نايف البكري: عدن دفعت ثمنًا باهظًا وأبنائها ضحوا لأجل الكرامة وعلينا الوفاء بوعودنا(حوار)
Party
3 days ago
share




أكد وزير الشباب والرياضة، رئيس مجلس المقاومة الشعبية في عدن، نايف البكري، أن أبناء عدن سطروا ملاحم بطولية في مواجهة مليشيات الحوثي خلال معركة تحرير المدينة قبل عشر سنوات، مشددًا على ضرورة الوفاء بتضحياتهم وضمان مستقبل آمن ومستقر لعدن.

وخلال حوار مطول مع الصحوة نت، سلط البكري الضوء على تفاصيل اجتياح الحوثيين للمدينة، والتحديات التي واجهتها المقاومة الشعبية، مشيرًا إلى أن الصمود البطولي لأبناء عدن، ودعم التحالف العربي، كان مفتاح النصر.

وأوضح أن المقاومة لم تكن مجرد مجموعات مسلحة، بل كانت نابعة من إرادة شعبية واسعة، حيث شارك الشباب من مختلف القوى السياسية، بمن فيهم شباب الإصلاح والحراك والسلفيين، في مواجهة الحوثيين، مما عزز وحدة الصف الوطني خلال المعركة.

وأشار البكري إلى أن عدن دفعت ثمنًا باهظًا، حيث تجاوز عدد الشهداء 1500، إضافة إلى آلاف الجرحى، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يجب أن يُحافظ عليه، وأن تظل عدن نموذجًا للحرية والكرامة.

وانتقد الوزير حالة عدم الاستقرار السياسي في عدن، واستمرار الاعتقالات خارج القانون والمحاصصة التي أعاقت التنمية، مؤكدًا أن الصراعات السياسية ساهمت في تعطيل جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.

وحول دور المقاومة بعد التحرير، أشار البكري إلى أن غياب استراتيجية واضحة لاستيعابها أدى إلى تفككها وتحول بعض الفصائل إلى كيانات مستقلة، مما أثر على سيطرة الدولة وأدى إلى صراعات داخلية.

وشدد أن استعادة الدولة وتحقيق الاستقرار يتطلب توحيد الجهود السياسية والأمنية، داعيًا إلى العمل المشترك من أجل جعل عدن نموذجًا للسلام والتنمية.

وسرد البكري أسماء القادة العسكريين وقادة المقاومة الذين كان لهم دور بارز في تحرير المدينة، منهم من استشهد خلال المعارك وبعضهم في مراحل مختلفة من الحرب ضد الحوثيين، وآخرين ما زالوا على قيد الحياة والنضال الوطني، لافتا إلى دور شباب القوى السياسية والمجتمعية في المعركة.

 


نص الحوار..


- بمناسبة الذكرى العاشرة لتحرير عدن.. نريد أن تحدثنا عن كيف سيطرت ميلشيات الحوثي على عدن وكيف كانت المواجهة وخارطتها الجغرافية؟


عندما اجتاحت مليشيات الحوثي والقوى المتحالفة معها عدن، كانت استراتيجيتهم تعتمد على السيطرة على المرافق الحيوية والمواقع العسكرية الهامة، بهدف إحكام قبضتهم على المدينة، وبدأت قواتهم بالتوغل من عدة محاور، أبرزها المدخل الشمالي عبر قاعدة العند باتجاه مديريات دار سعد والمنصورة، كما حاولوا فرض سيطرتهم على المناطق الساحلية الغربية كالبريقة، إضافة إلى محاولتهم التوغل عبر خط العريش باتجاه خور مكسر وكريتر.


وفي الأيام الأولى، تمكنت المليشيات من دخول بعض المناطق مثل دار سعد وخور مكسر وكريتر، حيث فرضت حصارًا خانقًا على السكان وارتكبت جرائم جسيمة بحق المدنيين، لكن رغم تفوقهم العسكري، واجهوا مقاومة شديدة في عدة مناطق، أبرزها المعلا والتواهي وأجزاء من المنصورة والبريقة، حيث رفض أبناء عدن الاستسلام وخاضوا معركة شرسة دفاعًا عن مدينتهم.


وعن سير المعارك، فقد لعبت المقاومة الشعبية، التي تشكلت من مختلف شرائح المجتمع، دورًا محوريًا في تغيير المعادلة، حيث انطلقت المواجهات في أحياء عدن وشوارعها الضيقة، مما جعل تقدم المليشيات صعبًا رغم استخدامها للأسلحة الثقيلة.


كما أن الطبيعة الجغرافية للمدينة، وتضاريسها المتداخلة بين البحر والجبال، ساهمت في إرباك المهاجمين، وجعلت من بعض المناطق مثل التواهي والمعلا وقلعة صيرة معاقل صامدة استعصت على الحوثيين.


والحقيقة لم تكن معركة تحرير عدن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت ملحمة بطولية خاضها أبناء المدينة بإرادتهم وعزيمتهم، وبدعم التحالف العربي، حتى تحقق النصر في السابع والعشرين من رمضان، واليوم ونحن نحيي هذه الذكرى العظيمة، نؤكد أن عدن ستبقى عصية على كل من يحاول النيل منها، وستظل رمزا للحرية والكرامة.


- عاشت عدن لحظات صعبة خلال سيطرة الحوثيين عليها، كيف تمت عملية تحريرها رغم أن المعركة غير متكافئة؟

في البداية، كنا نقاتل بأسلحة خفيفة وإمكانات محدودة، بينما كانت المليشيات تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، مما جعل المعركة غير متكافئة، لكن رغم ذلك، صمد أبناء عدن في مختلف الجبهات، واستطاعوا إنهاك العدو عبر تكتيك حرب الشوارع، خاصة في المعلا وكريتر والتواهي.


وجاءت اللحظة التي شعرنا فيها أن تحرير عدن أصبح قريبًا وذلك عندما توحدت صفوف المقاومة بشكل أكبر، وتلقت المقاومة الدعم المادي والمعنوي من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وبدأ الدعم العسكري من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات يصل إلى الجبهات، سواء عبر الضربات الجوية التي استهدفت مواقع الحوثيين أو من خلال الإمدادات العسكرية التي عززت قدرات المقاتلين على الأرض.


وقد بدأ التحول الاستراتيجي في المعركة عندما تمكنت المقاومة من استعادة السيطرة على مناطق حيوية مثل المعلا والتواهي وأجزاء واسعة من المنصورة ودار سعد، وبالتأكيد كان الهجوم الكبير الذي انطلق في السابع والعشرين من رمضان بمثابة الضربة القاضية التي أنهت وجود المليشيات في المدينة.


وفي ذلك اليوم كان أبناء عدن كلهم على قلب رجل واحد، والجميع كان يؤمن بأن هذه المدينة لن تسقط في قبضة المليشيات مهما كان الثمن، وعندما رأينا العدو يتراجع ويخسر مواقعه تدريجيًا، عرفنا أن النصر بات قريبًا، ولم يكن أمامنا سوى المضي قدمًا حتى تطهير عدن بالكامل.


كيف ساهمت الحاضنة الشعبية في مساندة الجيش والمقامة لتحرير عدن؟


منذ اللحظة الأولى للمعركة، أدركنا أن أي مقاومة بدون دعم شعبي لن تصمد طويلًا، وأبناء عدن احتضنوا المقاومة، وقدموا كل ما يمكن تقديمه، بدءًا من الإسناد اللوجستي، كإيواء المقاتلين وإيصال الإمدادات، وصولًا إلى المشاركة الفعلية في القتال، حتى النساء كنّ جزءًا من هذه المعركة سواء بالمساندة أو بالدعم الطبي والإغاثي. 


لكن في الوقت ذاته، لم يكن بالإمكان مواجهة مليشيا مدججة بالسلاح دون قوة عسكرية فاعلة، والمقاومة لم تكن مجرد جماعات متفرقة، بل كانت كتلة متماسكة، يقودها شباب عرفوا شوارع وأحياء عدن أكثر من العدو، وكانوا يقاتلون بإيمان راسخ بأن هذه المعركة معركة وجود، لا مجرد مواجهة عابرة. 

وبكل تأكيد الدور العسكري والتحام المقاومة مع أبناء المدينة هو ما أدى إلى تقويض سيطرة المليشيات، فعندما التحمت المقاومة مع المجتمع، تحولت كل حارة وزقاق إلى جبهة مقاومة، فلم يعد للعدو موطئ قدم آمن، وهذا ما جعل سقوطهم سريعًا.


وفي الحقيقة لولا الحاضنة الشعبية، لما تمكنت المقاومة من الصمود في وجه آلة الحرب الحوثية، ولولا قوة المقاومة، لما استطاعت الحاضنة الشعبية حماية عدن من السقوط، فقد كانا معًا جناحي النصر، وبهما استعادت عدن حريتها.


- كنتم على راس المقاومة والان في الحكومة.. هل لديكم احصائيات بعدد شهداء المقاومة والجيش، تحديدا خلال فترة سيطرة الحوثيين وحتى التحرير؟


لا يمكن الحديث عن تحرير عدن دون التوقف عند التضحيات العظيمة التي قدمها أبناؤها، خلال فترة سيطرة الحوثيين على المدينة، وحتى لحظة تحريرها، فقد فقدنا آلاف الشهداء من أفراد المقاومة الشعبية والجيش، إلى جانب مئات المدنيين الذين استُهدفوا بشكل مباشر بالقصف والقنص والقمع الوحشي.


وبكل تأكيد الأرقام المسجلة لدى الجهات المعنية تؤكد أن عدن دفعت ثمنًا باهظًا لاستعادة حريتها، فالإحصائيات التي تم توثيقها بعد التحرير تشير إلى أن عدد الشهداء في عدن خلال فترة سيطرة الحوثيين وما تلاه من معارك التحرير بلغ أكثر من 1500 شهيد من أفراد المقاومة والجيش، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، بعضهم أصيب بإعاقات دائمة.


وهذه الأرقام لا تشمل فقط المقاتلين في الجبهات، بل أيضًا المدنيين الذين قُتلوا بسبب القصف العشوائي والاعتقالات والتعذيب في سجون المليشيا إضافة إلى الشهداء من قوات الاشقاء في التحالف العربي من السعودية والامارات ايضا، فقد كانت عدن تعيش حينها تحت وطأة انتهاكات جسيمة، حيث تعرض كثير من شبابها للتصفية أو الاختطاف.


ونحن في الحكومة، سواء كنا في مواقع المسؤولية أو في أي مكان آخر، نحمل هذا الإرث الثقيل من التضحيات على عاتقنا، ونعمل على أن تظل عدن مدينة تنعم بالأمان والكرامة التي ضحى أبناؤها من أجلها.


من أبرز القيادات التي كانت حاضرة وقادت المواجهات ومعركة التحرير النهائية مع المليشيا؟


المعركة كانت شرسة، لكن إرادة الأبطال كانت أقوى، وكانت هناك منظومة متكاملة من القادة والمقاتلين الذين واجهوا العدو بكل الوسائل المتاحة، أبرزهم الشهيد علي ناصر هادي، قائد المنطقة العسكرية الرابعة، الذي استشهد وهو يقود المعركة من الخطوط الأمامية في دار سعد.


إضافة إلى ناصر عبدربه وهو من القادة العسكريين الذين تحملوا مسؤولية كبيرة في تنظيم صفوف المقاومة ومواجهة المليشيا، وفضل حسن الذي شارك بفاعلية في عمليات التخطيط العسكري وتوجيه المقاومة في جبهات عدن، واللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع حينها، والذي قاد معارك شرسة قبل أن يقع في الأسر لدى المليشيات الحوثية.


ومن ضمن القيادات والشخصيات البارزة، احمد سيف اليافعي، والشهيد راوي، وصالح الزنداني، والشهيد جعفر محمد سعد، وناصر باريس، وسيف الضالعي، وعمر الصبيحي، واللواء عبد القادر العمودي.


وهناك أيضًا المئات من القادة الميدانيين الذين لعبوا أدوارًا بارزة في الأحياء والجبهات المختلفة، منهم من استشهد ومنهم من واصل النضال في مواقع مختلفة، وكل واحد منهم كان بمثابة شعلة أمل، واستطاعوا بصمودهم كسر غرور المليشيات وإثبات أن عدن عصيّة على الانكسار.


ولن ننسى أبدًا أن النصر تحقق بفضل الله، ثم بفضل دماء الشهداء وتضحيات المقاومين الذين لم يدخروا جهدًا في الدفاع عن مدينتهم، واليوم، واجبنا أن نحافظ على هذا الإنجاز، وأن نفي بوعودنا لمن قدموا أرواحهم لنحيا بحرية وكرامة.


-لعب الشباب من مختلف القوى السياسية دورا بارزا في مقاومة الحوثي بما في ذلك شباب حزب الاصلاح في عدن، كيف تقيمون هذا الدور؟


كان الشباب من مختلف القوى السياسية بما في ذلك الحراك والسلفين والإصلاح والمستقلين وبقية المكونات في عدن، كانوا جزءًا لا يتجزأ من قوة المقاومة الشعبية، فهؤلاء الشباب قدموا تضحيات كبيرة، ووقفوا في صفوف القتال جنبًا إلى جنب مع باقي القوى الوطنية، دفاعًا عن عدن وكافة المناطق الجنوبية.


وفي الحقيقة شباب القوى السياسية في عدن كانوا نموذجًا للاندفاع والالتزام في الجبهات الميدانية، حيث كان لهم دور كبير في إعادة تنظيم المقاومة وتعزيز التنسيق بين مختلف الفصائل، وقد برزوا في الجبهات، وكانوا مثالًا في الصمود والتضحية، وهم الذين ساهموا في العمل الجماعي المقاوم، في سبيل تحرير عدن من المليشيات الحوثية.


وهذا التعاون بين شباب القوى السياسية جاء رغم الاختلافات السياسية، لتشكل وحدة الوطنية فرضت نفسها في تلك اللحظات الحرجة، فكل القوى السياسية والمجتمعية في عدن كانت تدرك أهمية اللحظة التاريخية، وكانوا يضعون المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، ولذلك كان التعاون بين شباب الأحزاب ضروريًا لنجاح المقاومة.


وبكل تأكيد فقد أثبت شباب القوى السياسية في عدن أنهم ركيزة أساسية في مقاومة العدوان الحوثي، وأنهم جزء من النصر الذي تحقق، ودورهم البطولي يجب أن يُذكر دائمًا في تاريخ مقاومة عدن.


- ماذا قدمت الحكومة لأسر الشهداء والجرحى الذين سقطوا في معارك التحرير؟


منذ تحرير عدن، بذلت الحكومة جهودًا كبيرة لتقديم الدعم لعائلات الشهداء، بدءًا من تقديم المعاشات الشهرية والمساعدات المالية، وصولًا إلى تخصيص قطع أراضٍ لأسر الشهداء، بهدف تحسين حياتهم وضمان مستقبلهم.


كما عملت الحكومة على تقديم الرعاية الصحية لأسر الشهداء، ووفرت لهم فرصًا للتعليم والتمكين المهني، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات تكريمية لتخليد تضحيات الشهداء في مختلف المناسبات.


ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، ونحن نعلم أن ما قدمته الحكومة لا يعادل حجم التضحية التي قدمها الشهداء، لكننا سنستمر في العمل لتوفير المزيد من الدعم وتحقيق مطالب أسر الشهداء في المستقبل.


ويجب أن تكون أسر الشهداء دائمًا ضمن أولوية الحكومة، لتلقي كل الدعم الذي يحتاجونه من أجل تعزيز قدرتهم على العيش بكرامة بعد فقدانهم لأحبائهم.


- في حال انطلقت معركة تحرير صنعاء.. هل يستطيع الوزير البكري وقائد المقاومة السابق أن يعود إلى الميدان؟


المعركة من أجل استعادة الدولة وحرية شعبنا لم تنته بعد، وقيادتنا السياسية اليوم ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي تواصل سيرها نحو تحرير كامل الأراضي اليمنية، ونحن على استعداد تام للمشاركة في أي جهد أو معركة من شأنها أن تساهم في تحرير اليمن من قبضة المليشيات واستعادة السيادة الوطنية.


وبكل تأكيد لن يكون لدينا خيار آخر إلا أن نعود إلى الميدان إذا استدعى الأمر، فنحن أبناء المقاومة ومن ضحوا من أجل كرامة الوطن، وهذه المعركة هي معركة شعب كامل، لا تقتصر على فصيل أو جهة واحدة، ونحن ملتزمون دائمًا بالاستمرار في العمل لصالح اليمن في أي موقع يخدم الوطن، وسنضع ايدينا مع كل القوى السياسية والشعبية لاستعادة الدولة وتحقيق الاستقرار والسلام المستدام، وهذه المعركة تتطلب توحيد الجهود ورص الصفوق بين الجميع، من المقاومة الشعبية إلى الجيش الوطني وكل الأطراف المعنية من أجل تحقيق النصر.


- بعد 10 سنوات من تحرير عدن.. كيف تقيمون الإنجازات التي تحققت وهل فشلت الشرعية والقوى التي تساندها في جعلها انموذجا؟


في الواقع كانت عدن التي تحررت من قبضة مليشيا الحوثي بحاجة إلى جهود كبيرة لتطوير كافة المجالات، من الأمن إلى الخدمات العامة والبنية التحتية، وفي بداية التحرير، كان الأمل كبيرًا في أن تصبح عدن نموذجًا للسلام والتنمية في اليمن، لكننا نعلم جميعًا أن الواقع كان صعبًا.

ولا يمكننا أن ننكر ما تحقق من إنجازات في ظل الظروف الصعبة، ومع ذلك هناك قصورًا كبيرًا في بعض المجالات التي كان يفترض أن تكون أولوية، مثل تحسين الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والتعليم، بالإضافة إلى استقرار الأوضاع الأمنية في بعض المناطق.

ولا يمكن تحميل جهة واحدة المسؤولية عن الإخفاقات، بل إن الوضع السياسي المعقد والحرب المستمرة كان لها دور كبير في التأثير على الإنجازات في عدن.

وبهذه المناسبة ندعو إلى ضرورة توحيد الجهود ورص الصفوف بين مختلف الأطراف السياسية والتقيد بخطة عمل واضحة تهدف إلى إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في عدن، حتى تكون المدينة بالفعل نموذجًا يحتذى به.


- بعد انتهاء المعارك، كيف تغير دور المقاومة.. وهل فعلا تحولت إلى عبئ على الدولة من خلال تفريخها إلى كيانات بزعمات متفرقة تمارس الجبايات وتمنع سيطرة الدولة؟


المقاومة لم تكن عبئًا على الدولة في بداية الأمر، بل كانت الذراع الفاعلة التي ساعدت في التحرير، ولكن بعد انتهاء المعارك، تغيرت الأمور كثيرًا، فالمقاومة، في ظل غياب إستراتيجية شاملة لإدماجها في مؤسسات الدولة، أصبحت مبعثرة في كيانات متعددة تحت زعامات سياسية مختلفة، وهذا أدى إلى تفتيت وحدة الهدف وأدى إلى صراعات داخلية في بعض الأحيان.

والمقاومة كانت متطورة من خلال نضالها، لكن جزءًا من هذه المشكلة كان غياب المشروع السياسي الموحد، وفي غياب الدور القيادي الفعّال من قبل الدولة، كانت هناك بعض الفصائل التي استفادت من الفراغ الأمني وأصبحت تمارس الجبايات وتعرقل أي محاولة لفرض سيطرة الدولة، وهذا لا يعني أن المقاومة كانت السبب، بل هناك تحديات سياسية وأمنية لم تتمكن الدولة من معالجتها بشكل فعّال.

ومع ذلك لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي لعبته المقاومة في الحفاظ على الأمن ومساعدة الدولة في التصدي لأي تهديدات، ونحن نحتاج إلى أن نعمل جميعًا على إيجاد رؤية موحدة تسهم في إدماج المقاومة ضمن مؤسسات الدولة، حتى نتمكن من تجاوز هذه التحديات، وتقديم حلول تساهم في تحقيق الاستقرار.

وبكل تأكيد التحديات السياسية لم تكن فقط في مجال المقاومة، بل تشمل أيضًا غياب التنسيق بين مختلف الأطراف، والحل يكمن في إيجاد إستراتيجية موحدة تحقق الاستقرار في عدن وكل المناطق المحررة.


-ماهي الصعوبات التي تعيق تحول مدينة عدن إلى انموذجا في التنمية والاستقرار؟

عدن تعتبر المدينة المحورية في جنوب اليمن، لكن التحديات التي تواجهها كبيرة، فالوضع الأمني ما زال غير مستقر بشكل كامل، وهذا يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين وعلى الاستثمارات، وهناك أيضا الأزمات الاقتصادية المتراكمة منذ سنوات، مثل ارتفاع أسعار السلع، ونقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، تجعل الحياة في عدن صعبة للغاية، إضافة الى التحديات السياسية التي تعرقل تحقيق التوافق بين جميع الأطراف، ومع تباين الرؤى بين السلطات المحلية وبعض القوى السياسية، هذا يؤثر على قدرة المدينة في تحقيق التنمية الشاملة.

أيضا هناك البنية التحتية بحاجة إلى تطوير كبير، خاصة في قطاعات النقل، الصحة، والتعليم، فالحاضنة الشعبية في عدن لا تزال داعمة للمدينة، ولكنها بحاجة إلى رؤية موحدة تجمع كل الأطراف وتسهم في توجيه الجهود بشكل يركز نحو تحقيق الاستقرار والتنمية.

والشرط الأساسي لتحقيق الاستقرار هو أن تتكاتف جميع الجهات الحكومية والمحلية مع المجتمع المدني والقطاع الخاص في بناء مشروعات تنموية تضمن توفير فرص العمل وتحسين الخدمات، وعندما ننجح في تحقيق هذه الأهداف، يمكن لعدن أن تصبح نموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة والاستقرار.


وبكل تأكيد، إذا تضافرت الجهود وتمت المحاسبة بشكل حقيقي على كل خطوة، فعدن يمكن أن تستعيد مكانتها كأحد أبرز مدن العالم العربي في النمو والتطور.


- هل الصراعات في عدن والمحاصصة أفشلت تنميتها أم أن هناك فشل على مستوى الحكومة والرئاسة؟


بالتأكيد، الصراعات السياسية بين المكونات السياسية المختلفة في عدن كان لها دور كبير في إعاقة النمو والتنمية، لكنني أرى أن الفشل الأكبر يعود إلى الحكومة التي لم تكن قادرة على تقديم رؤية واضحة موحدة ولم تتمكن من فرض سيطرة الدولة بشكل كامل.

وعلى الرغم من أن الصراعات السياسية ساهمت في تفاقم الوضع، إلا أن غياب القيادة الحقيقية والارتهان للمحاصصة السياسية هو السبب الرئيسي في تعطيل المشاريع التنموية.

وبكل تأكيد محاربة الفساد وإيجاد حلول جذرية لهذه الصراعات كان يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة، لكن غياب الإرادة السياسية لتحقيق هذه الأهداف كان له تأثير كبير في عدم تقدم المدينة بشكل مناسب.


ومدينة عدن كانت دومًا تمثل البوابة الاقتصادية اليمنية، وعلى الرغم من ذلك، فإن الواقع اليوم لا يعكس مكانتها، بسبب التحديات التي أفرزتها الصراعات السياسية وغياب التنسيق الحكومي، ومع ذلك يجب علينا توحيد الجهود وتسوية الخلافات بين الأطراف المختلفة في عدن وهذا هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة، وتحقيق استقرار طويل الأمد في المدينة، فلا يكمن الاعتماد على المحاصصة السياسية، بل يجب إيجاد قيادة موحدة قادرة على العمل لصالح الشعب والمصلحة العامة.


هل أضاعت الشرعية الفرصة التي منحت لها بعد التحرير لتحقيق التنمية للمدينة بشكل أفضل؟

حقيقة الشرعية كان لديها فرصة ذهبية لتحقيق التنمية الاقتصادية في عدن، لاسيما في ظل الدعم الكبير الذي حصلت عليه من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، والمجتمع الدولي بعد تحرير المدينة من مليشيا الحوثي، فلو استغلت الحكومة الشرعية الدعم السياسي والاقتصادي، لكان بالإمكان تحقيق تنمية حقيقية في عدن، ورفع مستوى معيشة المواطنين، مما كان سيُحسن الحالة الأمنية في المدينة ويضعف قدرة الحوثيين على التأثير بشكل أكبر.

وعلى الرغم من أن التنمية الاقتصادية كانت من أبرز أولويات الحكومة بعد التحرير، لكن مع مرور الوقت، تراجعت الأولوية لهذه القضايا لصالح المناكفات السياسية، والانقسامات الداخلية بين الأطراف المتصارعة في الشرعية.


وهذه الانقسامات كانت السبب الرئيسي في عدم القدرة على استغلال الفرصة بشكل جيد، وبالتالي لم تتمكن الحكومة من تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين في عدن، أو تحقيق الاستقرار الاقتصادي.


وكان من المفترض أن تكون عدن نموذجًا يحتذى به على مستوى التنمية والاستقرار في مناطق الجنوب واليمن بشكل عام، ولكن غياب التخطيط الاستراتيجي والإصرار على المحاصصة السياسية أضعف القدرة على إدارة الملف الاقتصادي بشكل فاعل.


ولو كانت الشرعية قد ركزت على تحقيق التنمية الاقتصادية بعد التحرير، لكانت قد سحبت البساط من تحت قدم الحوثيين، وجعلت عدن قاعدة انطلاق اقتصادية لأجزاء واسعة من اليمن لكن للأسف، غياب الرؤية السياسية الواضحة أدى إلى عدم الاستفادة من الفرص المتاحة.


- هناك اعتقالات خارج سلطة الدولة وقمع ومخاوف أمنية وهناك وضع اقتصادي صعب.. من يتحمل المسؤولية عن هذا التدهور في عدن تحديدا وما الذي يجب فعله؟


التدهور في عدن يتحمل المسؤولية عنه العديد من الأطراف، وأبرزها غياب السلطة الموحدة والفعالة، بالإضافة إلى التدخلات السياسية والعسكرية غير المنضبطة، فالوضع الذي عاشته عدن من اعتقالات خارج إطار الدولة، والقمع الأمني، والمخاوف الأمنية، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، هو نتاج للانقسام الحاصل في السلطة، والفشل في فرض القانون بشكل موحد. وللأسف، لم يتم العمل بشكل جاد على توحيد الجهود بين مختلف القوى السياسية والعسكرية في عدن، وهذا تسبب في تفتيت السلطة وضعف الإدارة الحكومية.

ولمعالجة هذه المشكلة فالأمر يتطلب خطوات سريعة من أجل استعادة الأمن والاستقرار في عدن، وذلك من خلال إعادة توحيد السلطات الأمنية والعسكرية وفرض سيادة القانون بشكل حازم وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، والحد من تدخلات القوى العسكرية والسياسية التي تعمل على تأجيج الأوضاع بدلاً من تحسينها.

كما يجب على الحكومة الشرعية أن تكون أكثر حزمًا في هذا الملف، وأن تعمل على إصلاح الوضع الأمني والاقتصادي في عدن من خلال استعادة سيطرة الدولة كاملة على كل المناطق.

- كيف تقيمون البيئة السياسية في عدن وهل يستطيع أي حزب العمل بحرية في المدينة؟

في الواقع الوضع في عدن معقد بسبب الانقسامات السياسية والصراعات المستمرة بين الأطراف المختلفة، سواء كانت عسكرية أو سياسية، وهذه الصراعات أدت إلى خلق بيئة صعبة على الأحزاب السياسية للعمل بحرية. ولا يمكن إغفال أن هناك ضغوطًا وأحيانًا مضايقات تمارسها بعض الأطراف العسكرية أو السياسية على الأحزاب المعارضة، مما يحد من قدرتها على التحرك بحرية.

ويجب أن تكون هناك بيئة سياسية مستقرة تتيح لجميع الأحزاب العمل بسلام بعيدًا عن التهديدات الأمنية أو التدخلات، وهذا يتطلب حوارًا داخليًا بين الأطراف المختلفة لضمان الحريات السياسية والتوازن بين جميع القوى.

وبكل تأكيد الوضع اليوم يتطلب تكاتف جميع القوى السياسية وتوحيد الجهود من أجل إرساء دعائم الاستقرار وتوفير بيئة قانونية وآمنة للعمل السياسي، بعيدًا عن الهيمنة العسكرية أو السيطرة الحزبية، بهدف بناء عدن مستقرة قائمة على التعددية السياسية.


ماهي الرسالة التي تود إيصالها للمسؤولين في عدن؟

رسالتي للمسؤولين هي أن عدن تستحق أكثر من مجرد وعود وتطلعات، فهي عانت بما فيه الكفاية من التحديات والصراعات، ويجب أن يكون لدينا التزام حقيقي من أجل إعادة بناء المدينة وتحقيق الاستقرار فيها.

وإذا كان لدينا رغبة في تغيير الواقع، يجب أن نضع التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية في مقدمة أولوياتنا، ويجب أن تتحملوا مسؤولياتكم تجاه الشعب، من خلال ترسيخ الأمن، تحسين الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، ودعم الاقتصاد المحلي عبر توفير فرص عمل للشباب وتعزيز الاستثمار المحلي.

كما يجب أن يتوقف الفساد، ويجب أن تتوحد الجهود بين جميع الأطراف السياسية والعسكرية لضمان أن تكون عدن نموذجًا للسلام والاستقرار في المنطقة، ولا يمكننا الاستمرار في العيش في دوامة الفشل والضياع؛ يجب أن تكون العدالة والمساواة أساس العمل السياسي في عدن.

وأخيرا أقول لهم أن عدن بحاجة إلى بناء الثقة بين جميع أطياف الشعب، وتحتاج إلى قيادات تتخذ قرارات تتسم بالحكمة والرؤية المستقبلية، لا أن تكون هناك سياسة تسير على مبدأ المحاصصة والصراع على النفوذ، فعدن لا تحتاج إلى تصريحات، بل إلى أفعال حقيقية تعكس رغبتنا في إعادة الحياة لها.


- رسالتك لأبناء مدينة عدن؟

رسالتي إلى أهلنا في عدن، أقول لهم "أنتم صناع التاريخ، وأنتم من قدمتم التضحيات الكبيرة لحماية مدينتكم وأرضكم، ولقد أثبتم للعالم أن عدن ليست فقط مدينة، بل هي قلب ينبض بالحرية والصمود. وفي ظل كل التحديات والصعوبات التي مررتم بها، حافظتم على عزيمتكم وإصراركم على البناء والتطور واليوم وعلى الرغم من الجروح التي لا تزال تنزف، نؤكد لكم أن الأمل موجود وأن المستقبل لا يزال مفتوحًا أمامكم، وعليكم أن تكونوا دائمًا يدًا واحدة، وأن تواصلوا مسيرة النضال من أجل العدالة والاستقرار والتنمية.

وندعو الجميع أن يتوحدوا من أجل بناء مدينة آمنة، تنعم بالازدهار، بعيدًا عن الصراعات والفتن، فأنتم قوة عدن الحقيقية، ومسؤولية البناء تقع على عاتقكم أيضا، فأنتم من تستحقون الأفضل في المستقبل، فلا تدعوا أحدًا يطفئ شعلة الأمل في قلوبكم.

 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows