
غالباً ما يستقبل المسلمون في إندونيسيا شهر رمضان بفرح، ويظهر ذلك من خلال الطقوس والتقاليد المختلفة التي تمارَس منذ القدم في مختلف أنحاء البلاد. وتختلف التقاليد التي تحمل معاني عدة من منطقة إلى أخرى. كما تختلف الوسائل التي يستقبل بها الناس رمضان في إندونيسيا، ويتكاتفون مع بعضهم بعضاً، ويستقبلون الشهر بفرح، ويأملون في أن يكون مباركاً.
وتتشارك العائلات الإندونيسية في تنظيف البيوت استعداداً لشهر رمضان، ويرمز هذا الفعل إلى التطهير الجسدي والروحي، ما يخلق بيئة هادئة خلال هذا الشهر. كما يتعاون الناس في تنظيف وتزيين المساجد. ويعد طلاء المساجد وتعليق الأضواء من المشاهد الشائعة، بحسب موقعي "آر آر آي" و"إندو إنديانز".
تتشارك العائلات في تنظيف البيوت استعداداً لشهر رمضان
ويحرص الإندونيسيون على الحفاظ على "نيادران"، وهو تقليد للترحيب بشهر رمضان. يزور الناس قبور عائلاتهم وأجدادهم قبل أيام من حلول الشهر. يضعون الزهور على القبور وينظفونها ويصلّون لأجل أمواتهم. لذلك، فإن مشهد الازدحام في المقابر قبل بدء شهر رمضان يعد أمراً مألوفاً. وفي آتشه دار السلام، وهي أحد الأقاليم الخاصة في إندونيسيا، يُحتفل بيوم ميوغانغ منذ تولي السلطان إسكندر مودا عرش الإقليم. في ذلك الوقت، كان السلطان إسكندر مودا يضحي بالكثير من الحيوانات، وتوزع اللحوم على الناس قبل حلول شهر رمضان.
في الوقت الحاضر، يُقام تقليد ميوغانغ ثلاث مرات في العام: قبل شهر رمضان وخلال عيدي الفطر والأضحى. يستمتع الناس بطهي اللحوم مع العائلات والأصدقاء والأيتام كرمز للامتنان، بعد 11 شهراً من كسب المال. أما باليماو، فهو تقليد يقوم به شعب مينانجكاباو، أكبر مجموعة عرقية في جزيرة سومطرة بإندونيسيا، حيث يستحمون في المياه مع الليمون. وعادة ما يتم هذا التقليد في مناطق معينة حيث تتواجد مجاري الأنهار. وتعني الباليماو تطهير الجسد والروح قبل حلول رمضان. وغالباً ما يحوّل الناس هذا التقليد إلى حدث احتفالي، حيث تتجمع العائلات والأصدقاء قرب المياه لمشاركة هذا الطقس معاً.
يزور الناس قبور عائلاتهم وأجدادهم قبل أيام من حلول رمضان
وفي بالي، يستقبل المسلمون شهر رمضان بالجلوس في دوائر وتناول وجبة مع الأرز على صينية. يقام هذا الطقس في قرى إسلام كيبون، كارانجاسيم، وشرق بالي في أيام العاشر والعشرين والثلاثين من رمضان. ويتمسك الناس في شرق جاوة، خصوصاً في توبان ومالانج وسورابايا، بتقليد "ميجينجان" للترحيب بشهر رمضان. وتشتق الكلمة من "ميجنج" التي تعني "الاحتفاظ". هذا التقليد هو تذكير للناس بقدوم شهر رمضان، فيتوجب عليهم الامتناع عن ارتكاب المعاصي.
وعادة ما يجلس الناس معاً في مسجد أو غير ذلك للصلاة، وزيارة قبور أحبائهم، ثم تناول الطعام. كما أن طهي "الملامانج" أو كعكة الأرز المطبوخة في الخيزران يعد تقليداً خاصاً لشعب مينانجكاباو للترحيب بشهر رمضان. يجتمع الناس لصنع وتحميص الليمانج معاً. وعادة ما يكون الإفطار الجماعي في إندونيسيا حدثاً جماعياً.
يجتمع أفراد الأسرة والأصدقاء وحتى الغرباء لتقاسم وجبات الطعام، ما يعكس الروح الجماعية لشهر رمضان. وكثيراً ما تستضيف المساجد مناسبات إفطار مجانية، ما يضمن مشاركة الجميع، بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي. وتعزز هذه الممارسة التماسك الاجتماعي والتعاطف داخل المجتمعات. كما تستضيف المساجد والمراكز المجتمعية محاضرات دينية وعروضاً ثقافية، بما في ذلك الموسيقى والرقص التقليديان. وتساهم هذه الأحداث في تثقيف المجتمع وتسلية أفراده.
ومن أهم جوانب شهر رمضان في إندونيسيا "الموديك"، وهو تقليد العودة إلى القرى، إذ يسافر الأفراد من المدن إلى قراهم الأصلية للاحتفال بعيد الفطر مع عائلاتهم. ويؤدي هذا الخروج الجماعي إلى ازدحام مراكز النقل، إلا أنه يعكس الروابط الأسرية القوية وأهمية قضاء العطلة مع الأحباء.
ولضمان توفر السلع الأساسية وبأسعار معقولة خلال شهر رمضان، تنفذ الحكومة الإندونيسية في كثير من الأحيان مجموعة من التدابير، باستيراد المواد الغذائية الأساسية لتثبيت الأسعار. على سبيل المثال، تهدف خطط استيراد السكر الخام إلى تعزيز الاحتياطي من الغذاء ومنع ارتفاع الأسعار، ما يعكس خطوات استباقية للحفاظ على توازن السوق خلال فترة الطلب المرتفع.
ويبقى شهر رمضان مميزاً وغنياً في إندونيسيا في ظل تنوع التقاليد واختلافها من مدينة إلى أخرى وغناها، ويحرص المواطنون أينما كانوا على إعداد أطباق متنوعة وشهية، يتشاركونها يومياً على موائد الإفطار اليومية مع عائلاتهم وأصدقائهم.

Related News

