الشركات تغيّر خطتها: رسوم ترامب تثير قلق المبيعات والأرباح
Arab
2 hours ago
share

انعكست رسوم ترامب الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجموعة من الدول عبر تغييرات في هيكل العمل داخل الشركات المحلية والعالمية. بدأت الأخيرة بتشكيل فرق خاصة لدراسة تأثيرات الرسوم الضخمة على مبيعاتها وأرباحها وحصصها السوقية، وسط بحث آليات الإعفاءات من الرسوم، إن وجدت، وطرق تحمل الأكلاف الإضافية.

وطاولت رسوم ترامب السلع المستوردة من كندا والمكسيك والصين بقيمة 1.4 تريليون دولار تقريباً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة السلع الصينية التي فُرضت عليها هذه الرسوم خلال ولايته الأولى، والتي بلغت قيمتها 380 مليار دولار، وفقاً لتقديرات مؤسسة الضرائب الأميركية. ثم أرجأ ترامب تلك التهديدات الموجهة إلى كندا والمكسيك وخفّضها لاحقاً.

إلا أن جهوده لإعادة هيكلة الاقتصاد الأميركي هزت الأسواق المالية، بحسب تحليل لوكالة "بلومبيرغ". هذه الرسوم تبث قلقاً عارماً في أوساط أصحاب الشركات، من تلك المصنعة للسيارات إلى شركات الأدوية والتجزئة وغيرها، والأسوأ أن التنبؤ بنتائجها على الأسواق يعتبر أمراً صعباً، "ويعود هذا الارتباك جزئياً إلى مدى التشابك الوثيق الذي اتسمت به التجارة العالمية على مدى العقود القليلة الماضية"، وفق تصريح لفلوران مينيغو، الرئيس التنفيذي لشركة ميشلان لصناعة الإطارات لـ"بلومبيرغ"، مُشيراً على سبيل المثال إلى أن قطع غيار السيارات المُجمّعة في الولايات المتحدة قد تعبر الحدود 53 مرة، وهو ما يجعل الرسوم الجمركية كابوساً لوجستياً.

عملياً تعرضت أسهم الشركات لخسائر هائلة، مع فقدان ما يقارب خمسة تريليونات دولار من قيمة الأسهم العالمية، معظمها من الأسواق الأميركية وشركات التكنولوجيا العملاقة التي شهدت ارتفاعات هائلة في السنوات الأخيرة. كما انخفض سعر الدولار الأميركي بمقدار اثنين أو ثلاث نقاط وسط مخاوف من أن حرب التجارة العالمية، إلى جانب عمليات صرف جماعية لموظفي الحكومة الأميركية، ستؤدي في النهاية إلى كبح جماح الاقتصاد الأميركي.

وقد اشتعلت النيران في اليورو والين بفضل خطط الإنفاق الدفاعي الضخمة في أوروبا ورفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان. وانخفض خام برنت بنسبة 2% حتى الآن هذا الشهر، مع خسائر منذ بداية العام بلغت نحو 5%، في إشارة إلى أن تجار السلع الأساسية يستعدون أيضاً لضعف الطلب العالمي.

وبحسب تحليل "رويترز"، فإنه لولا جائحة كوفيد-19 والارتفاع الهائل في معدلات التضخم وأسعار الفائدة الذي أحدثته في عام 2022، فإن هذه ستكون أسوأ بداية لعام بالنسبة لوول ستريت منذ ذروة الأزمة المالية في 2008. وخلال الشهر الماضي، انخفضت أسهم ما يسمى بالشركات السبع الرائعة: ألفابت، وأمازون، وآبل، وميتا، ومايكروسوفت، وإنفيديا، وتسلا، بنسبة 10% إلى 15%.

وتعرضت أسهم تسلا لضربة أقوى، حيث انخفضت بنسبة 30% خلال الشهر وشهدت أكبر انخفاض لها في يوم واحد في أربع سنوات ونصف في وقت سابق من هذا الأسبوع. كما تراجعت قيمة البيتكوين بعد الخطوة التي طال انتظارها من جانب ترامب لإنشاء "احتياطي استراتيجي" من العملات المشفرة، والتي تركت المتحمسين يشعرون بخيبة أمل.

وقال جاي ميلر، كبير استراتيجيي السوق والاقتصاديين في مجموعة زيورخ للتأمين: "من الواضح أن الغموض الذي تُحدثه سياسة التعرفات الجمركية يؤثر على الاقتصاد المحلي الأميركي، ولكن سيكون له تأثير أكبر على الاقتصاد العالمي".

وتراهن إدارة ترامب على أن الرسوم الجمركية ستُعيد تشكيل الاقتصاد الأميركي بإجبار الشركات التي تبيع منتجاتها للعملاء في البلاد على تصنيعها محلياً. وبينما تعهدت شركات مثل شركة صناعة الإطارات "بيريللي آند سي" وشركة الأدوية العملاقة "إيلي ليلي" بزيادة إنتاجها في الولايات المتحدة، تُحذر المجموعات الصناعية الأخرى من أن مثل هذه المشاريع قد تستغرق وقتاً طويلاً.

وقد تفقد ستيلانتيس وفولكس فاغن 5.21 مليارات يورو من أرباحهما هذا العام، وفق "بلومبيرغ"، بسبب الرسوم الجمركية على المركبات التي تستوردانها من المكسيك وكندا، وفقاً لتقديرات بلومبيرغ إنتليجنس. وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز هذا الشهر تصنيف ديون ستيلانتيس، مشيرة إلى التأثير المحتمل.

وبالنسبة لشركة بوينغ، في حين أن الرسوم الجمركية سترفع تكاليف قطع الغيار التي تشتريها من كندا، مثل معدات الهبوط، إلا أن القلق الأكبر يكمن في صعوبة الحصول على المكونات. وقد صرّح الرئيس التنفيذي كيلي أورتبرغ متحدثاً للعاملين خلال خطابٍ عام للشركة بأن الرسوم الجمركية قد تُشكّل "مشكلةً تتعلق باستمرارية التوريد". بالنسبة لشركات الأدوية، سيعتمد التأثير على ما إذا كان المنتج نفسه هو المستهدف بالرسوم أم المكون الدوائي الأساسي، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في الصناعة.

فإذا كان المستهدف هو الأخير، فستتضرر العديد من شركات الأدوية الكبرى، لأن هذا المكون الأساسي يُنتج على نطاق واسع في الصين والهند، على حد قولهم.

وفي حين تؤكد غالبية الشركات التي استصرحتها "بلومبيرغ" على أن المستهلك النهائي سيدفع التكاليف الإضافية التي تفرضها رسوم ترامب، تؤكد "وول ستريت جورنال" أن المستهلكين الأميركيين يواجهون الكثير من القلق هذا العام، بدءاً من عناوين التعرفات الجمركية التي لا تنتهي، والتضخم المستمر، وأخيراً المخاوف الجديدة من الركود.

ويبدو أن هذه المخاوف تؤثر على إنفاق الأغنياء والفقراء، على الضروريات والكماليات في آن واحد، ما يشير إلى أن الأزمة ستتخطى حدود السياسات الاقتصادية لتفرض تغييرات في البنى الاجتماعية مع تضاؤل القدرة الإنفاقية للمستهلكين الأميركيين كما في الأسواق الدولية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows