غزة.. خذلان عربي وعربدة إسرائيلية
Arab
6 hours ago
share

استأنف جيش الاحتلال حربه وعدوانه العسكري على قطاع غزّة، بتبريراتٍ واهية للحكومة الإسرائيلية لا تنطلي على أحد، وبدعوى تعثّر المحادثات مع المقاومة للإفراج عن مزيد من الأسرى، ومتعهدة بـ"تصعيد القوة العسكرية"، رغم أنها سبق أن خرقت الاتفاق أكثر من مرّة.

العودة إلى استئناف الحرب والعدوان الظالم هي محاولة للضغط على العرب وعلى الجامعة العربية لقبول الحلّ الأميركي بتهجير الفلسطينيين، إلى الأردن أو مصر أو إلى أيّ مكان أخر، وليس إطلاق سراح الأسرى، فإسرائيل تعلم جيّدًا أنّ العدوان لن يحرّر أسيرًا إسرائيليًّا واحدًا، وقد جرّبت ذلك طيلة 15 شهرًا من العدوان على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023، من دون أيّة جدوى.

يسعى الاحتلال وحلفاؤه بعد هزيمته المذلّة في غزّة، عقب طوفان الأقصى، وفشله في تحقيق أيّ نصر عسكري إلى ممارسةِ مزيد من الضغط على العرب. كما يسعى نتنياهو وحكومته المتطرّفة إلى تصدير أزمتهما الداخلية من خلال شنّ عدوان همجي على العُزّل بمبرّر إطلاق سراح الأسرى ونزع سلاح المقاومة وحماية إسرائيل من تهديداتٍ أمنية. فرئيس الوزراء الإسرائيلي يعيش أزمة سياسية حادة وزلزالًا داخل إسرائيل، منذ بدء العدوان على غزّة، اتسم بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، وتقديم قادة عسكريين استقالتهم، أبرزهم رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، إضافة إلى توجّه رئيس الوزراء إلى إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، ما دفعه إلى اتخاذ قرار استئناف الحرب.

من جهتها، تظلّ بلاغات الدول العربية تدور حول نفسها بخطابٍ رديء لا يحمل أيّ صراحة ووضوح، خطاب ليس أكثر من أسطوانة تعيد نفسها من خلال عبارات لا أساس لها مع تكرار حلّ الدولتين، والسلم والسلام بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وكأنّ واشنطن تريد خيرًا بالفلسطينيين، وليست صاحبة فكرة التهجير ولا تقف خلف الاحتلال بالدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي... فمتى يفهم العرب أنّ استقلال قرارهم عن الولايات المتحدة الأميركية هو المدخل الاساسي لحلّ القضية الفلسطينية، وتحرير كامل الأراضي العربية؟

متى يفهم العرب أنّ استقلال قرارهم عن الولايات المتحدة الأميركية هو المدخل الاساسي لحلّ القضية الفلسطينية؟

النظام العربي بتنازلاته المستمرّة، والتي إن استمرّ فيها سيدخل المنطقة العربية نفقًا لا أحد يعلم كيف ستخرج منه، ويفتح مستقبلها على المجهول، ويقف حجر عثرة أمام تحرير الأراضي العربية في زمن التكتلات، وعوض التفكير الجدي في مستقبل المنطقة، وفي الأجيال الصاعدة، والتحديات التي تواجهه الأمّة، ما زالت الدول العربية تؤمن بخيار مسلسل السلام، الذي لم يأت بشيء سوى الدمار والخراب ومزيد من تشتيت أبناء شعبنا في فلسطين في العالم.

الضغط الذي يمارسه ترامب على بعض الأنظمة العربية، وعلاقة بعضها بإسرائيل، والتطبيع المستمر والإدانة المحتشمة لجرائم الاحتلال والمواقف التي لا تصل إلى درجة الموقف تشير بالملموس إلى ضعف نظامنا العربي وترهله وعدم قدرته على الوضوح واتخاذ قرار ضدّ إسرائيل.

إنّ غالبية دولنا العربية تفتقد للحاضنة الشعبية وتمارس السلطوية والاستبداد على شعوبها وارتهانها للخارج في توفير حاجياتها، ممّا يفقدها قوّة المواقف السياسية والدبلوماسية، وتأتي هذه المواقف لتؤكّد باستمرار أنّ الاجتماعات والقمم لا طائل منها وترديد شعارات تجاوزها الواقع واعتادتها إسرائيل ولم تعد تهتم بها ولا تلتفت إليها. فالطريق الصحيح هو الالتصاق بهموم شعوبها ومصالحتها والاعتماد على الذات والخروج من جلباب واشنطن، وبناء دول ديمقراطية قوية الهيبة، وتفعيل التضامن العربي المشترك على أرض الواقع وتحويله إلى مشروع كبير يوحّد الأمّة العربية ويجعلها تحظى بمكانتها التي تستحقها بين الأمم وتحفظ كرامة أبنائها.

أما الاستمرار في عقد هذه الاجتماعات فإنه يُفقد نظامنا العربي الشرعية والنزاهة في المواقف، إن كان ما زال يتمتّع بها أصلًا، ويجعله في حالة من المراوغات والتخبّطات مخافة من سلطة الأب الأميركي، التي تهدّد كيانه ووجوده كلّ يوم، ويجعل إسرائيل تفعل ما تريد من دون الالتفات إلى أيّ أحد من العرب، ومن دون الالتزام حتى بالاتفاقات التي وقعتها ورعاها وسطاء عرب.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows