عيد الأضحى في الأردن... فرحة منقوصة تضامناً مع غزة
عربي
منذ 14 ساعة
مشاركة

ازدحمت الأسواق الأردنيّة قبل حلول عيد الأضحى رغم الغلاء والوضع الاقتصادي الصعب، في محاولة للحفاظ على روحيّة العيد ورمزيّته، غير أنّ فرحة العيد لدى الأردنيّين تبقى منقوصة مع استمرار حرب الإبادة والإجرام في غزة

طيلة الأيام  الماضية، تردّد كثيرٌ من الأردنيين إلى الأسواق تحضيراً لاستقبال عيد الأضحى، حيث قصدوا المحال بصحبة أبنائهم لشراء الملابس والحلويات ومستلزمات الضيافة التي لا تخلو منها البيوت في العيد، كالقهوة العربية والمعمول والشوكولاتة، وحبّات السكاكر والحلويات، عدا عن المكسرات. ويُعدّ المعمول من أهم الحلويات التي لا بدّ من توافرها خلال الأعياد، وهناك حشوات مختلفة يمكن تحضير المعمول بها؛ مثل الفستق الحلبي والتمر والجوز وغيرها، بالإضافة إلى السمة الأبرز في العيد؛ وهي الأضاحي التي تبلغ ذروة شرائها يوم عرفة وصباح اليوم الأول من العيد.
ورغم أن العيد مناسبة  دينية واجتماعية للفرح والاستمتاع بطقوسها، لكنه يبقى هاجساً يخيف أرباب أسر كثيرة، ولا سيّما ذوي الدخل المحدود، حيث ترتفع أسعار السلع، ما يدفع بعض العائلات إلى تغيير أولوياتها وعاداتها المتعلقة بالعيد، والتركيز على المتطلبات الأساسية، على حساب شراء مستلزمات العيد، لكن ذلك لا يمنع استمرار عائلات أخرى في مواكبة التقاليد، حتى وإن كانت مكلفة. لكن الأغلبية تحافظ على تقاليد العيد وروحيّتها من خلال زيارات المعايدة، حتى ولو كانت من دون هدايا.
وتقدّم الأسر الأردنية طيلة أيام العيد الكعك والحلوى للضيوف و"العيديّات" للأطفال والنساء، كما تتبادل الزيارات ويصطحب بعضها الأبناء في رحلات إلى أماكن التنزه ومراكز الألعاب والمتاجر المخصّصة لشراء الهدايا. وتظل بهجة العيد عند الأطفال التعبير الأكثر وضوحاً عبر ارتداء ملابس جديدة، وانتظار الأقارب لإعطائهم "عيديّات"، تمهيداً لشراء ألعاب وحلويات.
تقول ميسر علي، وهي ربّة منزل، لـ"العربي الجديد": "اشترينا ملابس جديدة للأطفال وسنذبح أضحية، فالعيد لا يكتمل إلا بفرحة الأطفال وذبح الأضاحي والقيام بزيارات عائلية والتواصل مع الأصدقاء والأقارب. إنها مناسبة دينية واجتماعية، ويجب خلق الأجواء التي تليق بها". وتضيف: "لم تكتمل فرحة العيد خلال العامين الماضيين، فالحرب والإجرام الذي يحدث في غزة، يترك في القلب غصّة، ونتمنى أن تكتمل فرحة العيد بوقف العدوان على الأهل في فلسطين، ونحن نحاول ألا نحرم أبناءنا فرحة العيد، فلا أحد يعلم ماذا سيحدث العام المقبل". وتؤكد ميسر حرصهم الشديد على "زيارة الأقارب والأرحام خلال الأعياد، فالكثير منهم لا نزورهم إلا في الأعياد، خصوصاً من يسكن في مناطق بعيدة، بسبب ضغوط الحياة وانشغالاتها، ودوام الأبناء في المدارس وعمل الزوج".
وفي السياق ذاته، يقول محمد عطيات لـ"العربي الجديد": "إنّ فرحة العيد أكبر بالنسبة للأطفال، أما الكبار فتظل فرحتهم برمزيّة العيد الذي يجلب معه ضغوطاً والتزامات اجتماعية في ظل وضع معيشي صعب يعانيه كثيرون. فالأولوية هي لشراء ملابس الأطفال، وتأمين الحلويات والمستلزمات الضرورية، وتقديم الهدايا و"العيديّات" في إطار علاقات صلة الرحم التي تفرضها الواجبات الاجتماعية والدينية". ويضيف: "العلاقات الإنسانية هي ما يميّز العيد، حيث يبدأ بالصلاة جماعة مع أبناء الحي، ومن ثم تبادل التهاني وزيارة الجيران والأقارب في المنطقة ذاتها، وزيارة المقابر وأهل المتوفين الذين يغيبون عن العيد، ومن ثم تكون الزيارات للأقارب البعيدين قليلاً، فيما تكون الزيارات ثاني أيام العيد للأقارب المقيمين في محافظات أخرى أو على مسافات بعيدة جدّاً".

بدورها، تقول سلوى العبادي لـ"العربي الجديد": "تنطلق مراسم عيد الأضحى فعلياً قبل أيام من العيد، بالنزول إلى الأسواق لشراء ملابس الأطفال، ومستلزمات صناعة كعك العيد، إضافة إلى شراء بعض الحلويات المصنّعة والسكاكر". وترى أنّ فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأضحية، وهذه الطقوس الدينية ينتظرها الأطفال في كل عام، مع ما يتبعها من توزيع اللحوم على الأقارب والجيران، إضافة إلى طقوس شواء اللحوم مع المقربين، ولا سيّما أن عيد الأضحى يأتي هذا العام بالتزامن مع العطلة الصيفية للمدارس، ما يتيح زيارة الأقارب، وربما القيام برحلة عائلية". وتوضح أنه في العادة يذهب زوجها والأبناء للسلام على الأقارب والجيران، فيما تبقى رفقة بناتها في المنزل لاستقبال والدها وإخوانها الذين يأتون للسلام عليها، فيما تكون الزيارات العائلية الكاملة في أيام العيد الأخرى، وليست في اليوم الأول".

ويتحدث أحمد الزيود لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل طقوس عيد الأضحى، مبيّناً أنه "بعد تأدية صلاة العيد، تجتمع العائلة في بيت الوالد لاستقبال المهنئين وتناول المأكولات التقليدية، مثل اللازقيات (السيالات المحشية) والمعمول والراحة، وبعدها يخرج الرجال للمعايدة وإعطاء العيديّة للأطفال وزيارة المقابر. وبعد ذبح الأضاحي، تبدأ العائلات بتحضير وجبة المنسف الشهيرة من أجل مائدة غداء عائلية جماعية". ويشير إلى أن "زيارة الأقارب في المحافظات الأخرى، تتمّ في اليوم الثاني، خصوصاً أنّ أيام العيد عطلة رسمية، ما يدفع الجميع لاستغلالها في الزيارات التي يصعب القيام بها في الأيام العاديّة، والبعض يقرّر القيام بنزهة أو رحلة مع العائلة". ويردف الزيود بالقول: "نحاول الاحتفال بالعيد، لكنّه يبقى ناقصاً، ما لم يتوقف عدوان الاحتلال على غزة، حيث لنا أهل وأشقاء نودّ أن نراهم بأفضل حال. لا تكتمل فرحتنا إلا بانتهاء جرائم الإبادة والحصار الظالم على أهلنا في غزة".

من ناحيتها، تقول الخرّيجة الجامعية إيمان سلامة لـ"العربي الجديد": "مَن لا يعمل يشعر كأنّه عبء على عائلته وعلى الجميع، وبالتالي تكون فرحته منقوصة في كل المناسبات". الشابّة التي تبحث عن عملٍ، تؤكد أهمية التمسك بطقوس العيد "رغم كل الظروف، ومن بينها إعداد المعمول في المنزل وسط أجواء عائلية دافئة". وتضيف: "يأتي الأقارب للتهنئة في اليوم الأول من العيد، وتكون وجبة الغداء عادة عبارة عن طبق منسف جماعي في يوم ذبح الأضاحي، مشيرة إلى أنّ "وسائل التواصل الاجتماعي جعلت التهنئة بالعيد أسهل، وربّما غيّرت بعض العادات وشجّعت على الاكتفاء بالاتصال لمعايدة عدد من الصديقات".
وتقول أمل محمود لـ"العربي الجديد": "فرحة العيد تبدأ بالتسلّل إلى نفوس الصغار قبل موعد الأضحى، وخلال التسوّق لشراء الملابس الجديدة ومستلزمات الضيافة، وتكتمل بعودة الحجّاج بخير وسلامة". وتعتبر أنّ "الحلويات هي أهمّ ما يميّز العيد"، لافتةً إلى أنّها حضّرت أصناف الحلويات المختلفة كالكعك والمعمول، وهي عادة تنتظر أقاربها في صباح يوم العيد، في حين تجتمع بعد الظهر رفقة شقيقاتها في منزل والدها، فالعيد فرصة للقاء الأحبّة والشعور بالراحة".
من جهته، يوضح المواطن حسن محمد لـ"العربي الجديد" أنّه يؤدي في العيد الواجبات الاجتماعية بالحد الأدنى، فالأوضاع المادية هي من ترسم تفاصيل العيد ومخططات السير. ويضيف: "لم يبقَ من عيد الأضحى سوى اسمه، فالقليل من المواطنين يستطيع ذبح أضحية وسط الأوضاع المادية الصعبة، حتى إنّ الكيلوغرام الواحد من حلوى المعمول أصبح سعره نحو 7 دنانير(10 دولارات أميركيّة)، وكذلك أسعار الملابس مرتفعة". ويرى أنّ "يوم العيد لا يختلف كثيراً عن باقي الأيام، سوى أنه محاولة لرسم البسمة على وجوه الناس، ونتمنّى أن يأتي العيد المقبل ونحن بأحوالٍ أفضل، ولا سيّما بالنسبة للأوضاع في قطاع غزة".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية