إيلون ماسك يعود إلى إمبراطوريته التكنولوجية
عربي
منذ يوم
مشاركة

دخل إيلون ماسك السياسة الأميركية من الباب العريض مستشاراً مقرباً من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وكان لا يفارقه البتة، خصوصاً عند إعلان قراراته المتعلقة بالتخفيضات الفيدرالية. لكن بعد أربعة شهور، أكّد قطب التكنولوجيا أنه سيترك منصبه، بعد انتقاده ترامب للمرة الأولى منذ وصوله إلى البيت الأبيض. استبدل قبعته المذيلة بشعار "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" بقميصه المكتوب عليه "احتلوا المريخ"، في إشارة إلى مهمة شركته سبايس إكس لاستعمار الكوكب الأحمر. وكثف إطلالاته الإعلامية بعدما كان يتجنبها، ليؤكد تركيزه على شركتيه سبايس إكس وتِسلا. وأعلن، عبر منصته للتواصل الاجتماعي إكس، أنه يمضي مجدداً "24 ساعة في العمل" وينام في مصانع شركاته وغرف خوادمها.

هكذا يخطو ماسك أولى خطواته مبتعداً عن واشنطن وعائداً إلى دوره عملاقاً في مجال التكنولوجيا والأعمال. لكن هذه العودة ليست سهلة، خاصة بعدما قضى شهوراً في دعم الحملة الرئاسية لترامب وتفكيك أجزاء من الحكومة الفيدرالية، مما أثار المخاوف من أنه أصبح زعيماً غائباً في شركاته المختلفة، بما في ذلك سبايس إكس، وتِسلا، وشركة الذكاء الاصطناعي إكس إيه آي ومنصة التواصل الاجتماعي إكس.

لم يتضح بعد كم من الوقت سيقضي ماسك في شركاته وخارج واشنطن. في مؤتمر صحافي عقده ماسك في المكتب البيضاوي مع ترامب الجمعة الماضي، وصف رحيله عن الحكومة بأنه "ليس نهاية عهد الرئيس التنفيذي، بل البداية الحقيقية"، وقال إنه سيواصل زيارته "وسيكون صديقاً ومستشاراً للرئيس". وأكد ترامب على ذلك بالقول إن ماسك "لن يغادر منصبه، بل سيكون معنا وسيساعدنا طوال الوقت".

شركة تِسلا تعد مهددة أكثر من غيرها، بعد الانخفاض الحاد في شعبيته داخلها إثر تقليصه الوظائف الحكومية. إذ أصبحت وكالات بيع "تِسلا" هدفاً للاحتجاجات مع انخفاض المبيعات والأرباح. كما من شأن مشروع قانون الميزانية الجمهوري المعروض الآن على مجلس الشيوخ أن يُلغي الدعم والسياسات التي تُشجع على السيارات الكهربائية. وانخفض سهم "تِسلا" بنحو 14% هذا العام، مما أدى إلى خسارة نحو 180 مليار دولار من قيمتها السوقية. في المقابل، استفادت بعض شركات ماسك من قربه من البيت الأبيض، إذ روج ترامب سابقاً لسيارات "تِسلا" في البيت الأبيض، وعقدت سبايس إكس المزيد من الشراكات الحكومية مع "ستارلينك"، خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التابعة لها. ولا تزال "إكس" منبرا لأنصار ماسك وترامب. ويُعتبر ترامب حليفاً قيّماً يتمتع بسلطة سياسية، ويُشرف على الوكالات التي تُنظم أعمال ماسك.

لكن صحيفة نيويورك تايمز لفتت، الاثنين، إلى أن ماسك هو واجهة شركاته، وفترة وجوده الطويلة في واشنطن أثارت تساؤلات حول مدى التزامه بأعماله، وتساءل بعض الموظفين السابقين في "سبايس إكس" وغيرها عن سبب غيابه. وبشكل عام، ليس من الواضح ما إذا كانت مناورات ملياردير التكنولوجيا في واشنطن ستؤدي إلى فوائد طويلة الأجل.

في "سبايس إكس"، كان غياب ماسك مدوياً في الشهور الأخيرة. خلال مايو/أيار الماضي، قال الميكانيكي السابق في الشركة، ديلان سمول، عبر منصة إكس، إن "المعنويات منخفضة" و"الموظفون منهكون". وأضاف مخاطباً ماسك: "كان وجودك يُشعل حماس الفريق. عد، وشاركنا العمل". وفي رسالة إلى "نيويورك تايمز"، صرّح سمول بأن عمل "سبيس إكس" كان، إلى حد كبير، مدفوعاً بشعور الموظفين "بالإلهام" الذي لعب فيه ماسك "دوراً كبيراً". وفقاً لما رصدته "نيويورك تايمز"، فإن ماسك نشر، منذ بدء ولاية ترامب، نحو ألف منشور عن "سبايس إكس" عبر منصة إكس، بينما كتب نحو ألفي منشور عن إدارة الكفاءة الحكومية التي كان يتولاها. خلال الفترة المذكورة، أجرت "سبايس إكس" اختبارين لإطلاق صاروخها ستارشيب الذي يأمل ماسك أن ينقل البشر إلى المريخ، أحدهما الثلاثاء الماضي. خلال مقابلة أجراها مع صحيفة واشنطن بوست التي لطالما تجنبها، الأسبوع الماضي، أكد أنه كان "حاضراً" من أجل "سبايس إكس" قبل إطلاق "ستارشيب" التجريبي من منشأة الصواريخ ستاربيس التابعة للشركة جنوب تكساس. انتهى الإطلاق بانفجار، لكن ماسك حرص على إعلان وجوده، وأعاد مشاركة مقاطع فيديو لنفسه في مركز التحكم في "سبايس إكس"، بالإضافة إلى مقابلات مع صحافيين ومؤثرين على منصات التواصل يتحدثون عن السفر إلى الفضاء.

أما في شركة تِسلا، فقد اتضح مدى غياب ماسك عنها في إبريل/نيسان الماضي. فوفقاً للصحيفة الأميركية، نادراً ما زار مكاتب أو مصانع شركته منذ تنصيب ترامب، لكنه ظهر في أحد مكاتبها في بالو ألتو (كاليفورنيا)، قبل أيام قليلة من مكالمة مناقشة الأرباح في ذلك الشهر، وفقاً لشخصين مطلعين على تحركاته. وأفاد المصدران بأن ماسك خلال تلك الزيارة حرص على السؤال عن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على "تِسلا"، وقُدّم إليه ملخص حول الآثار، وكذلك حول نقاط ضعف سلسلة التوريد لدى الشركة. توقيت سؤاله أثار مخاوف بعض الحاضرين، إذ بدأ ترامب الإعلان عن الرسوم الجمركية قبل شهرين، في فبراير/شباط الماضي. بعد أيام من زيارة، أعلنت "تِسلا" أن مبيعات سياراتها انخفضت بنسبة 13% في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام السابق، وذلك في أدنى مستوى لها في أربع سنوات. وزادت الرسوم الجمركية الجديدة على قطع غيار السيارات المستوردة من الضغوط المالية التي تواجهها الشركة. وقال ماثيو لابروت الذي عمل في قسم المبيعات في "تِسلا" في كاليفورنيا، إن نشاط ماسك السياسي أبعد المشترين، وذلك في حديث لصحيفة نيويورك تايمز، علماً أنه طرد بعدما دشن موقعاً إلكترونياً ينشر عليه انتقادات لماسك. وأضاف أن "بيع السيارة أصبح مهمة شاقة يومياً، بينما لم يكن كذلك من قبل (...) إيلون ماسك هو السبب الرئيسي في ذلك". وأكد شخصان مطلعان أن مسؤولي "تِسلا" تحدثوا في الشهور الأخيرة عن عدم انخراط ماسك في تفاصيل العمليات اليومية، وأنه كان يتصل عن بُعد لحضور الاجتماعات بشكل أكثر تواتراً مما كان عليه قبل توليه منصب رئيس قسم الطاقة في "تِسلا". حاولت شركة تسلا التي تواجه منافسة شرسة من شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية، مثل "بي واي دي"، تنويع أعمالها بشكل أكبر لتشمل الذكاء الاصطناعي والروبوتات. وكشف ماسك بأن الشركة ستطلق خدمة نقل الركاب هذا الشهر في أوستن في ولاية تكساس، بمركبات ذاتية القيادة بالكامل. كما تهدف الشركة إلى البدء في تصنيع سيارة أقل تكلفة، على الرغم من أنه من غير الواضح مدى اختلافها عن سيارات "تِسلا" الحالية.

وفي مجال الذكاء الاصطناعي، أشاد ماسك مئات المرات بشركته "إكس إيه آي" وبرنامجها الآلي للمحادثة "غروك"، وواصل معركته القانونية ضد الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان. وفي مارس/آذار الماضي، باع شركة إكس إلى "إكس إيه آي"، مما أدى إلى دمج الشركتين. وخلال الشهر الماضي، أعلنت الشركة المندمجة عن عرض شراء، يسمح للموظفين بسحب بعض أسهمهم نقداً عن طريق إعادة بيعها للشركة بسعر مُتفق عليه مسبقاً، وفقاً لوثائق داخلية اطلعت عليها "نيويورك تايمز". ومن المقرر مبدئياً تقديم عرض الشراء هذا الشهر، وقدرت قيمة الشركة المندمجة بنحو 113 مليار دولار، وفقاً للوثائق.

وبما يتعلق بـ"إكس"، فقد عقدت رئيستها التنفيذية ليندا ياكارينو اجتماعاً للموظفين الأربعاء الماضي، للترويج لفكرة الاندماج. خلال اليوم نفسه، نشرت على "إكس" معلنة عن شراكة لدمج "غروك" في تطبيق "تليغرام". كما كتب مؤسس "تليغرام"، بافيل دوروف، عن الصفقة: "اتفقت أنا وإيلون ماسك على شراكة لمدة عام واحد لتوفير روبوت الدردشة غروك من إكس إيه آي لأكثر من مليار مستخدم لدينا ودمجه في جميع تطبيقات تليغرام". لكن بعد ساعات قليلة، بدا أن ماسك يحاول استعادة زمام الأمور، فأوضح عبر "إكس" أنه "لم يتم التوقيع على أي اتفاق".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية