وساطة خليجية وتواصل مباشر مع الدعم السريع.. تفاصيل إفراج الدعم السريع عن المختطفين المصريين بالسودان
Reports and Analysis
13 hours ago
share

كشفت مصادر مطلعة لموقع “عربي بوست” تفاصيل إفراج قوات الدعم السريع عن المختطفين المصريين في السودان، والدور الذي لعبته دولة خليجية والتي مهدت لتواصل مباشر بين القاهرة وقادة الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

وحملت خطوة الإفراج عن المختطفين المصريين في السودان دلالات عديدة تجاوزت مسألة تحرير المحتجزين بعد ما يقرب من عامين من اختطافهم، وأوضح مصدر “عربي بوست” أن هذه الانفراجة فيما يخص المختطفين المصريين في السودان، تمهيد لتطورات أخرى قادمة لحل الأزمة السودانية.

ويأتي ذلك في ظل مؤشرات عن رغبة مصرية في توظيف التراجع العسكري للقوات التي يقودها حميدتي وانعكاس ذلك سلباً على علاقاته بالأطراف الداعمة له إقليمياً، من أجل إيجاد فرص لحلول سياسية تحافظ على مكتسبات مؤسسات الدولة السودانية بما فيها الجيش وتقود إلى عملية سياسية شاملة في المستقبل القريب.

الإفراج عن المختطفين المصريين في السودان

وفق مصدر دبلوماسي مصري، فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لـ”عربي بوست” عن تفاصيل إطلاق سراح المختطفين المصريين في السودان، فإن هناك مجموعة من العوامل قادت في النهاية لأن يحدث تواصل مصري مع قوات الدعم السريع للإفراج عنهم.

وأوضح المتحدث أن دولة خليجية (رفض تسميتها) ساهمت في إقناع قوات الدعم السريع لإطلاق سراح المختطفين المصريين في السودان، وذلك بعد أن استعاد الجيش السوداني مساحات كبيرة من العاصمة الخرطوم وتحديداً منطقة سوبا التي تواجد فيها الرهائن داخل سجن سوبا قبل إطلاق سراحهم.

وأضاف المصدر ذاته، أن الجيش السوداني أمن مسألة إطلاق سراح المختطفين المصريين في السودان وخروجهم من العاصمة الخرطوم وصولاً إلى بورتسودان قبل عودتهم إلى القاهرة.

غير أن التطور هذه المرة، يقول مصدر “عربي بوست” هو أن القاهرة من خلال أجهزة استخباراتها تواصلت بشكل مباشر مع قوات الدعم السريع للاتفاق على إطلاق سراحهم، والملفت أنه لم يكن هناك لغة خشنة بين الطرفين وبدا أن عناصر الدعم لديها رغبة في التهدئة مع الدولة المصرية في الوقت الحالي.

وشدد المصدر ذاته على أن الإفراج عن المختطفين المصريين في السودان له دلالات عديدة لأنه يؤكد أن قوات الدعم السريع منفتحة على جهود السلام العربية بما في ذلك التي يمكن أن تقودها مصر، وتسعى للتخفيف من حدة المخاوف بشأن الحكومة الموازية التي كانت تسعى لتشكيلها.

كما يشكل ذلك تراجعاً عن وصف مصر بأنها “عدو” مثلما جاء في تصريحات سابقة على لسان قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو. وأوضح المتحدث أن الخطوة يترتب عليها خطوات وتواصل آخر سواء من خلال الوسطاء أو عبر الاتصال المباشر.

حيث من المنتظر أن يكون هناك ممثلون لقوات الدعم السريع في حوار القوى المدنية في القاهرة “2” والذي يتم التجهيز له حالياً، ومن المتوقع أن يتم إجراؤه في شهر إبريل أو مايو المقبلين بحسب ما سوف تسفر عنه نتائج الترتيبات التي بدأت مبكراً من الآن، مشيراً إلى أن هذه المفاوضات حال انعقادها فإنها ستكون برعاية مصرية سعودية وسوف تركز على الجانب السياسي على نحو أكبر.

استقبال أحد المختطفين المصريين في السودان بعد تحريرهم
استقبال أحد المختطفين المصريين في السودان بعد تحريرهم

وشدد على أن القاهرة تلقت إشارات إيجابية بشأن إمكانية دفع القوى السياسية المحسوبة على قوات الدعم السريع للتعاطي إيجاباً مع اجتماعات القاهرة التي بدأ الترتيب لها وكذلك الوضع بالنسبة للأطراف المحسوبة على الجيش والتي وصل البعض منها إلى القاهرة خلال الأيام الماضية للتباحث حول طبيعة هذه الاجتماعات.

وأشار مصدر “عربي بوست” إلى أن جهود القاهرة تأتي بالتعاون مع الدول الداعمة لقوات الدعم السريع بما في ذلك دولة الإمارات، والتي “لم يعد لديها نفس الحماسة بشأن تقديم الدعم بشكل قوي مع عدم قدرتها على استعادة توازنها على الأرض بعد أشهر من الخسائر العسكرية التي تتعرض لها”.

وخلال الأسبوع الماضي أعلنت وسائل إعلام مصرية أنه “بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، باتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لاستعادة المختطفين المصريين في السودان، تمكنت الأجهزة المعنية في مصر، بالتنسيق مع نظيرتها في السودان، من تحرير المختطفين ونقلهم من مناطق الاشتباكات بوسط الخرطوم إلى مدينة بورتسودان، وإعادتهم سالمين إلى أرض الوطن”.

وبحسب أهالي المختطفين المصريين في السودان الذين تحدثوا لوسائل إعلام محلية، فإن المجموعة المصرية تصل إلى 11 شخصًا، 8 ناجين وثلاثة متوفين نتيجة التعذيب، من قوات الدعم السريع هم: “خالد الفلاج من المنوفية، محمد حسين من المنيا، عبدالقادر عجمى من الفيوم أبشواى”.

وتضمنت وثيقة بأسماء الناجين، وهم: “عماد محمد معوض، ماجد محمد معوض، أحمد عزيز بصري، محمد شعبان علي محمد، علي طه عبدالكريم، شوكت عبدالحميد، وفرج علام”، وأغلبهم من مدينة أبشواى في محافظة الفيوم، بينما يعود شوكت عبدالحميد إلى محافظة المنوفية.

بادرة حسن نية قبل اجتماعات القاهرة

بحسب مصدر دبلوماسي سوداني، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، فإن اجتماعات القاهرة ما زالت في طور التباحث حول جدول أعمالها، وأن الواقع الآن أن صوت الحرب أقوى من الاتجاه إلى طاولة التفاوض، لكن هناك قناعة مصرية بخطورة الاستمرار في هذا المسار الذي قد يقود في النهاية إلى تقسيم السودان.

وقال المتحدث لـ”عربي بوست” من الممكن أن يكون تحرير المختطفين المصريين في السودان لدى الدعم السريع “بادرة من قوات حميدتي للنزول من أعلى شجرة الهجوم على مصر للمهادنة بحثًا عن إيجاد صيغة سياسية تضمن لها البقاء في مستقبل السلطة”.

وأكد المصدر ذاته، أنه حدث تواصل مصري مباشر مع قوات الدعم السريع هذه المرة، قد يكون ذلك مقبولاً باعتبار أن القاهرة لديها مواطنين سعت للإفراج عنهم، لكن على الجانب الآخر فهو بادرة حسن نية من المليشيات التي خفضت بوجه عام من خطابها لأنصارها بشأن رفض السماح بتصدير الحبوب الزيتية والثروة الحيوانية للقاهرة.

وخلال الشهر الأخير لم تعد هذه اللغة حاضرة، ما يشير إلى أن هناك بادرة حسن نية تسهل حالة القطيعة التي تسببت فيها إلقاء القبض على جنود مصريين في قاعدة مروي العسكرية عند اندلاع الحرب.

الجيش السوداني يفرض معادلة جديدة في الحرب - عربي بوست
الجيش السوداني يفرض معادلة جديدة في الحرب – عربي بوست

وأشار المصدر إلى أن مصر تستهدف أن تحقق اختراقًا من خلال خطواتها المستقبلية وتراها فرصة أخيرة أو قبل أخيرة قبل الاتجاه إلى مخططات التقسيم التي بدأت عجلتها في الدوران منذ التوقيع على الميثاق السياسي، وبالتالي فهي تهدف لضمان مشاركة ممثلين من الجيش وقوات الدعم السريع في الاجتماعات التي سوف تستضيفها الفترة المقبلة دون تحديد موعدها النهائي.

وحسب مصدر “عربي بوست” فإن القاهرة تهدف لضمان عدم تهرب أي طرف سياسي مما سيتم التوصل إليه من تفاهمات، وبالتالي فإن الأطراف العسكرية المتحالفة مع القوى المدنية المختلفة من المتوقع أن تكون حاضرة.

وذكر المتحدث أن القاهرة ترى أن لقاء “القاهرة 2” يجب أن يكون سياسيًا جامعًا يسير وفق أسس تضعها الأطراف العسكرية المتحكمة في الصراع، وترى بأنه مقدمة لما يمكن أن يحدث في المستقبل بشأن إجراء حوار بين قيادة الجيش والدعم السريع.

وأضاف أن القاهرة تستفيد من الحراك السياسي الحاصل الآن بشأن إمكانية الحصول على دعم إفريقي وأوروبي، بخاصة وأن مجلس السلم والأمن الأفريقي وكذلك الاتحاد الأوروبي أعلنا تبنيهما جهود حلحلة الأزمة سياسيًا ورفضا محاولات تشكيل حكومة موازية.

وحذر مجلس الأمن والسلم الأفريقي من التداعيات السلبية لتشكيل حكومة موازية وإسهامها في تقسيم السودان، داعيًا جميع دول الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بأي حكومة موازية أو كيان يسعى إلى حكم أي جزء من أراضي السودان.

وشدد مجلس الأمن والسلم على ضرورة استئناف النظام الدستوري الديمقراطي عبر الحوار السياسي الذي ينظمه الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيغاد، وتنفيذ إعلان جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع في 11 مايو/أيار 2023.

وأكد الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء 11 مارس/آذار 2025، التزامه بوحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادة الشعب السوداني، مشيرًا إلى أن تشكيل الحكومة الموازية يهدد التطلعات الديمقراطية للشعب السوداني لعملية سودانية شاملة تؤدي إلى استعادة الحكم المدني.

مهمة مصر لن تكون سهلة

من جهة أخرى، قال مصدر دبلوماسي مصري، إن مصر تجد صعوبات جمة للعب دور الوسيط في السودان لأنه منذ بداية الحرب حدثت إساءة بالغة من قوات الدعم السريع للدولة المصرية وتمثل ذلك في إلقاء القبض على الجنود المصريين في مطار مروي وما أعقب ذلك من تصرفات سخيفة جعلت الموقف المصري يميل بشكل واضح وصريح لصالح الجيش.

وأوضح المصدر لـ”عربي بوست” قائلاً: “بالتالي فإن التعويل سيبقى أكبر على المملكة العربية السعودية للعب دور وساطة بشكل أكبر، وأن اجتماعات القاهرة إن حدثت فإنها ستكون ممهدة لما قد يشهده منبر جدة مع ضغوطات دولية عديدة للعودة إليه.”

وكانت قوات الدعم السريع قد نشرت، في إبريل/نيسان 2023، مقاطع فيديو تُظهر احتجازها ضباطًا وجنودًا من الجيش المصري في قاعدة عسكرية بمدينة مروي شمالي السودان، ما أثار ردود فعل واسعة في مصر.

وكانت وساطة إماراتية وقتها قد أسفرت عن استعادة مصر المعدات العسكرية في القاعدة، فيما تمسكت قيادة “الدعم السريع” ببقاء الجنود المصريين في الخرطوم واحتجازهم في مقر السفارة المصرية بالمدينة، كضمان وورقة ضغط على القاهرة لمنعها من الانخراط في القتال ضدها أو دعم قوات الجيش السوداني.

وبعدها بأيام، أطلقت قوات الدعم السريع سراح عدد من الجنود والضباط المصريين، في 19 إبريل/نيسان 2023، وتوجهت وقتها طائرة عسكرية مصرية من طراز “C130” إلى مطار الخرطوم الدولي لنقل دفعة من القوات المصرية المحتجزة لدى قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مجموعة من الرعايا المصريين إلى القاهرة.

مسلحون من قوات الدعم السريع في الخرطوم، السودان/ رويترز
مسلحون من قوات الدعم السريع في الخرطوم، السودان/ رويترز

وأضاف المصدر الدبلوماسي ذاته، أن القاهرة ما زالت تدرك أن طرفي الصراع يرفضان الاتجاه نحو السلام، لكنها لديها اعتراضات على عملية الحشد والحشد المضاد من الجانبين ومقتنعة بأن ذلك يفاقم الأزمة ولا يساهم في حلها، وإن كانت ما زالت مصرة على موقفها المؤيد لمؤسسات الدولة السودانية بما في ذلك الجيش.

لكن القاهرة، يضيف المتحدث، ترفض تفويت جميع فرص السلام التي يمكن أن تكون مدخلاً لوقف الحرب، وتتحسب على نحو أكبر أن يكون استعادة العاصمة الخرطوم وعودة الحكومة المركزية في بورتسودان إليها دافعًا نحو توجيه كفة الاهتمام العسكري لقوات الدعم السريع غربًا إلى دارفور وهو ما يمهد لسيناريو التقسيم.

وذكر المصدر الدبلوماسي أن القاهرة تتحرك في الملف السوداني وهي تدرك أن قوات الدعم السريع مدعومة من قوى مدنية في الداخل وكذلك من بعض دول الجوار والإقليم، كما أنها تخوض حرب عصابات وليست نظامية، وبالتالي فإنه من الصعب أن يكون هناك منتصر في هذه الحرب.

وحسب المتحدث، فإن التخوف الأكبر هو أن لا يستطيع الجيش تأمين المناطق التي قام باستعادتها أخيرًا، وتخشى من توالي عمليات الكر والفر، وهو ما يجعلها تطالب بشكل مستمر بأن يكون هناك مرونة في التعاطي مع المبادرات الدولية نحو السلام وإجراء انتخابات وأن يعود الجيش لمهامه الأمنية.

ولفت إلى أن دوائر مصرية عديدة ترى أن الحل يكمن في جلوس قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان مع حميدتي، باعتبار أن أساس الحرب هو وجود خلافات بينهما، ومن ثم يمكن الوصول إلى حلول وسط، بعيدًا عن فكرة المنتصر والمهزوم، بخاصة وأن قوات الدعم السريع لديها موارد مالية ضخمة نتيجة سيطرتها على جبل عامر، الذي يحتوي على ثروة ذهب هائلة، كما أن دخول السلاح إلى السودان أضحى سهلاً من جهات متعددة، ما يتطلب اتخاذ جميع الأطراف خطوات إلى الوراء لوقف الحرب.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows