العيد وعدٌ بغدٍ أجمل - موسى المقطري
Party
2 days ago
share

ما إن تشدو الأماكن بتكبيرات العيد إلا وتشرئب الأرواح لمساحة من السعادة والبِشر تغمرها رويداً حتى تغرق في ثمالة الفرح ، وقتها تلحظ في وجوه الناس إشراقة مميزة ، يتذوق فيها المحبون استراحة بعد جهد وعناء ، وينالون جزاء الصبر والمصابرة والمتابعة في الصيام والقيام.

 

في العيد تنفض الأنفس أثقال الهموم ، فتهل الفرحة كسحاب ماطر تنبت السرور في كل قلب تلامسه ، وتبعثر القلق والهم كما تبعثر الريح أوراق الخريف ، ولأن الإنسان فطره مولاه كائناً اجتماعياً فلا تكتمل فرحته إلا حين يراها في أعين الآخرين من أهله وجيرانه وعامة مجتمعه ، وتلك من معاني العيد التي قد نفتقدها خلال بقية أيام العام .

 

في العيد يشعر الناس بالانتماء إلى طقس روحاني مجتمعي يتجاوز كونه شعوراً فردياً منعزلاً إلى أن يصبح حالة جماعية مجتمعية تتناغم فيها النفوس على وقع البهجة ، فتمحى فيه الضغائن وتنسى الجراح، وتتمدّ الأيادي للتصالح والتصافح والتسامح ، ويتجدد الموعد السنوي والذي فيه تعيد العلاقات ترتيب نفسها ، وإصلاح ما أفسدته الأيام والأحداث فيها ، ويتجدد الشعور بأن كل أفراد المجتمع رغم خلافاتهم التي قد تطرأ إلا أن روابط من الود والمحبة تجمعهم .

 

ولأن العيد طقساً اجتماعياً جماعياً فلا عجب أن يشعر الفقير بغنى العيد الذي يتشارك في صنعه الجميع ، ويجد المحروم ما يسعد قلبه وينشر الرضى في جنبات روحه ، ويقتبس كل مهموم نصيبه من فيض السعادة التي تنتشر في الأرجاء ، وهذه كلها معاني وقيم يؤصلها العيد حين ندرك جميعاً أن السعادة الحقيقية تكمن في إدخال السرور على الآخرين ، ومشاركتهم الفرحة بحبٍ وودٍ وصفاء .

 

من معاني العيد أنه وعد متجدد بأن الغد أجمل، وأن الأحزان وإن ثقلت فلا تطيق الإقامة في قلوب عرفت طعم الفرح ، وذاقت حلاوة التصافي والتعافي ، وهو تأكيد بأن حياتنا إن غزتها بعضا من كآبة فلازالت هناك فرصاً كثيرة لنفرح ونبتسم ونضحك من الأعماق ، كما أن العيد فرصة للعودة إلى الذات النقية، والبسمة التي تقاوم الارهاق وتتغلب عليه، والأمل الذي يرفض الانهزام ويتجاوز التشاؤم .

 

أيها العيد السعيد انشر بشرك في أرجاء أرواحنا المشتاقة ، وازرع فينا بذور السعادة والطمأنينة التي تجمّل أيامنا وشهورنا الآتية ، واجعل لنا من الحب ما يضيء دروبنا ، ومن الأنس ما ينسينا آلامنا ، فانت درس عنوانه أن الأمل لا يموت،  والغد يحمل في جعبته ضوءً جديداً لمن يؤمنون بأن الفرح أصيل في النفوس تماماً كالشمس إن غابت تعود لتشرق من جديد .

 

عيدكم سعيد مبارك ، وأيامكم هنية رضية ..

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows