
قالت مصادر تركية إن المصارف التركية تخطط لتأسيس بنوك لها في سورية لتمويل المشروعات التركية السورية المشتركة بما فيها تمويل التجارة والبنية التحتية، ونقل الخبرة والخدمات المصرفية التركية المتطورة لسورية التي عانت من تردي في الأنشطة المصرفية في فترة حكم أسرة الأسد. ورغم تلك الخطوة المهمة تظل العقوبات الغربية المفروضة على سورية وقطاعها المصرفي أحد أبرز التحديات التي تحول دون ضخ استثمارات أجنبية في البنوك السورية.
ويرجح المصرفي التركي مراد خان أن يكون أول مصرف تركي في سورية "حكومي"، ولن يقتصر على فرع واحد بالعاصمة دمشق أو حلب، بل بالأفق أن يكون للمصرف فروعاً في المدن الرئيسية والكبرى بسورية، ليتمكن من أداء دوره لأكبر عدد من العملاء.
ويكشف المدير سابق لفرع مصرف زراعات لـ"العربي الجديد" أن "زراعات بنك" سيكون أول مصرف تركي بسورية، موضحاً أن بتركيا عشرة مصارف حكومية مشتركة، ولكن ثلاثة منها "زراعات، هالك وواكف" هي مصارف مملوكة للدولة كاملة، وتحرص بلاده على افتتاح فروع لها بسورية، لتكون للمؤسسات المصرفية دور في القروض والبناء، والأهم، تعزيز العمل التجاري المتوقع زيادته خلال الفترة القريبة. غير مستبعد أن تتطلع المصارف الخاصة وحتى الإسلامية التركية، لافتتاح فروع بسورية، لأنها بلد بكر وجارة ويمكن أن يساهم القطاع المصرفي التركي بأدوار عدة، بما فيها المساهمة بالتمويل وتسريع رفع العقوبات المفروضة على سورية.
وكان حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية، وبعد لقائه محافظ البنك المركزي التركي فاتح كارهان خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالولايات المتحدة أخيراً، قد كشف عن إمكانية افتتاح أول فرع لمصرف تركي في سورية، مضيفاً خلال منشور على منصة "لينكد إن" إن هذه الخطوة قد تشكل جسراً مهماً لدعم التجارة والاستثمار وإعادة الإعمار. وأن المحافظين بحثا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين بهدف اتخاذ خطوات عملية نحو تعاون اقتصادي مستدام، مشيداً بالتزام البنك المركزي التركي بالشراكة المالية.
ويرى الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح أن الفرصة للتعاون مع "تركيا وغيرها" متاحة اليوم، بعد مشاركة الحاكم ووزير المالية باجتماعات واشنطن وتسديد الأشقاء العرب للاستحقاقات المتراكمة للمؤسسات الدولية على سورية، منذ عهد الأسد المخلوع، مشيراً ل"العربي الجديد" إلى أهمية التقرير الذي ستخرج به البعثة الدولية المتوقع زيارتها سورية قريباً، للاطلاع وتقييم الوضع المالي والاقتصادي، ودور صندوق النقد الدولي، بعد لقاء وزير المالية السوري، محمد يسر برنية مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بالصندوق، والوعود التي تلقاها لتعزيز السياسة النقدية وإصلاح القطاع المصرفي وترسيخ الاستقرار المالي، وتحديث البنية التحتية المالية، وتطوير أسواق النقد، ورفع الكفاءة التنظيمية.
ويضيف المصبح إن القطاع المصرفي بسورية، الحكومي والخاص والتشاركي، يحتاج لإعادة نظر شاملة، ودمج المصارف الحكومية متشابهة الدور والمهام، لأن المنظومة المصرفية بشكل عام، كانت من أكثر القطاعات المستلبة من نظام الأسد المخلوع، وكانت رجالاته تساهم بها وتسيطر على قراراتها.
بمعنى مختصر، يقول المتحدث، عانت المصارف السورية من تقييد للحرية ومخاطر ائتمانية وأزمات سيولة، ما يتطلب إعادة النظر والدعم وجذب استثمارات جديدة تنعش السوق وتعزز المنافسة وتساهم جميعها بالإقراض والتجارة وإعادة الإعمار وتحسين الكفاءة وزيادة الثقة. كاشفاً لـ"العربي الجديد" عن قانون يعد بسورية الآن يعزز من استقلالية المصرف المركزي الذي كان مستلباً لقرارات النظام البائد، إلى جانب خطة لإعادة هيكلة المصارف الحكومية ودمجها وتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية.
ويوجد في سورية ستة مصارف حكومية "التجاري، العقاري، الصناعي، التوفير، الزراعي والتسليف" أقدمها المصرف الزراعي التعاوني الذي أُسس في عام 1888، إلى جانب 11 مصرفا خاصا وأربعة مصارف إسلامية تأُسست بعد عام 2004 وصدور قانون إنشاء مصارف خاصة ومشتركة عام 2002.
ويبدو أن تركيا، أول من سيجذبها الاستثمار المصرفي بسورية وتفتتح فرعاً لبنك زراعات وفق مصادر رسمية، بعد أن اقترحت نظاماً مصرفياً معمول به لديها وتأهيل الكوادر السورية.
ويقول الاقتصادي، يوسف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" أن القرار شبه متخذ ليكون بنك زراعات، أو مصرف حكومي تركي يفتتح فرعاً له في سورية، كما أن بلاده أبدت للمسؤولين بدمشق استعدادها للمساهمة في إنشاء النظام المالي في سورية، عبر مشاركة خبراتها في مجال الخدمات المصرفية المفتوحة والرقمية. وذلك لما للمصارف من دور خلال ما تمر به سورية وحاجتها للسيولة وتمويل الإعمار.
ويلفت كاتب أوغلو إلى أن بتركيا 57 مصرفاً، 25 منها أجنبية ومنها 16 مصرفاً للتنمية والاستثمار وستة مصارف تمويل بالمشاركة، ويمكن للفروع من تلك المصارف التي تؤسس بسورية، أن تزيد من عمليات التجارة بين البلدين وتساهم بالخدمات وضخ السيولة وبالتالي النمو والإعمار، مبيناً أن الأعمال المصرفية على القطاع المالي التركي تشكل ما يزيد عن 70% من إجمالي الخدمات المالية، ويبقى الباقي لخدمات التأمين والأنشطة المالية.
وحول أرباح المصارف التركية، يشير كاتب أوغلو إلى أن نسبة الأرباح الصافية خلال النصف الأول من العام الماضي، بلغت 9.1% بمبلغ 382.8 مليار ليرة تركية، وذلك وفق وكالة التنظيم والرقابة المصرفية، في حين تبلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي 29 تريليون و689.8 مليار ليرة تركية، وحقوق المساهمين 2 تريليون و547.3 مليار ليرة تركية.
