تطبيع لبنان مع إسرائيل غير مطروح مع بدء معالجة الحدود البرية
Arab
5 hours ago
share

قفز موضوع تطبيع لبنان مع إسرائيل إلى الواجهة لدى الإعلام الإسرائيلي، الذي تطرق إلى ذلك في الأيام الماضية، بالتزامن مع بدء المفاوضات غير المباشرة بشأن معالجة النقاط المتنازع عليها على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وفي وقتٍ كثّف فيه الإعلام الإسرائيلي الإشارة إلى أن مسار التطبيع مع لبنان بدأ، من دون حديث إسرائيلي رسمي عن الموضوع، جدّدت السلطات اللبنانية رفضها القاطع لأي تطبيع مع إسرائيل. الثلاثاء الماضي، أُعلن بدء المفاوضات المتعلقة بمعالجة النقاط الحدودية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، وذلك بناءً على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وأفاد بيان صادر عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأن اجتماعاً رباعياً عُقد في الناقورة في لبنان، "بمشاركة ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، وممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان. وخلال الاجتماع، اتُّفِق على إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة تهدف إلى استقرار المنطقة وتركّز على القضايا الآتية: النقاط الخمس التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان، مناقشات حول الخط الأزرق (الذي رسمته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000) والنقاط التي لا تزال محل خلاف، وقضية المعتقلين اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل". وأضاف البيان أنه "بالتنسيق مع الولايات المتحدة وفي بادرة تجاه الرئيس اللبناني الجديد (جوزاف عون)، وافقت إسرائيل على إطلاق سراح خمسة معتقلين لبنانيين".


وزير الخارجية اللبناني يؤكد أن تطبيع لبنان مع إسرائيل غير مطروح أساساً

تطبيع لبنان مع إسرائيل

في اليوم التالي صرّح مصدر سياسي إسرائيلي، لم يُكشَف عن اسمه، لقناة 12 العبرية أن إسرائيل تتطلع إلى التطبيع مع لبنان، في جزء من المفاوضات، لكن تصريحاته قوبلت بشكوك من قبل مسؤولين إسرائيليين آخرين. وقدّر أحدهم أن تصريحاته بشأن تطبيع لبنان مع إسرائيل "تهدف إلى التغطية على الإشكالية في قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالخروج عن السياسة الإسرائيلية التقليدية، والموافقة على دراسة مطالب دفع بها حزب الله على مدار سنوات، وربما حتى تقديم إنجازات له عقب الحرب". واستبعد وزير الطاقة وعضو الكابينت الإسرائيلي، إيلي كوهين، إمكانية تطبيع لبنان مع إسرائيل "في الوقت الراهن". وقال كوهين، في حديث لقناة 14 العبرية: "أعتقد أن من المبكر الحديث عن تطبيع مع لبنان. علينا أولاً أن نتمكن من استهداف إيران، ونحن ننتظر أن ينجح الرئيس (الأميركي) دونالد ترامب في إكمال المهمّة، باتفاق أو بطريقة أخرى، مع طهران. فإذا لم يفعلها ترامب فنحن فسنفعل ذلك. فقط عندها يمكن البحث في تطبيع مع لبنان".

وجاء ذلك بعد نقل القناة 12 الإسرائيلية عن مصدر سياسي في رئاسة الوزراء الإسرائيلية، قوله إن "لبنان له مطالب بخصوص الحدود، ولنا أيضاً مطالب وسنناقش الأمور"، مشيراً إلى أن "المحادثات مع لبنان جزء من خطة واسعة وشاملة". واعتبر المصدر أنه "غيّرنا وجه الشرق الأوسط ونرغب في تطبيع العلاقات مع لبنان". من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه "لن نتنازل عن السيطرة على خمسة مواقع في الأراضي اللبنانية"، وهي التلال الخمس التي تحتلها إسرائيل منذ وقف إطلاق النار مع حزب الله في 27 نوفمبر الماضي. وأكد في بيان، الخميس الماضي، أن سياستنا الهجومية لا تقتصر على سورية، بل تمتد إلى لبنان أيضاً.

وانتقد نتنياهو زعيم المعارضة يئير لبيد، معتبراً أن "المسيّرات التي حلقت فوق منصة الغاز، جعلتك تتنازل عن مساحة من أراضينا للبنان"، في إشارة إلى توقيع لبنان وإسرائيل اتفاق ترسيم الحدود البحرية، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، خلال رئاسة لبيد الحكومة الإسرائيلية. والمسيّرات التي أشار إليها نتنياهو، هي مسيّرات استطلاعية غير مسلحة أطلقها حزب الله فوق حقل كاريش للغاز في يوليو/تموز 2022، إبان التفاوض على ترسيم الحدود البحرية. وأضاف نتنياهو: "خلافاً للبيد الذي خنع أمام حزب الله دخلنا بقوة إلى لبنان ونفذنا عملية البيجر (في 17 سبتمبر/أيلول 2024) واغتلنا (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله (في 27 سبتمبر الماضي)".

الدولة وحزب الله يعارضان التطبيع

في المقابل، أكدت مصادر رسمية في لبنان لـ"العربي الجديد"، أن "بيروت لم تناقش مسألة تطبيع لبنان مع إسرائيل ولا اتجاه لديها أصلاً بذلك، فهذا الأمر محسوم ولا بحث فيه". وأشارت المصادر إلى أن "المفاوضات دائماً مع الإسرائيلي هي غير مباشرة، وستبقى كذلك، والنقاش حالياً يرتكز على إتمام انسحاب الاحتلال من التلال الخمس التي يتمركز فيها، وكذلك من جميع الأراضي اللبنانية التي يحتلها والمعترف بحدودها دولياً لصالح لبنان". وأضافت المصادر أن النقاش "يتركز أيضاً على النقاط الخلافية على صعيد الحدود البرية، من دون البحث بأي ترسيم، لأن حدود لبنان مرسّمة أساساً، إلى جانب وضع حدّ للخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار". ولفتت المصادر إلى أن "الرئيس جوزاف عون يبذل جهوداً كبيرة من أجل دفع الدول الراعية للاتفاق، على رأسها الولايات المتحدة، إلى الضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها والانسحاب الكامل من لبنان إلى جانب تحرير جميع الأسرى اللبنانيين لديها، والجهود ستستمرّ في هذا الإطار، وهذه حقوق لبنانية لا مقايضة عليها".


إيلي كوهين: لا بحث في التطبيع مع لبنان قبل الانتهاء من إيران

من جانبه، قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (كتلة حزب الله النيابية) النائب رائد برو، لـ"العربي الجديد"، إنه "طالما لم يأخذ الموضوع (تطبيع لبنان مع إسرائيل) مساره الجدي بعد، ولا يزال بمثابة أخبار صحافية فلا نريد أن نغوص بهذا النقاش ولا يمكن إبداء أي رأي فيه"، مشيراً إلى أن "هناك موقفاً مبدئياً معروفاً لدينا لناحية العداء مع إسرائيل، وأي مسألة أخرى يمكن إبداء الرأي فيه عندما تصبح جدية ورسمية وتخرج من دائرة الصحافة". واعتبر برو أن على الدولة اللبنانية أن تمارس مزيداً من الضغوط باتجاه الدول الراعية من أجل وقف الاعتداءات والانتهاكات والخروقات الإسرائيلية، مشدّداً على أن لا حاجة للتفاوض حول الحدود البرية لأنها واضحة، بل يجب أن يكون النقاش حول موعد خروج إسرائيل من الأراضي المحتلة. بدوره، أكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي أنه "لم يصل إلينا أي موقف رسمي حول ما يُشاع عن تطبيع لبنان مع إسرائيل وكل ما يقال مجرد كلام صحافي، وهذا الموضوع ليس مطروحاً نهائياً". وشددت مصادر مقربة من رجّي لـ"العربي الجديد"، على أن مسألة تطبيع لبنان مع إسرائيل غير مطروحة أساساً، بل المطلوب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه لبنان، والتزام القرارات الدولية ذات الصلة، وعلى حزب الله التزام الاتفاق باعتباره أساساً للاستقرار، مؤكدة أن انسحاب الاحتلال يجب أن يكون سريعاً وغير مشروط.

رفض قاطع من "القوات اللبنانية" للتطبيع

في السياق، أكد مسؤول جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبّور، لـ"العربي الجديد"، أن "ما هو مطروح حصراً تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية، ضمنها القرار 1701 (الذي وضع حداً للعدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006)، 1559 (المتعلق بنزع سلاح المليشيات وضمناً حزب الله)، و1680 (المتعلق بترسيم الحدود مع سورية وضمناً مزارع شبعا)، وهذه النصوص المرجعية كلها تتحدث عن اتفاقية الهدنة". وشدّد جبّور على أن "تطبيع لبنان مع إسرائيل غير مطروح، لا من قريب ولا من بعيد، وهو مرتبط حصراً بالمبادرة العربية التي أقرت في بيروت عام 2002، أي إنه يرتبط بالوصول إلى دولة فلسطينية. وبالنسبة إلينا المطروح فقط العودة إلى اتفاقية الهدنة (بين لبنان وإسرائيل في عام 1949) التي حال حزب الله دون الوصول إلى هذه الاتفاقية بالتمسك بسلاحه وما يُسمّى مقاومته".

في ملف الحدود، من المتوقّع أن يناقش الطرفان ثلاث قضايا خلافية رئيسية على طول الحدود، الأولى منها، وفقاً لصحيفة هآرتس العبرية، "متعلّقة بـ13 نقطة واقعة منذ عام 2000 ضمن حدود إسرائيل"، التي يقع بعضها قرب مستوطنات إسرائيلية. وتشمل النقاط الخلافية رأس الناقورة. ويتعلّق الخلاف الثاني بقضية ملكية الأراضي في مزارع شبعا وشمالي قرية الغجر التي احتلتها إسرائيل عام 1967. أما الخلاف الثالث، فمرتبط بمطالبة حزب الله بإعادة الأراضي الخاصة بست قرى احتلتها إسرائيل عام 1948 وهجّرت سكانها منها. ونقلت "هآرتس" عن مصادر إسرائيلية لم تسمّها، أن بعض المواقع غير مطروحة أساساً للمفاوضات، مشيرة إلى أن لبنان أبدى اعتراضاً على 13 نقطة تقع حالياً تحت السيادة الإسرائيلية، لافتة إلى وجود اختلاف بين مسار الحدود المحدد في هدنة عام 1949 والمسار الذي رسمته الأمم المتحدة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000، فضلاً عن وجود تناقض بين ترسيم الحدود على الخرائط، والعلامات الموجودة على الأرض.


تقدير إسرائيلي بأن تغيير نقطة الحدود البرية في الناقورة سيؤدي لتعديل الحدود البحرية

نقاط حدودية متنازع عليها

وأضافت الصحيفة العبرية، في تقرير أول من أمس الجمعة، أنه في بعض النقاط، يتعلق الأمر بانحراف بسيط فقط، وفي السنوات الأخيرة قيل إن الأطراف تمكّنت من التوصل إلى تفاهمات مبدئية بشأن ست منها. أما في نقاط أخرى، مثل منطقة رأس الناقورة، فتُعتبر الخلافات جوهرية أكثر. وأوضحت أن النزاع في رأس الناقورة يتعلق بموقع نقطة الحدود في سلسلة الناقورة، التي ينطلق منها خط العوامات الذي يستخدم حدوداً للمياه بين الطرفين. ولهذه النقطة، أهمية أمنية، لأنها تقع في منطقة مرتفعة تُشرف على المنطقة. وبالإضافة إلى الأهمية الأمنية، فإن للموقع تداعيات اقتصادية وجغرافية كبيرة. ووفقاً للتقديرات، التي لم تشر الصحيفة إلى مصدرها، فإن تغيير نقطة الحدود في السلسلة قد يؤدي أيضاً إلى تعديل خط الحدود البحرية الحالي (المرسوم بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في عام 2022) والمساحة التابعة للمياه الاقتصادية لإسرائيل. كذلك يُعتقد أن هذه المنطقة قد تحتوي على مخزونات من الغاز الطبيعي التي يمكن أن تنتقل من جانب إلى آخر. كذلك، تخضع مزارع شبعا المحتلة حالياً، للسيادة الإسرائيلية، وهي أيضاً موضع خلاف. وتعتبرها دولة الاحتلال بمثابة أصل استراتيجي يُتيح للقوات الإسرائيلية التنقل والوصول الآمن إلى المواقع العسكرية على جبل الشيخ.

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه: "كلٌّ من قرية الغجر ومزارع شبعا كانت أراضيَ خاضعة لسيطرة سورية حتى عام 1967، ولكن في مرحلة ما أعلن لبنان أن هذه الأراضي تابعة لسيادته وطالب بها". وأضاف: "التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن لبنان وسورية افترضا أن لبنان سيتمكن من استعادة هذه الأراضي من إسرائيل بسهولة أكبر مقارنة بسورية، ولذلك اتفقا على مطالبة لبنان بهذه المناطق كخطوة تكتيكية". خلاف آخر يتعلّق بمطلب حزب الله، ويشمل المناطق التي تقوم اليوم عليها أو في محيطها، مستوطنات كفار جلعادي، والمطلة، ومرغليوت، والمالكية، وأفيفيم، وشومرا. ومع ذلك، تُقدّر إسرائيل أن هذا المطلب ليس مطروحاً على طاولة المفاوضات، ومن غير المحتمل أن يتحقق، نظراً لأن هذه المناطق تضم اليوم تجمعات سكنية إسرائيلية. وقال مصدر مطّلع للصحيفة العبرية، إن "حكومات إسرائيل لم تفكر يوماً في الدخول بمفاوضات حول هذا الموضوع. نحن نتحدث، من بين أمور أخرى، عن أراضٍ تحت السيادة الإسرائيلية منذ عام 1948. في بعض المواقع، هذه الأراضي جزء من تجمّعات سكانية إسرائيلية أو قريبة جداً منها، وبالتالي ليس هناك ما يمكن التحدث بشأنه. حزب الله حدد هذه المناطق نقاطَ نزاع ليكون لديه ذريعة لاستمرار الصراع العنيف مع إسرائيل".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows