الإعلان الدستوري السوري يلقى رفضاً كردياً وسريانياً
Arab
4 hours ago
share

شهد الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس السوري أحمد الشرع، أول من أمس الخميس، رفضاً شعبياً ورسمياً من الأكراد السوريين والسريان. ويتألف الإعلان من مقدمة و53 مادة، صاغته لجنة دستورية مختصة. وعلى الصعيد الشعبي، شهدت عدة مدن سورية ذات غالبية كردية وقفات احتجاجية، مثل تلك التي جرت أمس الجمعة في عامودا والقامشلي والحسكة. أما على المستوى الرسمي، فقد صدرت عدة بيانات وتصريحات من مجالس وأحزاب وقيادات سياسية فاعلة تندد وتحتج وترفض أغلب بنود الإعلان الدستوري، ولا سيما ما يتعلق بديانة رئيس الجمهورية، واللغة الرسمية للبلاد، واسم الجمهورية.

رفض من المجلس الوطني الكردي وقياداته

وقال شلال كدو، رئيس حزب الوسط الكردي في سورية وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي، لـ"العربي الجديد": "لا شك أن الإعلان الدستوري في سورية جاء تكريساً لنهج الإقصاء، ويؤسس لدولة مركزية بحتة، مما يؤدي إلى استبعاد الآخرين وإرساء حكم استبدادي". وأضاف كدو، أنّ "السوريين عندما خرجوا بثورة عظيمة وقدموا مئات الآلاف من الشهداء، وتهجر الملايين داخلياً وخارجياً، لم يكن هدفهم استبدال ديكتاتور بآخر". وأكد أن "مكونات الشعب السوري كافة كانت ولا تزال تهتف من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة، مطالبةً بنظام ديمقراطي برلماني يمنح مختلف أطياف المجتمع حقوقها".

واستدرك كدو قائلاً: "لكن الإعلان الدستوري الصادر الخميس، والمُقر من قبل رئيس الجمهورية، يكرس نهج الاستبداد ولا يعترف بالآخر المختلف، سواء كان إثنياً أو ثقافياً أو دينياً، بل يرسخ الدين الواحد من خلال اشتراط ديانة رئيس الجمهورية، ما يجعل بعض الفئات الدينية في سورية مواطنين من الدرجة الثانية. فمثلاً، لا يحق لغير المسلم أن يطمح إلى منصب رئيس الجمهورية، وهذا يكرس التفرقة المقيتة بين السوريين على أساس الدين أو العرق".

ودعا كدو السوريين بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية إلى التوحد وممارسة أقصى الضغوط السياسية والسلمية لتغيير هذا الإعلان الدستوري، خصوصاً أنه حدد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، في حين أن المراحل الانتقالية عند تغيير الأنظمة لا تتجاوز ستة أشهر إلى سنة في مختلف أنحاء العالم، وفق قوله. ورأى كدو أن "هذا الإعلان الفريد من نوعه في سورية، يسعى إلى تحديد ملامح المستقبل بناءً على أسس مرفوضة من مختلف مكونات الشعب السوري وأطيافه السياسية".

في السياق، قال بيان أصدره المجلس الوطني الكردي عبر موقعه الرسمي، الجمعة: "فوجئنا بالإعلان الدستوري الصادر في دمشق يوم 13 مارس/ آذار 2025، والذي جاء مخيباً للآمال، بعيداً عن التطلعات نحو بناء دولة ديمقراطية تعكس التنوع الحقيقي للمجتمع السوري". وأكد البيان أن المجلس يرى في الإعلان الدستوري خطوة نحو ترسيخ الأحادية والاستئثار بالسلطة، متجاهلًا الطبيعة التعددية لسورية وهويتها بصفتها دولة متعددة القوميات والأديان، حيث لم يضمن الحقوق القومية والدينية لمكوناتها، بل ثبت هوية قومية واحدة في تسمية الدولة، في إقصاء واضح لغيرها من المكونات.

وأضاف أن الإعلان خالف مبدأ تحييد الدولة عن الأديان، من خلال اشتراط ديانة رئيس الجمهورية، مما يتعارض مع أسس المواطنة المتساوية التي يجب أن تكون أساس أي نظام ديمقراطي. وختم البيان بتأكيد التزام المجلس بالنضال من أجل حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية، باعتبارها قضية شعب أصيل، في إطار سورية لا مركزية تضمن حقوق جميع أبنائها وتحقق العدالة والمساواة بينهم.

"الإدارة الذاتية" و"مجلس سوريا الديمقراطية" وقياداته يرفضون الإعلان الدستوري

وبرزت أيضاً مواقف رافضة للإعلان الدستوري من "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سورية، ومن "مجلس سوريا الديمقراطية" وقياداته البارزة. وقال محمد موسى، سكرتير الحزب اليساري الكردي في سورية (أحد الأحزاب المشكلة للإدارة الذاتية)، لـ"العربي الجديد": "الإعلان الدستوري من حيث المبدأ هو تكريس للفردية والاستبداد وإنكار للتنوع ولوجود الأكراد وكافة المكونات الأخرى". وأضاف موسى: "هذا الإعلان يكرس الاستبداد ولوناً واحداً لمستقبل سورية الجديدة، لذلك نرفضه جملةً وتفصيلاً، ولا يمكن البناء عليه في المستقبل. كما أن المقدمات الخاطئة تؤدي حتمًا إلى نتائج خاطئة". ورغم أن الإعلان يعتبر مؤقتاً لمدة خمس سنوات، شدد موسى على أنه ليس بالأمر السهل، مؤكداً أن "رد الفعل السياسي والجماهيري من قبل المكونات السورية سيكون سلبياً ورافضاً بالمطلق، والأيام القادمة ستكشف ذلك".

وفي سياق متصل، نشر بدران جيا كرد، الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية"، منشوراً على منصة إكس، الجمعة، قال فيه: "قبل أيام، وقع اتفاق بين الجنرال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، والسيد أحمد الشرع في دمشق، بهدف إنهاء الصراعات بطرق سلمية عبر الحوار والمشاركة الفعلية لجميع السوريين، ولا سيما مكونات شمال شرق سورية، في العملية السياسية". وأضاف: "لكننا فوجئنا لاحقاً بالإعلان الدستوري الذي صُدِّق عليه ونُشر، دون أي مشاركة أو تمثيل حقيقي للمكونات السورية، مما يتعارض مع الاتفاق المبرم قبل أيام ويجعله أمرًا غير مقبول".
وأضاف أنّ "محتوى الإعلان جاء إقصائياً وأحادي اللون، ولا يعكس تنوع المجتمع السوري وطموحاته وحقوقه المشروعة، بل يعيد إنتاج ممارسات نظام استبدادي سابق. لذا، من الضروري إعادة النظر في اللجنة الدستورية وإيقاف عملها، والعمل على إعادة تشكيلها لضمان تمثيل جميع السوريين".

من جهتها، أصدرت "الإدارة الذاتية"، الخميس، بياناً، جاء فيه: "بعد أشهر من سقوط النظام البعثي، وفرحة السوريين بثورتهم ضد القمع، صدر في دمشق ما يسمى بالإعلان الدستوري، الذي جاء مماثلاً لسياسات البعث السابقة". وأضاف البيان: "هذا الإعلان يتنافى مع واقع سورية المتنوع، وهو تزوير لهويتها الوطنية، حيث يخلو من بصمة أبناء سورية من الكرد والعرب والسريان والآشوريين وغيرهم من المكونات". وأكدت "الإدارة الذاتية" أن "الإعلان يفتقر إلى معايير التنوع الوطني السوري، ويتجاهل المشاركة الفعلية لمكوناته، مما يعبر عن عقلية فردية تمثل امتداداً للنظام السابق"، وفق البيان.

رفض من حزب الاتحاد السرياني

بدوره، اعتبر حزب الاتحاد السرياني، الجمعة، أن الإعلان الدستوري يمهد لمرحلة غير مستقرة، ولا يحقق الانتقال السياسي المطلوب في سورية. وجاء في بيان الحزب: "في خطوة جديدة للحكومة المؤقتة في دمشق، واستمراراً لتكريس الإقصاء والتهميش، أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الإعلان الدستوري الخميس".

وأكد البيان أن "الإعلان يجب أن يكون مرحلة لبناء الثقة والسلم الأهلي، وتكريس العدالة الانتقالية وفق شراكة حقيقية بين جميع المكونات". واعتبر الحزب أن "الإعلان جاء امتداداً لتوجهات السلطة الحاكمة، واستمراراً للمفاهيم السابقة التي تبناها النظام السابق، ضارباً بعرض الحائط تطلعات السوريين وأهداف ثورتهم نحو الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان"، بحسب البيان.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows