رحل الممثل الأميركي فال كيلمر (1959 ــ 2025)، الذي حقق شهرة واسعة في هوليوود بأدوار جعلته واحداً من أبرز وجوه السينما الأميركية خلال أربعة عقود. توفي كيلمر في لوس أنجليس عن عمر يناهز 65 عاماً بسبب التهاب رئوي، وفقاً لما أعلنته ابنته مرسيدس كيلمر، اليوم الأربعاء، علماً أنه سبق أن خاض معركة مع سرطان الحلق منذ عام 2014 وتعافى منه لاحقاً.

اشتهر كيلمر بجاذبيته التي تميزت بطابع يشبه نجوم الروك، وقد تجسدت هذه الهالة في أدوار متعددة قدّمها على الشاشة الكبيرة. انطلقت مسيرته السينمائية بفيلم Top Secret! عام 1984، وهو كوميديا ساخرة تدور أحداثها في زمن الحرب الباردة، حيث جسّد شخصية مغنٍ أميركي يتم استدراجه إلى مؤامرة ألمانية شرقية.

إلا أن الجمهور العريض عرف كيلمر بشكل أكبر في فيلم Top Gun عام 1986، الذي قدّمه المخرج توني سكوت، وهو فيلم مغامرات حافل بالأدرينالين حول طياري البحرية الأميركية. لعب كيلمر دور آيسمان، الطيّار المتفوق والمنافس لمافريك، الذي أدّاه توم كروز. قدم كيلمر أداءً لافتاً بشخصية الجندي المثالي، المتفوق في مهاراته، لكن بعيداً عن العواطف. هذا الدور كان نقطة تحول في مسيرته، حيث وضعه إلى جانب كبار النجوم في هوليوود وفتح له الأبواب لأدوار رئيسية أخرى. كما عاد ليلعب الدور نفسه في مشهد مؤثر في الجزء الثاني من الفيلم Top Gun: Maverick الذي صدر عام 2022.

إلا أن الانطلاقة الحقيقية كانت عام 1991 عندما لعب دور جيم موريسون في فيلم The Doors لأوليفر ستون، مؤدياً شخصية المغني الأسطوري بإقناع مذهل جسّد فيه عالم المخدرات والموسيقى والشعر. لم يبتعد كيلمر عن أدوار ذات طابع معقّد ومتمرد، فكان دوره مستشاراً متخيلاً للبطل الرئيسي في فيلم True Romance عام 1993 إضافة أخرى لرصيده من الشخصيات الغريبة والمثيرة.

وبالرغم من تألقه في هذه الأدوار، لم تكن مسيرة كيلمر خالية من الانتقادات. عام 1995، أدّى دور باتمان في فيلم Batman Forever بين مرحلتي مايكل كيتون وجورج كلوني، لكنه لم ينجح في إقناع النقاد أو الجمهور بأدائه. لم يدم نجاح كيلمر التجاري طويلاً، لكنه وجد طريقاً آخر يعبر فيه عن نفسه بأنه ممثل بارع في تجسيد الشخصيات المعقدة. من دور دك هوليداي في فيلم Tombstone (1993)، إلى فيلم الجريمة الشهير Heat (1995)، حيث لعب دور عضو في عصابة يقودها روبرت دي نيرو ويطاردها آل باتشينو، كما تألق في أفلام أخرى مثل The Ghost and the Darkness (1996)، وPollock (2000)، الذي أدى فيه دور الفنان وليم دي كونينغ.

ولد فال إدوارد كيلمر في لوس أنجليس يوم 31 ديسمبر/ كانون الأول 1959، ونشأ في حي تشاتسوورث، حيث كان يجاور نجوماً مثل روي روجرز وديل إيفانز. دخل عالم الفن عبر مدرسة جوليارد في نيويورك، ليصبح أحد أصغر المقبولين في برنامج التمثيل هناك.

رغم أنّ فال كيلمر لم يكن المفضل لدى المخرجين دائماً بسبب سمعته باعتباره شخصية صعبة التعامل، إلا أن مواهبه لم تكن محلّ شك، بحسب ما تقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية. المخرج أوليفر ستون قال عنه: "لدى فال شيء مختلف عما يبدو للعين، وهو شيء يمتلكه فقط الممثلون العظماء: يجعل كل شيء يبدو وكأنه ارتجال".

حتى في مراحل لاحقة من حياته، لم يتخلَّ فال كيلمر عن طموحاته الفنية. في عام 2010، قدّم مسرحية فردية بعنوان Citizen Twain، حاول من خلالها تجسيد شخصية مارك توين، وهي الشخصية التي أحبها وعكف على دراستها لسنوات. كما شارك في فيلم Val الوثائقي الذي صدر عام 2021، واستعرض فيه عقوداً من حياته الفنية والشخصية، برعاية ابنيه مرسيدس وجاك.

فال كيلمر لم يكن مجرد ممثل في هوليوود، بل كان شخصية متمردة تسعى للتعبير عن ذاتها بطرق متعددة. لم يكن هدفه النجومية الخالصة بقدر ما كان يبحث عن تقديم أعمال ذات عمق وفكر. وكما قال في مقابلة عام 2012: "ليس لدي أي ندم... ما زلت نجماً، لكن الأمر يتعلق فقط بمستوى النجومية".