العيد خلف القضبان.. شهادة صحفي عن معاناة المختطفين في سجون الحوثي
Party
2 days ago
share

 

"كنتُ أتخيل أمي وهي تجلس أمام مائدة العيد، تُخصص مكانًا فارغًا باسمي، علّني أعود فجأة، لكنها تعلم، كما أعلم، أن الغائبين في السجون لا يعودون إلا بقرار من سجانهم".

"كان سجانُو مليشيا الحوثي يتلذذون بوأد أي بسمةٍ قد تحاول أن تنبت بيننا، وكأنهم أرادوا أن يُذَكِّرونا بأننا لسنا جزءًا من العالم، ولسنا من أولئك الذين يحق لهم أن يحتفلوا أو يفرحوا".

 

يروي الصحفي أكرم الوليدي، المختطف السابق لدى مليشيا الحوثي، تفاصيل قاسية عن الأعياد التي مرت عليه داخل الزنازين، حيث تتحول المناسبات التي يُفترض أن تكون أيام فرح إلى محطات إضافية من العذاب والحرمان.

 

في حديث مطول مع "الصحوة نت"، كشف الوليدي عن الأساليب التي تنتهجها المليشيا لحرمان المختطفين من أي إحساس بفرحة العيد، بدءًا من التشديد في المعاملة، مرورًا بالحرمان من الزيارات والاتصالات، ووصولًا إلى منعهم حتى من التكبيرات الجماعية أو تبادل التهاني.

 

وتسلط شهادة "الوليدي" الضوء على الوجه الأكثر ظلمةً في معاناة آلاف المختطفين الذين يمضون الأعياد خلف قضبان الكهنوت الحوثي، بعيدًا عن أسرهم وأحبائهم، في عزلةٍ تامة عن العالم الخارجي.

 

- شعورٌ ثقيل ومشاهد قاتمة:

يصف الوليدي الأجواء داخل السجن خلال العيد بأنها أشبه بـ"ذكرى مبتورة"، حيث تغيب جميع ملامح الفرح، فلا صوت ضحكات الأطفال، ولا موائد العيد، ولا لقاءات العائلة.

 

وقال إن "العيد خلف القضبان ليس سوى شعور ثقيل كصخرةٍ جاثمة على القلب، كأن الفرح محظور حتى في الخيال. لا ضحكات أطفالٍ تملأ المكان، لا أبوابٌ تُفتح على لقاء الأحبة، فقط جدرانٌ صامتة، وزنزانةٌ ضيقة تتسع للحزن لكنها تضيق بأي شعورٍ آخر".

 

وأكد أن المليشيا الحوثية الإرهابية تتعمد جعل يوم العيد أكثر قسوة، وكأنها تريد التأكيد على أن المختطفين لا ينتمون إلى العالم الخارجي ولا يحق لهم الاحتفال أو الفرح.

 

وأوضح أنه لم يكن هناك أي تغيير في معاملة السجانين خلال الأعياد، بل على العكس، ازدادت قسوة المعاملة، قائلًا: "كنتُ أتوقع أن العيد قد يوقظ شيئًا من إنسانيتهم، لكنه لم يكن سوى يوما آخراً من أيام السجن، بل ربما أكثر قسوة".

 

وأضاف الوليدي "كان سجانو مليشيا الحوثي يتلذذون بوأد أي بسمةٍ قد تحاول أن تنبت بيننا، وكأنهم أرادوا أن يذكرونا بأننا لسنا جزءًا من العالم، ولسنا من أولئك الذين يحق لهم أن يحتفلوا أو يفرحوا".

 

- محاولات لصنع فرحة وسط الظلام:

وحول الأنشطة الجماعية للمعتقلين داخل الزنازين، أشار الوليدي إلى مليشيا الحوثي تمارس عمليات تضييق ضد محاولات المعتقلين خلق أجواء العيد، حيث تمنعهم من الحديث بصوت مرتفع أو التجمع داخل الزنازين، وصولًا إلى منع وجبات الطعام عنهم.

 

وقال: "أقصى ما كنا نفعله هو أن نتحلق حول بعضنا، نحاول أن نصنع من أصواتنا تكبيرات عيدٍ تليق بالمحرومين. كنا نردد التكبيرات بصوتٍ متقطع تغالبه الدموع، ونهرب من واقعنا إلى ذاكرةٍ تحتفظ بمشاهد العيد كما كان يومًا".

 

- الحرمان من الاتصال بالأهل:

من أشد ما عاناه الوليدي ورفاقه في المعتقل، هو انقطاعهم التام عن عائلاتهم خلال الأعياد، إذ لم يُسمح لهم بأي نوع من التواصل، سواء عبر الزيارات أو الاتصالات الهاتفية، حتى أصبح التواصل مع الأهالي بمثابة حلم لا يجرؤ المعتقلون في زنازين الحوثي على التفكير فيه.

 

يتحدث الوليدي عن تلك اللحظات الصعبة، قائلًا: "كنتُ أتخيل أمي وهي تجلس أمام مائدة العيد، تخصص مكانًا فارغًا باسمي، علّني أعود فجأة، لكنها تعلم، كما أعلم، أن الغائبين في السجون لا يعودون إلا بقرار من سجّانهم".

 

ويضيف: "أصعب اللحظات كانت تلك التي كنا نصلي فيها صلاة العيد، نشعر وكأننا نقف وحيدين في ساحاتٍ فارغة. كنا نرفع أيدينا بالدعاء، لكن بدلًا من أن نطلب الفرح، كنا نسأل الله فقط ألا نموت هنا".

 

- العيد.. عقوبة إضافية في السجن:

يؤكد الوليدي أن التضييق الحوثي على المختطفين والمعتقلين كان يبلغ أشده في الأعياد، حيث يزداد حرمانهم من أي مظهر من مظاهر الحياة، ويصبح العيد نفسه عقوبة إضافية.

 

"كانوا يريدون أن نحقد على هذا اليوم، أن ننسى أننا كنا نحتفل به يومًا، أن يصبح مجرد تاريخٍ آخر في أيام السجن الطويلة"، يستذكر الوليدي.

 

وعن السبب وراء تعمد الحوثيون زيادة معاناة المختطفين خلال الأعياد، يقول: "كان العيد فرصةً للجلادين ليؤكدوا لنا أننا لسنا جزءًا من هذا العالم، وأننا لسنا سوى أرقامٍ في دفاترهم السوداء."

 

- ما بعد السجن:

عندما استعاد أكرم الوليدي حريته، تغير مفهوم العيد لديه تمامًا، فصار بالنسبة له رمزًا للحرية وفرصة للقاء والاجتماع مع الأهل، وفقًا لحديثه.

 

ويوضح "بعد السجن، لم يعد العيد كما كان، صرت أبحث عن الوجوه التي حرمت من رؤيتها لسنوات، وأؤمن بأن العيد يكمن في الحرية، في اللقاء، في أن تحتضن من تحب دون أن يمنعك جدارٌ أو سجان".

 

ووجَّه الوليدي، في ختام حديثه، رسالة إلى المختطفين الذين لا يزالون في سجون الحوثي، قائلًا: "إلى أولئك الذين ما زالوا هناك، أقول: اصبروا، فالعيد الحقيقي قادم".

 

وأضاف "لا تدعوا القهر يكسر أرواحكم، لا تفقدوا الأمل، ولا تنسوا أن هناك من ينتظركم، ومن يدعو لكم، ومن سيحتفل بكم حين تعودون كما يجب أن يكون العيد".

 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows