أزمة المياه في تعز: واقع إنساني مؤلم وتحديات متصاعدة
Party
1 day ago
share

الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
تعد أزمة المياه في مدينة تعز واحدة من أبرز القضايا الإنسانية التي تؤثر بشكل عميق على حياة المواطنين في هذه المدينة الواقعة جنوب غرب البلاد. تواجه تعز نقصًا حادًا في الموارد المائية، نتيجة لمجموعة من العوامل المعقدة، أبرزها الانقلاب المستمرة منذ عام 2014، التدهور الكبير في البنية التحتية، والتضاريس الجغرافية الجبلية التي تجعل من الصعب الوصول إلى المياه الصالحة للشرب. هذا التقرير يسلط الضوء على أسباب الأزمة، آثارها الاجتماعية والاقتصادية، والجهود المبذولة لمواجهتها.
أسباب الازمة :
تعتمد مدينة تعز بشكل أساسي على المياه الجوفية والمصادر المحلية لتلبية احتياجاتها من المياه، ولكن منذ بداية الصراع في اليمن، تعرضت المدينة لتدمير واسع في بنيتها التحتية، بما في ذلك شبكات المياه ومحطات الضخ. ومع استمرار المعارك، تعرضت العديد من الآبار للتدمير أو التوقف عن العمل، ما أدى إلى انخفاض كبير في القدرة على توفير المياه للسكان.
من جهة أخرى، يعزز الموقع الجغرافي الجبلي لتعز من صعوبة نقل المياه إلى مختلف المناطق داخل المدينة، إذ لا تكفي المصادر الطبيعية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. إضافة إلى ذلك، يشهد الوضع في تعز ضغطًا إضافيًا نتيجة للنمو السكاني السريع، حيث أصبح أكثر من 1.5 مليون نازح من المناطق المتضررة بالحرب يعيشون في المدينة، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
آثار الأزمة على الحياة اليومية :
تُسهم ندرة المياه في تفشي العديد من الأمراض المعدية مثل الإسهال والكوليرا، التي تضر بشكل خاص الأطفال وكبار السن. وفي هذا السياق، أشار الأستاذ صادق مكرد، أحد الخبراء المحليين في تعز، إلى أن السكان يعانون بشكل مستمر من نقص المياه الصالحة للشرب بسبب تدمير شبكات المياه وأزمة الحرب المستمرة. وأضاف أن ارتفاع أسعار المياه بسبب الحاجة لشراء المياه من صهاريج خاصة جعل العبء المالي على الأسر في تعز يفوق قدراتها، ما دفع العديد من الأسر إلى تقليل استهلاكها من المياه، وهو ما يهدد صحتهم.
من ناحية أخرى، يُعرقل نقص المياه الحياة اليومية للسكان في تعز، حيث يواجه المزارعون صعوبة كبيرة في ري أراضيهم بسبب تراجع مستويات المياه الجوفية، ما يؤثر على الإنتاج الزراعي المحلي ويزيد من معاناة السكان.
جهود مبذولة;
على الرغم من التحديات، تبذل الجهات المعنية جهودًا كبيرة للتخفيف من حدة أزمة المياه في تعز. في هذا الصدد، أشار المهندس وثيق الأغبري، مدير عام مؤسسة المياه في تعز، إلى أن العجز في إمدادات المياه يصل إلى نحو 70%، بسبب استمرار سيطرة جماعة الحوثي على مصادر المياه الرئيسية الواقعة خارج المدينة، مثل حقل الحيمة. وأضاف الأغبري أن الحل المستدام للأزمة هو إنشاء مشاريع لتحلية مياه البحر، مشيرًا إلى أن “مشروع تحلية مياه البحر من مدينة المخا” يُعد الحل الأمثل لضمان إمدادات مستقرة للمياه.
وأوضح الأغبري أن الإجراءات الإسعافية التي اتخذتها المؤسسة شملت حفر آبار عميقة في المدينة واستئناف العمل في مشاريع مياه مثل “مشروع الشيخ زايد” في منطقة الضباب، بالإضافة إلى تفعيل كافة الآبار المتاحة في النطاق الجغرافي للمدينة لتحسين توزيع المياه. ومع ذلك، أكد الأغبري أن الفجوة بين العرض والطلب على المياه لا تزال واسعة للغاية بسبب الكثافة السكانية المرتفعة والنزوح المستمر إلى المدينة.
الإحصائيات والمعلومات الأساسية;
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يواجه نحو 2 مليون شخص في تعز صعوبة كبيرة في الحصول على مياه شرب نظيفة. وقد توقفت حوالي 60% من الآبار في المدينة عن العمل أو أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات السكان بسبب تراجع مستويات المياه الجوفية.
علاوة على ذلك، تشهد المدينة ضغطًا متزايدًا على مواردها المائية بسبب النزوح الداخلي، حيث يعيش حوالي 1.5 مليون نازح في تعز، مما يفاقم الأزمة.
الجهود الإنسانية والمشاريع الدولية:
تسهم العديد من المنظمات الإنسانية الدولية في معالجة أزمة المياه في تعز. ومن بين هذه المنظمات، تُعتبر “اليونيسف” و”الصليب الأحمر” من أبرز الجهات التي تعمل على توفير المياه للسكان من خلال مشاريع لتوزيع المياه عبر الصهاريج وحفر الآبار العميقة. ولكن، تبقى هذه الجهود غير كافية لتلبية احتياجات السكان اليومية من المياه.
وفي إطار إعادة تأهيل البنية التحتية، بدأ العديد من المنظمات الحكومية والدولية في تنفيذ مشاريع لإصلاح الأنابيب المتضررة وتوسيع محطات معالجة المياه وتحسين تقنيات تخزين المياه.
حلول المقترحة;
تعد تحسين البنية التحتية لشبكات المياه من الأولويات العاجلة في تعز. يجب إعادة بناء شبكات المياه المتضررة وتوسيع محطات المعالجة لضمان توفير مياه صالحة للشرب للسكان. كما يُعد تعزيز التعاون الدولي بين الحكومة اليمنية والمنظمات الإنسانية أمرًا أساسيًا لضمان تمويل المشاريع اللازمة وتحقيق حلول مستدامة.
إضافة إلى ذلك، يُعتبر التوسع في مشاريع تحلية المياه من الحلول الأكثر فعالية لتوفير إمدادات مياه دائمة للمواطنين. يعتبر مشروع تحلية مياه البحر من مدينة المخا بمثابة خطوة هامة نحو حل الأزمة، ويتطلب هذا المشروع دعمًا دوليًا كبيرًا لضمان تنفيذه بنجاح.
أخيرًا، من المهم تكثيف التوعية المجتمعية حول الحفاظ على المياه وتجنب تلوثها، لتخفيف العبء على الموارد المائية المحدودة.
خاتمة:
إن أزمة المياه في تعز تُعد من الأزمات الإنسانية البارزة التي تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من كافة الأطراف المعنية. على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين الوضع، فإن الحلول المستدامة تتطلب المزيد من الدعم الدولي والمالي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين جميع المعنيين لحل هذه الأزمة بما يضمن حياة كريمة وآمنة للسكان في المدينة.

http://أزمة المياه في تعز: واقع إنساني مؤلم وتحديات متصاعدة

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows