دمج فصائل العراق بـ"الحشد".. مناورة حكومية للتخلص من الضغوط الغربية؟
Arab
3 hours ago
share

تواصل الحكومة في العراق تأكيدها استمرار حواراتها مع الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي تعمل تحت مظلة "المقاومة الإسلامية في العراق"، من أجل تسليم سلاحها وإخضاعه لسلطة الدولة، غير أن الطرح الذي بات متكرراً في الفترة الأخيرة، هو "دمج" الفصائل مع "الحشد الشعبي"، في توجه إعلامي حكومي اعتُبر مناورة للتخلصِ من الضغوطِ الخارجية، ورفضِ الفصائل لأي مساعٍ حكومية تتعلق بسلاحها أو وضعها التنظيمي.

وتمتلك جميع الفصائل العراقية المسلحة تمثيلاً في "هيئة الحشد الشعبي"، إذ تحصل جميعها على مرتبات أفرادها وكذلك تمويل احتياجاتها كافّة من الدولة، ضمن موازنة "الحشد الشعبي"، التي تخطت في العام الماضي عتبة ملياري دولار، وهو الإجراء المعمول به منذ عام 2015. والأربعاء، قال مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين، في حديثٍ نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن "موضوع الفصائل ملف داخلي وليس ملفاً خارجياً، وإنّ حلها موجود ضمن نقاط المرجع الأعلى السيد السيستاني والبرنامج الحكومي"، وفقاً لقوله.

وبيّن أن "بعض الفصائل عرضت الانضمام إلى الحشد الشعبي بشروط، وأن "النقاش حول مصير الفصائل يحدث كل يوم"، كما حذّر علاء الدين، من حصر سلاح الفصائل بالقوة، كونه يقود لحرب أهلية. ولا يتطابق تعليق المستشار مع تصريحات زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الذي أكد مطلع الشهر الحالي، في مقابلة تلفزيونية، رفضه دعوات تسليم سلاح الفصائل العراقية المسلحة الذي تسعى حكومة بغداد إلى تنفيذه استجابة لضغوط أميركية، زاعماً أن هذا السلاح "منضبط"، وأن العراق بحاجة إليه، وأن "سلاح الفصائل لم يُستخدم في النزاعات الداخلية، وهو سلاح منضبط ويدافع عن سيادة وحماية الأراضي العراقية".

وتسعى الحكومة من خلال الحديث عن "دمج الفصائل" مع "الحشد الشعبي"، للمناورة، مع استمرار الضغوط عليها، من خلال التأسيس لفكرة وجود كيان مُسلّح آخر غير "الحشد الشعبي"، ويحمل عنوان "الفصائل المسلحة"، وبالتالي إبعاد كيان "الحشد الشعبي" نفسه عن مطالبات الحل أو الهيكلة، والتركيز على أن الفصائل هي من تُنسب لها الهجمات ضد قوات التحالف الدولي، وضد أهداف تابعة للاحتلال الإسرائيلي، أو حتى باعتداءات طائفية ومشاريع تغيير ديموغرافي داخل العراق، كما يحصل في جرف الصخر، والعوجة، والعويسات، وسنجار، وسهل نينوى، وغيرها.

على سبيل المثال، فإن الفصائل التي تنضوي ضمن مصطلح "المقاومة الإسلامية في العراق"، جميعها تمتلك ألوية داخل "الحشد الشعبي"، إذ تمتلك مليشيا النجباء، بزعامة أكرم الكعبي، اللواء 12 بالحشد الشعبي، وتمتلك مليشيا "سيد الشهداء"، بزعامة أبو آلاء الولائي، اللواء 14، وتمتلك مليشيا كتائب حزب الله، اللواءين 46 و47، كما تمتلك مليشيا "الخراساني"، اللواء 18، ومليشيا كتائب الإمام علي، تمتلك لواء 40.

واعتبر مسؤول دبلوماسي عراقي بارز في وزارة الخارجية في بغداد، الحديث عن دمج الفصائل بـ"الحشد الشعبي"، بأنه "مناورة من الحكومة"، مضيفاً أنه لا يوجد في العراق فصيل مسلح لا يمتلك تمثيلاً بالحشد الشعبي، وجميع أفراد الفصائل يتقاضون مرتبات من خلال مظلة الحشد الشعبي"، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن الضغوط على الحكومة كبيرة، وبالمقابل هناك رفض قاطع حتى لفتح مثل هذا الحديث بشأن حل الفصائل المسلحة، لذا لا سبيل سوى طرح المسؤولين مثل هذه النقاط"، وهو ما يؤكده سياسي ونائب سابق في البرلمان، ومقرّب من تحالف "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "الفصائل ترفض وضع ترسانتها النوعية من طائرات مسيّرة وصواريخ في المخازن أو المنشآت الحكومية، والحديث عن دمج وتفكيك لها مستبعد جداً".

وأضاف أن "الأحزاب الشيعية جميعاً رافضة لفكرة ربط سلاح الفصائل بالدولة، وهي تعتبرها أداة للسيطرة والنفوذ، ومعظمها تملك الفصائل، وترتبط أو تحظى بتحالفات مع أحزاب السلطة"، من جانبه، قال القيادي في حركة "أنصار الله الأوفياء" علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفصائل العراقية لا يمكنها ترك سلاحها أو تفكيكه مع استمرار وجود قوات أميركية في العراق، وفي ظل وجود تهديدات ومخاطر في المنطقة ضد كل من العراق ولبنان، وكذلك اليمن وإيران، فهذه الفصائل ما زالت ملتزمة وثابتة بمبدأ وحدة ساحات المقاومة"، وفقاً لقوله.

وبيّن الفتلاوي، أنّ "أي حديث عن نزع سلاح الفصائل أو تفكيكها مرفوض من الأساس، وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة، فلا يمكن لأي جهة اليوم إجبار الفصائل على ترك سلاحها من أجل إرضاء أي طرف خارجي، ولهذا فإنّ الفصائل مستمرة في حمل سلاحها ضد الاحتلال، وهذا السلاح موجّه حصراً ضد الاحتلال، ولا يشكل أي تهديد للدولة كما يريد البعض الترويج له".

أما الخبير الأمني في العراق أحمد الشريفي، فأشار إلى أن "الفصائل المسلحة في العراق لا تُعدّ خياراً عراقياً، بل هي جزء من صراع إقليمي دولي، وهي مرتبطة بإيران، بالتالي فإن سلاحها لا يمثل سلاحاً مؤسساتياً في العراق، والقرار الحكومي بشأن حصر السلاح مستمر منذ عامين، لكنه لم يتحقق، لكنها تمارس طريقة للالتفاف محاولةً لإقناع أميركا بعدم معاقبة العراق"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "الفصائل والعشائر أقوى من المؤسسات، وصانع القرار لا يستطيع تطبيق قراره، لكنه يعمل على الالتفاف على القرارات".

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، العمل على دمج الفصائل العراقية المسلحة ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، فيما أكد وزير الخارجية فؤاد حسين بالتزامن أنّ بلاده بدأت حواراً مع الفصائل يهدف لإقناعها بالتخلي عن السلاح، والاندماج بقوات الأمن النظامية، وفقاً لمقابلة صحافية سابقة.

وفي شباط/ فبراير الماضي، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي، أن تحقيق الاستقرار الداخلي عبر حصر السلاح بيد الدولة، يُعدّ أولوية وطنية، مشيراً إلى أن حلّ الفصائل العراقية المسلحة ممكن، وإن كان يتطلب وقتاً بسبب تعقيدات الملف، وتحول التركيز نحو المصالح السياسية والاقتصادية، وقال المندلاوي في حديث صحافي، إن "العراق يعمل على تعزيز دوره الإقليمي واستقلاله الدبلوماسي، وإن إيران جارة تجمعنا بها علاقات تاريخية، لكن علاقاتنا مع الدول العربية ومساعينا لتقوية سيادتنا أمر منفصل"، موضحاً أن "بلاده لن تتأثر سلباً بتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows