Arab
في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد التحذيرات من أزمة غذاء وشيكة قد تعصف بالصوماليين، سلط مدير مكتب برنامج الغذاء العالمي في الصومال، الخضر دالوم، الضوء على الواقع الحالي، وحجم المخاطر المتوقعة، والسبل المتاحة لاحتواء الموقف قبل فوات الأوان.
وأضاف مدير مكتب برنامج الغذاء العالمي في الصومال: ما زال الأمل معقودًا على تضامن الدول العربية، بأن تتقدم الصفوف لدعم أشقائهم في الصومال وتعزيز الجهود الإنسانية لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة قبل فوات الأوان. وفيما يلي نص الحوار:
- كيف تصفون واقع الأمن الغذائي في الصومال حاليًا؟ وما هي أبرز الإحصائيات التي تعكس حجم الأزمة؟
يشهد وضع الأمن الغذائي في الصومال تدهورًا حادًا ومقلقًا للغاية. في الوقت الراهن، يعاني نحو 4.4 ملايين صومالي من انعدام أو ضعف شديد في الأمن الغذائي. الأزمة لا تتوقف هنا، إذ يواجه ما يقارب 1.8 مليون من النساء الحوامل والمرضعات والأطفال سوء تغذية حادًا. هذه الفئات المتضررة تمثل وحدها حوالي 25% من إجمالي سكان البلاد، مما يعكس عمق المأساة. وتشير البيانات بوضوح إلى أن طفلًا واحدًا من كل خمسة أطفال يعاني من سوء التغذية الحاد، وهو مؤشر بالغ الخطورة على الوضع الإنساني.
- هناك حديث متكرر عن المجاعة، هل نحن أمام مجاعة واقعة بالفعل، أم أن الأمر لا يزال في إطار التحذيرات؟
دعنا نكون دقيقين ومهنيين في التوصيف؛ نحن لا نتحدث عن حدوث مجاعة في الوقت الراهن، بل عن خطر مجاعة حقيقي قد تواجه السكان إذا لم يتم التدخل فورًا. التقديرات تحذر من أن نحو مليون شخص قد يواجهون هذا الخطر خلال الأشهر الستة المقبلة ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.
والمشكلة الحالية تكمن أيضًا في النزوح؛ حيث يبلغ عدد النازحين داخليًا نحو 3.4 ملايين شخص، وتتوقع السيناريوهات الأسوأ، احتمال نزوح نحو مليون شخص إضافي في الفترة المقبلة، وهو أمر بالغ الخطورة.
- ماذا عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة لموجات النزوح المحتملة التي ذكرتموها؟
تكمن خطورة هذا الوضع في طبيعة النازحين أنفسهم؛ فمعظم النازحين المحتملين يأتون من مناطق ذات إنتاجية عالية، سواء في الزراعة أو الرعي أو صيد السمك. انتقال هؤلاء المنتجين إلى مخيمات النزوح يعني تحولهم من قوى منتجة إلى فئات معتمدة بشكل كامل على المساعدات الإنسانية، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع الإنتاجية المستقبلية للاقتصاد والمجتمع الصومالي ككل. لذلك، نحن نؤكد على ضرورة التدخل الفوري لمنع موجات نزوح جديدة، لتفادي الآثار الجسيمة إنسانيًا واقتصاديًا.
- ما هي الأسباب الرئيسية لهذا التدهور المتسارع؟ وهل هناك أمل في تحسن الأوضاع مع المواسم الزراعية القادمة؟
الأسباب مركبة، لكن أبرزها يعود إلى فشل الموسم الزراعي السابق. وللأسف، المؤشرات والتوقعات الحالية تفيد بأن الموسم الزراعي القادم لن يكون أفضل حالًا، مما يجعل الأزمة مرشحة لمزيد من التفاقم.
هذا الوضع دفع الرعاة إلى البدء ببيع مواشيهم مبكرًا، خوفًا من انخفاض الأسعار، وفي ظل تدهور المراعي وشح المياه. هذا السلوك يعكس حالة القلق الشديدة من تفاقم الأزمة المعيشية.
- كيف تقيمون الاستجابة الدولية الحالية، وما هو وضع برامج الدعم والمساعدات؟
التحدي كبير، خاصة في ظل احتمالات تراجع دعم المانحين. فعلى سبيل المثال، اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى خفض حجم مساعداته بنسبة 50%، فبعد أن قدم مساعدات لنحو مليون شخص في يناير/ كانون الثاني 2025، تقتصر المساعدات حاليًا على عدد أقل بكثير.
وبشكل عام، الاستجابة الدولية ما تزال دون المستوى المطلوب، ويُعد عام 2025 من أسوأ الأعوام التي مرت على قطاع العمل الإنساني، حيث تشهد المساعدات حالة من الفتور والتراجع عالميًا.
- هل يمكن مقارنة الوضع الحالي بسنوات الأزمات السابقة؟ وما هي رسالتكم للمجتمع الدولي والعربي؟
الوضع الراهن لا يقل سوءًا عن الظروف التي سبقت كارثة عام 2011، ويجب استحضار تجارب أعوام 2017 و2022 لتفادي الأسوأ. لقد وصل عدد النازحين الجدد في الصومال هذا العام نحو 460 ألف شخص من بينهم 154 ألف شخص نزحوا فقط خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، فيما فرَّ 50 ألف نازح إلى دول الجوار، مثل جيبوتي وكينيا وإثيوبيا، مما يعكس هشاشة الوضع بشكل غير مسبوق. لا يمكن مقارنة ما يجري في الصومال بدول الجوار لاختلاف عمق الأزمة، إذاً رسالتنا واضحة، ما زال الأمل معقودًا على تضامن الدول العربية، بأن تتقدم الصفوف لدعم أشقائهم في الصومال وتعزيز الجهود الإنسانية لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة قبل فوات الأوان.

Related News
ترامب: زيلينسكي ليس لديه أي شيء حتى أوافق عليه
alaraby ALjadeed
12 minutes ago