تقدير مصري لـ"تراجع" ترامب عن تهجير غزة
Arab
5 hours ago
share

جاء قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً إن "لا أحد يريد ترحيل الفلسطينيين من غزة" ليثير تساؤلات حول ما إذا كان صاحبه تراجع عن مواقف سابقة لإدارته بشأن تهجير غزة أم أنه أراد تأكيد موقف مستقر. ويطرح قوله هذا سؤالاً عن تأثيره المحتمل على مفاوضات وقف الحرب في القطاع، ومدى نجاح الجهود المصرية والعربية في ثني واشنطن عن دعم أي خطط لترحيل سكان غزة. ويرى خبراء أن الخطر لا يزال قائماً، على الرغم من تراجع ترامب بشأن ملف تهجير غزة والاستيلاء على القطاع، إذ لم يضع موقفه المستجد أي خطوط حمراء تمنع إسرائيل من الاستمرار في سياساتها بهذا الشأن، خصوصاً استمرار العدوان وتشديد الحصار على سكان القطاع ومنع دخول المساعدات التي تعينهم على الحياة.


محمد حجازي: رفعت مصر شعار "الإعمار من دون التهجير"

تراجع خيار تهجير غزة

وتتواصل المساعي الأميركية الإسرائيلية لبحث خيارات تهجير غزة وسط رفض عربي ودولي واسع، فقد كشفت وكالة أسوشييتد برس عن اتصالات أجرتها الولايات المتحدة وإسرائيل مع السودان والصومال وإقليم صوماليلاند لبحث إمكانية استقبال فلسطينيين، ضمن خطّة ترامب؛ ورغم تقديم حوافز مالية وأمنية لهذه الدول، رفض السودان المقترح فوراً، بينما نفى الصومال تلقّي أي اتصالات، في حين تحدثت مصادر أميركية عن وجود "حوار هادئ" مع صوماليلاند من دون تفاصيل واضحة عن صلته بملف التهجير. وفيما تنفي الولايات المتحدة دعم تهجير غزة قسراً، تستمر إسرائيل في الدفع بهذه الخطة جزءاً من "حل طويل الأمد" للصراع، لكن المواقف العربية جاءت حاسمة، إذ أكدت القاهرة وعمّان رفضهما القاطع، فيما اعتبر الفلسطينيون الخطة "نكبة جديدة". وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى وجود نقاشات داخل دوائر صنع القرار الأميركي عن خيارات التعامل مع الوضع في غزة، منها سيناريوهات تضمنت نقل السكان إلى خارج القطاع، وهو ما أثار رفضاً عربياً ودولياً واسعاً. وبحسب دبلوماسيين مصريين، برز دور القاهرة في هذا السياق من خلال تحركات دبلوماسية مكثفة، إذ قادت مشاورات مع الدول العربية والإدارة الأميركية بهدف تثبيت موقف واضح برفض أي حلول لا تحترم حقوق الفلسطينيين.

في هذا السياق، جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، بمشاركة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لمناقشة تطورات الوضع في غزة، فجرى خلال الاجتماع استعراض الخطة العربية لإعادة إعمار القطاع، التي أقرتها القمة العربية غير العادية في القاهرة في الرابع من مارس/ آذار الحالي، مع تأكيد ضرورة التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية. وقال دبلوماسيون مصريون إن الجهود المصرية والعربية لم تقتصر على الاجتماعات والبيانات، بل شملت أيضاً تواصلاً مباشراً مع المسؤولين الأميركيين، فقد التقى عبد العاطي المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ومنسق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي إريك تريجر على هامش الاجتماع الوزاري في الدوحة، حيث جرى تأكيد ضرورة التمسك بحقوق الفلسطينيين ورفض أي محاولات لفرض حلول غير عادلة.


طلال عوكل: ما قاله ترامب لا يشكل خطاً أحمر أمام المخططات الإسرائيلية لتهجير غزة

وقال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري محمد حجازي إن التحول الواضح في الموقف الأميركي بشأن ملف تهجير غزة يعد محصلة مباشرة للجهود المصرية والعربية التي عملت على التعامل بجدّية مع الطروحات الأميركية، وخاصة تصريحات ترامب حول ما عُرف بمشروع "ريفييرا غزة" وخطط التهجير القسري. وأوضح حجازي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن هذا التحول جاء نتيجة لمثابرة الموقف المصري وإصراره على تقديم حلول واقعية أكثر استدامة، تقترب من مفاهيم حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، فقد خاضت مصر اتصالات واسعة، بالتعاون مع الدول العربية، تحت شعار "الإعمار من دون تهجير"، المبدأ الذي شكل جوهر التحركات المصرية في مواجهة هذه الطروحات. وأضاف أن الدور العربي كان حاسماً في هذا المشهد، إذ قادت مصر تنسيقاً عربياً على أعلى مستوى، تضمن الدعوة إلى قمة عربية طارئة، أعقبها اجتماع وزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، ما أسفر عن موقف عربي موحد ومؤثر. كما أشار إلى أن مصر دفعت باتجاه عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة تأكيداً لأهمية تقديم حلول عملية ومستدامة بعيداً عن أي سيناريوهات تهدّد الوجود الفلسطيني أو تحاول فرض واقع ديمغرافي جديد في القطاع.

الموقف العربي الموحّد

أما الكاتب الفلسطيني طلال عوكل، فرأى أنه رغم تراجع ترامب عن تصريحاته السابقة بشأن تهجير سكان قطاع غزة والاستيلاء عليه، إلا أن الخطر لا يزال قائماً من منظور السياسة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن ما قاله ترامب لا يشكل بأي حال من الأحوال خطاً أحمر أمام المخططات الإسرائيلية المحتملة في هذا السياق. وأوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن أسباب التراجع الأميركي تعود إلى عدة عوامل، أبرزها الموقف العربي الموحد الذي أسست له مصر، إلى جانب مبادرتها البديلة التي حظيت بدعم إسلامي ودولي واسع. وشدّد على أن الصمود الفلسطيني وتمسك السكان بأرضهم كان عاملاً حاسماً في إفشال أي محاولات لفرض واقع جديد، مشيراً إلى المشهد المذهل الذي جسده مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين من جنوب القطاع إلى شماله.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، فقال لـ"العربي الجديد" إن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة المدعومة عربياً حظيت بترحيب من الإدارة الأميركية لسببين: الأول، إشارة المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى أن الخطة تتضمن جوانب إيجابية، ما يعكس تقبلاً أميركياً للمقترح العربي. والثاني، تراجع ترامب عن فكرة تهجير الفلسطينيين، إذ أكد في أكثر من مناسبة، بما في ذلك تصريحاته مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، أنه لا ينوي فرض خطة لترحيل الفلسطينيين من القطاع. وأوضح أبو سعدة أن هذا التراجع يعود بالأساس إلى الموقف المصري والأردني الرافض تماماً أيَّ مخطط لتهجير الفلسطينيين من غزة، إلى جانب الانتقادات الإقليمية والدولية الواسعة لهذه الأفكار، وتمسك الفلسطينيين بالبقاء والصمود في القطاع، ما شكل عائقاً حقيقياً أمام تنفيذ أي خطط تتعلق بترحيل السكان.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows