Arab
10 أعوام من الفراق لم تكن كافية لتداوي حزن الفلسطينية ابتهال أبو زيد من بلدة قباطية جنوب جنين شمالي الضفة الغربية، التي استشهد ابنها نور الدين أبو معلا في 2015، وقبل يومين ارتقى ابنها الثاني ريان (16 عاماً) شهيداً حيث أعدمه الاحتلال بدمٍ بارد واحتجز جثمانه. "كلما تفتحت وردة، قطفوها"، هذا باختصار ما يفعله جيش الاحتلال، حين أعدم، مساء أول أمس السبت، بأربع رصاصات قاتلة، نور الدين (17 عاماً) بعيداً عن منزله بأقل من مئتي متر، بزعم طعنه رفقة الشهيد محمد رفيق سباعنة جندياً إسرائيلياً في بلدة حوارة جنوب نابلس شمالي الضفة في 2015.
لم تكن أبو زيد تعلم تفاصيل ما حصل لابنها ريان لولا وجود كاميرا مراقبة وثقت الحقيقة كما هي، إذ تقول لـ"العربي الجديد"، "إن الاحتلال ادعى إلقاء ريان حجراً على الجنود"، بينما يظهر الأخير في الفيديو وهو يسير بشكل طبيعي لا يفعل شيئاً سوى المشي، ويظهر الجنود وهم يأخذون أحد الجدران ساتراً، بينما ريان قادم من الشارع الذي يصوّب أحد الجنود سلاحه تجاهه، وما إن وصل ريان قرب الجنود حتى أمطروه بالرصاص، فوجئ ريان بوجودهم فسقط شهيداً، في قصة تتكرر لكثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية. ورغم تفاصيل الجريمة الواضحة، إلا أن سلطات الاحتلال تواصل احتجاز جثمان الشهيد ريان أبو معلا، كما جثامين الشهداء الذين تتهمهم بتنفيذ عمليات فدائية.
تقول الوالدة المكلومة: "يدعون أنه ألقى طوبة، ولكن ما حصل كان واضحاً أمام كل العالم في التسجيل المصور؛ ابني كان يضع يديه بجيبيه، وفي مقابله كان يتمركز قناص أطلق عليه النار، من الواضح أنه لم يفعل أي شيء، كان يسير بهدوء، وأعدموه بدم بارد، ثم تركوه ينزف، ومنعوا الإسعاف من الوصول إليه". بدوره يؤكد محمد أبو معلا والد الفتى ريان شهادة زوجته، فابنه كما يروي لـ"العربي الجديد"، كان ذاهباً إلى البقالة، وحين اقتحم جيش الاحتلال الحي، ابتعد، وحين اعتقد أن الجيش غادر عاد إلى المكان الذي يظهر في الفيديو، دون أن يعلم بوجود الجنود الذين كانت تخفيهم عنه زاوية جدار، وفوجئ بهم فأطلقوا عليه الرصاص.
كان ريان قبل استشهاده بـ15 دقيقة فقط مع والده ووالدته على مائدة العشاء في المطبخ، غادر واعتقد ذووه أنه متجه إلى غرفته لإكمال دراسته، فقد كان من المقرر أن يتقدم لامتحان نصف الفصل في المدرسة، كما تؤكد والدته، لكنه خرج لدقائق من المنزل ليستشهد بعد أن أعدم بدم بارد. تؤكد ابتهال أبو زيد، أنها دوماً ما تراقب أبناءها، وخصوصاً حين تعلم بوجود اقتحام لجيش الاحتلال، وتمنعهم من الخروج من المنزل، "فأي شخص في الشارع معرّض لإطلاق النار"، كما تقول، لكن صدف هذه المرة أنها لم تكن تعلم عن الاقتحام فخرج ابنها ريان هذه المرة وقت الاقتحام واستشهد.
توضح أبو زيد أن اقتحامات جيش الاحتلال لقباطية باتت تتكرر بشكل يومي، وفي كثير من الأحيان أكثر من مرة في اليوم، وقد غيرت حياتها وحياة أبنائها، لا سيما أنها كانت قد فقدت أحدهم قبل سنوات شهيداً.
رغم بعدها عنه وهو ينزف عشرات الأمتار، لم تعلم الوالدة بأن المصاب هو ابنها إلا بعد أن أعلن الارتباط الفلسطيني عن هويته إثر استشهاد واحتجاز جيش الاحتلال جثمانه، فهي كما تروي خرجت من البيت نحو الإسعاف تسأله عن المصاب، بعد أن ساورتها شكوك بأنه قد يكون ابنها الذي لم تجده في البيت حين سمعت جلبة في الحي ناجمة عن الاقتحام. حاول الإسعاف على مدار 40 دقيقة الوصول للمصاب، دون جدوى، فجيش الاحتلال منع الطاقم، ثم أخذ الجثمان واحتجزه بعد أن استشهد ريان إثر تركه ينزف.
واحتجاز الجثمان بالنسبة لوالد ووالدة الشهيد، لا مبرر له، خصوصاً بعد أن ظهرت الحقيقة بالتسجيل المصور لعملية إعدامه، "لكنها سياسة ممنهجة" كما تقول العائلة للضغط على الأهالي، لا سيما مع علم الاحتلال بأنّ العائلات الفلسطينية ترغب في إكرام أبنائها بدفنهم وفق ما يليق بهم. كانت لريان كما يقول والداه أحلام بسيطة: أن يكمل دراسته، وأن يعيش كباقي الأطفال، لكن ما مرت به عائلته واستشهاد شقيقه نور الدين، واستشهاد اثنين من أصدقائه، غيّر كل حياته. ورغم أن ريان كان في الصف الأول، أي لم يتجاوز ستة أعوام عند استشهاد شقيقه نور الدين في 2015، وعدم إدراكه حينها بما يجري حوله إلا أنه تعلّق بشقيقه، وأصبح يزور قبره أسبوعياً.
وتحرص الوالدة على زيارة قبر ابنها الشهيد مع أطفالها وآخرهم نور الدين الذي يبلغ ثمانية أعوام، والذي أسمته على اسم شقيقه الشهيد، مشيرة إلى ذكرى استشهاده في الـ27 من الشهر الجاري. وتعاني بلدة قباطية من اقتحامات متكررة لجيش الاحتلال، وعمليات إطلاق نار بشكل متكرر على الأهالي والشبان خلال الاقتحامات. ويؤكد رئيس بلدية قباطية أحمد زكارنة لـ"العربي الجديد"، أن لا هدف حقيقياً من الاقتحامات لقباطية سوى عمليات القتل، والتدمير الاقتصادي للبلدة.
وأضاف: "يومياً تحصل اقتحامات لقباطية، الهدف الوحيد الضغط على الناس، لا أهداف للاقتحامات، وإذا نظرنا للوضع الأمني لا حاجة لإطلاق النار، لا يوجد أي شاب يشكل أي خطر على الجنود عندما ينفذون هذه الاقتحامات، لكنهم وبعد ما يسمى بتغيير قواعد إطلاق النار، أصبحوا يصطادون الشبان لمجرد وقوفهم أو محاولة أحدهم تصوير ما يحصل بهاتفه".

Related News
الذهب يتجاوز كل التوقعات في مصر.. ما سعر عيار 21؟
al-ain
24 minutes ago