سبتمبر نت/ مقال – الرائد مـصطـفى الـقحـفـة
يظل الثلاثون من نوفمبر 1967م في ذاكرة الأمة اليمنية، شاهداً خالداً على انتصر إرادة شعب أعزل، إلا من إيمانه بعدالة قضيته وعراقة أرضه، على واحدة من أعتى الإمبراطوريات في التاريخ، إنه يوم الجلاء، اليوم الذي رحل فيه آخر جندي بريطاني عن أرض عدن الطاهرة، لترتفع راية الاستقلال معلنة نهاية صفحة مظلمة من تاريخ الاستعمار، وبداية فجر جديد من الحرية والسيادة.
لقد كانت “بريطانيا العظمى” الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، ترى في عدن درة تاج امبراطوريتها الشاسعة، ومحطة استراتيجية لا غنى عنها، ولكنها وفي مواجهة الصمود اليمني الأبي تحولت إلى بخار في مهب رياح المقاومة والصمود.
لقد كتبت عدن بعنفوان وشموخ رجالها الأبطال أمثال “سالمين وفتاح, قحطان, البيض, محمد مطيع, راشد ثابت, سلطان عمر، عبد القوي, عبدالنبي مدرم, حسن الصغير “بدر”, خليفة وعبدالعزيز عبد الولي وغيرهم، شهادة الدفن النهائية لوهم السيطرة الأبدية، مقتلعةً بذلك جذور محتل استعبد الشعوب وأكل ثرواتها لقرون.
لم يكن النصر منحة أو هبة، بل كان ثمناً باهظاً دفعه اليمنيون من دمائهم الزكية وعذاباتهم، لقد كان مثلث الإعصار المتشكل من نيران المقاومة الشعبية، وصدق الرصاصة الوطنية، ولهيب الثورة المسلحة، هو الأداة التي اقتلعت المستعمر الخبيث من على هذه الأرض الطيبة، كل حجر في عدن، وكل جبل في ردفان والضالع والحبيلين والصبيحة، وفي كل جنوب الوطن يروي قصة بطل، ويخلد ذكرى شهيد، سطروا بأحرف من نور ملحمة وطنية لا تنسى.
إن عيد الجلاء ليس مجرد ذكرى نسترجعها، بل رسالة متجددة للأجيال، رسالة تؤكد أن الأرض لا تُسترد إلا بالتضحية، وأن الكرامة لا تُنال إلا بالعزة، وأن المستعمر مهما علت شوكته وطال بقاؤه، فإن مصيره إلى زوال أمام شعب موقن بحقه، وعازم على نيل حريته.
في هذا اليوم المجيد، ننحني إجلالاً وإكباراً لأرواح الشهداء الذين رووا بدمائهم ثرى الوطن ليظل حراً أبياً، ونستلهم من معاني نوفمبر دروساً في الوحدة والصمود والثبات على المبادئ، فتحية لردفان والضالع والحبيلين ولعدن، حاضرة البحر والبسالة، وتهنئة لليمن بأكمله في عيده الخالد.. عيد الجلاء.