تكرار الجرائم العائلية في العراق... العدوانية تتنامى
Arab
4 hours ago
share

تتزايد أعداد الجرائم العائلية أو ما يطلق عليه محلياً "الجرائم السوداء" في العراق، وتشمل قتل شخص أحد أفراد عائلته، مثل قتل أبناء والديهم، أو قتل أشقاء بعضهم البعض، أو حتى قتل آباء أبنائهم. وصنّف موقع "نامبيو" لمؤشرات الجريمة العراق في المرتبة الـ80 عالمياً والثامنة عربياً خلال العام الماضي.

وشهدت العاصمة بغداد أحدث هذه الجرائم في 3 مارس/آذار الجاري، حين قتل مواطن زوجته وابنه وابنتيه داخل منزله أثناء وقت الإفطار، وبعدما ارتكب الجريمة، وضع القاتل سلاحه في المنزل، وسلّم نفسه إلى مركز الشرطة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود قولهم إن القاتل يعمل حارس أمن لأحد القضاة، وكان معروفاً بحسن سمعته، ولم يعانِ من مشاكل ظاهرة.

وفي شأن خريطة انتشار هذه الجرائم، يوضح مسؤول أمني لـ"العربي الجديد"، أنها "لم تعد تقتصر على مناطق محددة، لكنها سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة وواسط وذي قار والنجف وبابل، إضافة إلى بعض المحافظات الوسطى".

يضيف المسؤول الأمني الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "الإحصاءات تشير إلى تزايد معدلات العنف الأسري الذي يصل أحياناً إلى جرائم قتل بشعة بين الأزواج أو الأشقاء أو حتى بين الآباء والأبناء. وهي تنبع من خلافات مالية، وقد يرتبط بعضها بالعنف الموروث أو بتأثيرات نفسية واجتماعية". ويعلّق بأن "الارتفاع الملحوظ في عدد الجرائم خلال السنوات الأخيرة يثير القلق خصوصاً في ظل تزايد استخدام الأسلحة داخل المنازل، ما يجعل المشاجرات الأسرية البسيطة تتحوّل إلى جرائم قتل".

ويقول علي الربيعي، وهو ضابط في جهاز الشرطة المجتمعية، لـ"العربي الجديد"، إن "البلاغات عن تهديد أبناء ذويهم تزداد، وتصل في بعض الحالات إلى القتل. وقد أبلغت العديد من العائلات عن أنها تعرّضت لتهديدات مباشرة من أبنائها، ما رفع مستوى الخوف داخل المنازل ودفع بعض الأسر إلى طلب الحماية أو التدخل العاجل من الجهات الأمنية".

ويشير إلى أن "خلافات عائلية حادّة كادت أن تتطور إلى جرائم قتل لولا تدخل الجيران أو أفراد من العائلة لاحتواء الموقف. ومن أبرز أسباب الظاهرة تعاطي المخدرات التي تؤثر على سلوك الأفراد وتجعلهم أكثر اندفاعاً وعدوانية، كما يشكل الانتشار الواسع للأسلحة داخل المجتمع عاملاً إضافياً يزيد خطورة النزاعات باعتباره يسهّل لجوء الأفراد إلى العنف المسلح لحلّ الخلافات العائلية".

ويحذر متخصصون تربويون ونفسيون من أن "استمرار ظاهرة الجرائم العائلية من دون تدخل حاسم من السلطات قد يؤدي إلى مزيد من الحوادث المأساوية. من هنا أهمية تكثيف الجهود الأمنية والتوعوية للحدّ من انتشار المخدرات وضبط حيازة الأسلحة غير المرخصة، وأيضاً تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية في احتواء الأزمات داخل الأسر قبل أن تتفاقم.

ويقول الطبيب النفسي حسن الشمري لـ"العربي الجديد"، إن هذه الجرائم ليست مجرد وقائع فردية، بل تعكس أزمات اجتماعية متراكمة. ويتحدث عن "عوامل عدة تتسبب في انتشار الجرائم العائلية أبرزها التوتر الاقتصادي، والتفكك الأسري، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تعزز أحياناً النزعة إلى العنف من خلال تداول أخباره ونشر مقاطع عن الجرائم". ويلفت الشمري إلى أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تواجهه شريحة واسعة من الأسر يتسبب في تدهور معيشي يزيد الضغوط النفسية على الأفراد، ما يؤدي إلى تفاقم العنف داخل الأسرة".

ويزيد انتشار الجرائم العائلية مخاوف الأسر على أبنائها، لا سيما أن الظواهر التي رافقت انتشار التقنيات الحديثة أثرّت كثيراً في سلوكيات الأفراد.
وتقول خلود هاشم، وهي ربّة بيت في الـ35 من العمر لـ"العربي الجديد": "زاد قلقي من تنامي العنف بين الشباب، خاصة بعد ظهور الجرائم التي وصلت إلى القتل داخل الأسرة الواحدة. أصبحت الظاهرة هاجساً للأهالي ما دفعها إلى التركيز مع زوجها على تربية أبنائهم على القيم الدينية والأخلاقية، وتعزيز حالة الإيمان لديهم".

تتابع: "تساهم الصلاة والتنشئة على المبادئ الدينية في تهذيب النفس، وتساعد الإنسان على أن يكون صالحاً لأسرته ومجتمعه ووطنه، وهذا ما نركز أنا وزوجي عليه في تربية أطفالنا الثلاثة. التربية السليمة هي الحصن الأول لحماية الأبناء من الانحراف نحو العنف والجريمة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows