الأصابعة الليبية... مخاوف من تجدد الحرائق وتباطؤ الاستجابة الحكومية
Arab
7 hours ago
share

مع تجدّد الحرائق في مدينة الأصابعة في منطقة جبل نفوسة، 120 كيلومتراً جنوب العاصمة الليبية طرابلس، خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، وامتداد النيران إلى منازل سبق أن احترقت، تتصاعد المخاوف بشأن الأوضاع في المنطقة، ووفقاً لتصريحات عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، فإنّ حالة الاستقرار تبقى نسبية.

بدأت حرائق الأصابعة، في أواخر فبراير/ شباط الماضي، عندما اندلعت النيران على نحوٍ مفاجئ في 30 منزلاً في البداية، قبل أن يصل عدد المنازل المتضررة إلى 110، بعضها احترق أكثر من مرة، كما طاولت النيران سيارات المواطنين، في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ المدينة، بحسب المقطوف.
مع توسع رقعة النيران، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي، حالة الطوارئ، في خطوة لاحتواء الأزمة والتخفيف من تداعياتها على السكان.
واستجابة لهذه التطورات، شهدت المدينة وصول أرتال من سيارات الإطفاء، مصحوبة بفرق الإسعاف والطوارئ التي سارعت إلى تقديم المساعدة للأهالي المتضررين، ومن بينهم العشرات من حالات الاختناق دون وقوع خسائر بشرية.

ورغم الجهود المبذولة من فرق الإطفاء التي انتشرت بكثافة في المنطقة، وتمكنت من احتواء الحرائق عند اندلاعها، إلا أن الجانب الآخر من الجهود الحكومية، والمتمثل في البحث عن أسبابها عبر فرق بحثية أرسلتها إلى المدينة فشل حتى الآن، وبحسب المقطوف "لم تتمكن الجهود البحثية من الكشف عن أسباب الحرائق"، وفي متابعة لإجراءاتها، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عن تشكيل لجنة لتقييم الأضرار وتعويض المتضررين، إذ رُصِدَ مبلغ مالي لدفع بدل إيجار مؤقت للأسر التي اضطرت إلى مغادرة منازلها، وذلك إلى حين إعادة تأهيلها، وباشرت اللجنة زيارات ميدانية لحصر الخسائر وتقدير التعويضات المناسبة.
وتقتصر جهود المعالجة الحالية على إخماد الحرائق وتقديم إغاثة عاجلة للأسر المتضرّرة منازلها، لكن خليفة مهلهل، أحد سكان الأصابعة، يعتبر أن المعالجات الحكومية مؤقتة وغير كافية إذا استمر عدم الكشف عن الأسباب الحقيقية لاندلاع النيران، مؤكداً أن الكثير من الأسر في المدينة تعيش خارج منازلها تحسباً لاندلاع الحرائق فيها في أي لحظة، وفيما يقدّر مهلهل عدد سكان المدينة بنحو عشرة آلاف أسرة، معبراً عن ترحيبه بالخطوة الحكومية المتمثلة في تقديم تعويضات أولية هي بدل الإيجار للمتضرّرين، إلا أنه يشدد على أن المطلب الأساسي لسكان المدينة لا يقتصر على التعويضات فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى ضرورة التوصّل إلى معرفة الأسباب الحقيقية وراء اندلاع هذه الحرائق المتكررة.

ويتفق معه المواطن عبد الله الجويفي، الذي يعبر عن حالة الترقب الدائمة التي يعيشها هو وجيرانه، إذ أصبحوا في انتظار اتصال أو خبر عن اندلاع النيران في أحد المنازل، ويروي الجويفي في حديثه لـ"العربي الجديد" كيف شاهد احتراق منزل أحد جيرانه مرتين، ما أدى إلى فقدانه كاملَ أثاثه ومقتنياته، متسائلاً عن حجم التعويض الذي ستقدمه له الحكومة، وما إذا كان كافياً لإعادة تأهيل منزله وتعويض خسائره الكبيرة. ولا تقتصر الأضرار التي يعاني منها السكان على الجانب المادي فحسب، بل تمتد إلى أبعاد نفسية عميقة، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، كالأطفال والنساء وكبار السن، ويشير الجويفي إلى أن هذه الأزمة خلّفت آثاراً نفسية واضحة لم تحظَ بالاهتمام الكافي من المسؤولين، مضيفاً: "أخبروني عن طفلة تعاني خوفاً واضطراباً شديداً بمجرد أن يُذكر أمامها لفظ النيران".
في ظل الغموض الذي يلف أسباب الحرائق، يؤكد الجويفي أن الأوساط الشعبية في الأصابعة تعجّ بالتفسيرات والتكهنات، التي يغذيها غياب تحقيق رسمي حاسم، وتتنوع هذه التفسيرات بين فرضية تماس كهربائي تسبب في اندلاع النيران، واحتمال انبعاث غاز من باطن الأرض، وصولاً إلى التفسيرات الغيبية التي تبدو الأكثر شيوعاً بين السكان. لكن الجويفي يتساءل بمرارة: "إلى متى ستبقى مأساة الأصابعة في إطار التخمين؟"، مشدداً على ضرورة إجراء تحقيق دقيق للوصول إلى الحقيقة ووضع حدّ لحالة القلق المستمرة.

وتعكس هذه الأزمة تحدياً أوسع تواجهه ليبيا في ظل تأثير تداعيات الانقسام السياسي والحكومي على جهود معالجة الأزمات الإنسانية بفعالية، فقد شهدت البلاد في السابق كوارث طبيعية مثل سيول عاصفة دانيال عام 2023، التي خلفت دماراً واسعاً، والفيضانات التي اجتاحت مناطق الجنوب، وأعقبها انتشار أسراب الجراد، وغيرها من المآسي التي تحد من قدرة الحكومات المتنافسة على إمداد هذه المناطق بالوسائل العاجلة لمواجهة المخاطر.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows