تحليل رقمي.. كيف صاغت السياسة رواية جريمة “اغتيال المشهري”؟
Civil
1 week ago
share

يمن مونيتور/ تعز/ خاص:

لم تكن حادثة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، افتهان المشهري، مجرد جريمة جنائية عابرة، بل تحولت في غضون ساعات إلى قضية رأي عام ومادة دسمة للاستقطاب السياسي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وكشف تقرير تحليلي صادر عن “منصة مسند للتحقيقات مفتوحة المصدر” أن وسم #افتهان_المشهري تحول بعد يومين فقط من الجريمة من مساحة للتضامن الإنساني إلى حملة رقمية واسعة، وُجهت فيها اتهامات متبادلة بين الأطراف السياسية، في استغلال ممنهج للحدث لخدمة أجندات متناقضة.

في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول 2025، تعرضت افتهان المشهري لإطلاق نار من قبل مسلحين أثناء مرورها في أحد شوارع تعز. الحادثة أثارت موجة غضب عارمة في المدينة، ترجمتها مظاهرات حاشدة طالبت بالقبض على الجناة ومحاسبة المتورطين.

في الوقت نفسه، بدأت حملة رقمية على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) تحت وسم #افتهان_المشهري، سرعان ما جذبت آلاف المنشورات التي تجاوزت 20 ألف تغريدة في أقل من أسبوع. إلا أن طبيعة النقاش تغيرت جذريًا، حيث تحول من التركيز على المطالبة بالعدالة إلى توجيه اتهامات سياسية مباشرة لأطراف بعينها.

تحليل رقمي للحملة: من التضامن إلى التحريض

وأظهر التحليل الرقمي الذي أجرته “منصة مسند” أن الحملة بدأت بجهود شعبية عفوية، حيث بلغت نسبة المنشورات الأصلية 70%، مما يشير إلى اندفاع أولي من قبل المستخدمين للتعبير عن صدمتهم وغضبهم. ومع ذلك، لم يدم هذا التضامن طويلاً.

وخلال 48 ساعة، تغير مسار الحملة، حيث بدأ استغلال سياسي واضح للحدث. وكشف التحليل أن 55% من المنشورات المؤثرة جاءت من حسابات خارج اليمن، مما يشير إلى وجود تنسيق خارجي لربط الجريمة بالصراع السياسي الأوسع في البلاد.

“هذه النسبة المرتفعة كان لها أثر واضح في دفع النقاش من مطالبات بتحقيق جنائي إلى حملة سياسية مكثفة تجاوزت حدود القضية الإنسانية”-تقول المنصة.

وقالت منصة مسند: لم يدم الطابع التضامني طويلًا، فخلال 24 ساعة فقط من جريمة اغتيال افتهان المشهري، تغيّر مسار وسم #افتهان_المشهري من مساحة للرثاء الإنساني والتضامن إلى ساحة مشحونة بالاتهامات السياسية الحادة. وبحلول 21 سبتمبر/أيلول، أصبحت المنشورات ذات الطابع السلبي تمثل ما يقارب 80% من إجمالي المحتوى، مقابل 12% فقط إيجابية، بعد أن انتقل الخطاب من عبارات التعاطف والمواساة إلى تحميل أطراف سياسية وأمنية مسؤولية مباشرة عن الحادثة.

 

أبرز أطراف الاستغلال السياسي

وأشار تحليل “مسند” للتغريدات إلى عدة أطراف استغلت الحادثة، وفي مقدمتها جماعة الحوثي التي استغلت الحادثة عبر منصاتها الإعلامية، لتصوير تعز كـ”مسرح للفوضى الأمنية والفشل الإداري”، في محاولة لتقويض شرعية السلطة المحلية.

الطرف الثاني المجلس الانتقالي الجنوبي ومحور طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وكلاهما مدعومان من دولة الإمارات، حيث وجّهت حسابات تابعة لهما اتهامات مباشرة لحزب الإصلاح والأجهزة الأمنية في تعز بالمسؤولية عن الجريمة. وقد وصل الأمر إلى إطلاق وسم مضاد #تعزمعقل_الإرهاب، في محاولة لتشويه المدينة بأكملها بدلاً من التركيز على القضية الجنائية. حيث قدّم المدينة بأكملها باعتبارها “بؤرة للعنف”، في محاولة لتحويل جريمة اغتيال فردية إلى أداة لوصم جماعي لمجتمع محلي كامل.

وأشار التحليل إلى “أصوات محلية ودولية” قالت المنصة إنها ساهمت بعض الحسابات المؤثرة من اليمنيين في الخارج، بالإضافة إلى حسابات أخرى مرتبطة بالإمارات، في تضخيم خطاب المجلس الانتقالي وتوجيه اتهامات سياسية لمكونات الشرعية.

 

التضليل والفراغ المعلوماتي

ولفتت إلى أن أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تحويل مسار الحملة كان غياب البيان الأمني الواضح والشامل. فعلى الرغم من إعلان السلطات الأمنية في 22 سبتمبر/أيلول القبض على أربعة مشتبه بهم، إلا أن غياب التفاصيل ترك فراغًا معلوماتيًا استغلته الأطراف السياسية لتوليد روايات متناقضة.

كما أدى نشر الناطق باسم شرطة تعز أسامة الشرعبي اتهامات لشخصيات قبلية وعسكرية بعرقلة التحقيق على صفحته الشخصية، إلى مزيد من الارتباك وفقدان الثقة، خاصة بعد أن نفت الأجهزة الأمنية في بيان لاحق صحة تصريحاته.

 

 

The post تحليل رقمي.. كيف صاغت السياسة رواية جريمة “اغتيال المشهري”؟ appeared first on يمن مونيتور.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows