
يعود المخرج السوري الليث حجو إلى الدراما الاجتماعية عبر مسلسل البطل الذي يحمل توقيع نص رامي كوسا ولواء يازجي، في حكاية مأخوذة عن مسرحية "زيارة الملكة" للكاتب السوري الراحل ممدوح عدوان (1941 - 2004). يطرح العمل قصة تدور في قرية سورية هُجّر أهلها، ضمن معالجة درامية تتجاوز السائد في الإنتاج الدرامي السوري.
تدور الأحداث حول شخصية الأستاذ يوسف (بسام كوسا)، وهو رجل يحظى باحترام أهل الضيعة بفضل إنسانيته، التي ورثها عن والده وجده. وعلى الرغم من التهجير والقصف اليومي الذي يطاول الأبرياء، وإحكام قبضة الأمن والمخابرات خلال الحرب السورية، يصرّ يوسف على البحث عن العدالة والخدمات الأساسية لأهل قريته.
يعرف الليث حجو بقدرته على تقديم أعمال درامية اجتماعية بأسلوب مغاير، فيلتقط تفاصيل الواقع السوري بجرأة، بعيداً عن المساومات. في مسلسل البطل تُطرح أسئلة جوهرية حول الحرب، والتهجير، والسلطة الأمنية، والحياة اليومية للمدنيين. ولا يتجاهل المسلسل الخط "الثوري"، فيبرز دور وسائل التواصل الاجتماعي في كشف الحقائق، رغم التضييق على الحريات، مثلما حدث عند إغلاق مقهى الإنترنت الوحيد في القرية، ما دفع صاحبه إلى اللجوء للأستاذ يوسف لإعادة تشغيله.
يشهد العمل مواجهة درامية بين يوسف وفرج (محمود نصر). الأخير شاب يعمل في التصليح التقني، يعاني وصمة اجتماعية بسبب والدته سمرا (جيانا عيد)، التي اتهمت بقتل والده، وأنجبت فرج داخل السجن. هذه الخلفية تجعله منبوذاً، فيرفض أهل قريته ارتباطه براما (رسل حسين)، التي تهرب معه وتتزوجه رغم معارضة أهلها.
يبرز هنا الصراع بين جيلين، إذ يتمتع كل من كوسا ونصر بكاريزما قوية وأداء متقن، ما يجعل المواجهات بينهما مشحونة بالانفعالات والتوتر الدرامي.
يعتمد مسلسل البطل على تفاصيل دقيقة تقترب من المدرسة الواقعية الفرنسية، التي ظهرت في القرن التاسع عشر، وسعت إلى تصوير المجتمع كما هو، من دون تجميل أو زيف. ويبدو أن الليث حجو استلهم هذه المدرسة ليقدم عملاً يلامس الواقع السوري من دون مبالغات أو تكلف، فتظهر الأجواء البصرية، من القرية إلى الأزياء والألوان، كأنها انعكاس حقيقي للواقع المعيش.
إلى جانب بسام كوسا، الذي يقدم أداءً استثنائياً لشخصية يوسف، يضم المسلسل نور علي (مريم)، التي تبتعد عن الأدوار النمطية للدراما التركية المعربة، لتثبت موهبتها في الدراما السورية. ويبرز كل من خالد شباط (مروان) ونانسي خوري (سلافة)، التي تجسد شخصية أم مهجرة مع طفلها الرضيع، تلجأ إلى منزل يوسف ليحتضنها إنسانياً.
بفضل نصه المحكم وأسلوبه الواقعي وأداء فريقه، يبدو أن "البطل" مرشح ليكون من أفضل الإنتاجات الدرامية السورية لهذا العام، خاصة أنه يعالج موضوعات حساسة بطريقة متقنة، تجمع بين الواقعية والبعد الإنساني.
يُشار إلى أنّ مسلسل "البطل" قد توقّف تصويره عندما سقط النظام السوري في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثمّ استُؤنفت عمليات التصوير ليخرج العمل بهذه الجودة رغم ضيق الوقت.

Related News
