابر خلال هذه الأيام. تؤكّد زكية الصعدي، أن "زيارة القبور من أهم الطقوس التي تقوم بها في المناسبات، وتحديداً عيدَي الفطر والأضحى، وقبل زيارة القبور بصحبة أسرتها تقوم بتجهيز أنواع مختلفة من المشاقر (نباتات عطرية) لوضعها على قبور أقاربها المتوفين، وفي يوم العيد تذهب لزيارة المقبرة، وقراءة الفاتحة والسلام على الميتين".
وبالنسبة للأضاحي، تميل معظم الأسر في المدن اليمنية إلى التضحية الفردية عبر شراء خروف أو ماعز، بينما يميل أبناء الأرياف إلى الأضحية التشاركية عبر شراء ثور تشترك فيه أسر عدّة، ويجري الذبح عبر الأهالي أنفسهم في الساحات العامة، ومن ثم يقوم أحد الأهالي بتقسيم الذبيحة إلى أجزاء.

ويأتي العيد الكبير في ظل أوضاع اقتصادية متردية مع انهيار سعر الصرف، وعدم صرف الرواتب في مناطق الحوثيين، وتضاعف الأسعار، ما يجعل فرحة العيد ناقصة لدى معظم الأسر اليمنية. يقول المدرس أحمد العوبلي، من محافظة لحج (جنوب)، لـ"العربي الجديد": "غالبية الأسر اليمنية عاجزة عن شراء أضحية العيد نتيجة الأوضاع المتدهورة، والارتفاع الجنوني للأسعار، إذ وصل سعر الخروف إلى مليون ريال (400 دولار أميركي)، وهو مبلغ يساوي راتب المدرس لمدة سنة كاملة، كما ارتفع سعر الكيلوغرام من اللحوم إلى 30 ألف ريال، ما يجعل العيد بلا طقوس لدى معظم الأسر التي تعاني من قدرة شرائية متدنية للغاية". وحين تنتهي أيام التشريق التي تلي عيد الأضحى، يبدأ الحجاج بالعودة من مكة المكرمة بعد انتهاء شعائر الحج، ويحرص اليمنيون على استقبال الحجاج بالأهازيج والأناشيد الدينية، كما يجتمعون في منزل الحاج العائد لتقديم التهاني.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية