"واشنطن بلاك"... مغامرات مراهق في زمن العبودية
Arab
2 hours ago
share

يجمع مسلسل "واشنطن بلاك" (Washington Black) بين الدراما الاجتماعية وقصص المغامرات، وهو مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه نُشرت عام 2018 للكاتبة الكندية من أصل غاني إيسي إيدوغيان. بأسلوبه التقليدي، يحاول هذا العمل (يُعرض على منصة ديزني بلاس)، نسج قصّة مغامرة واكتشاف وسفر حول العالم، على غرار روايات جول فيرن، ولكنه في الوقت نفسه يمزجها بدراما عنصرية تدور أحداثها في عصر العبودية في مستعمرة باربادوس الإنكليزية آنذاك.
تُروى القصّة في فترتين زمنيتين، تفصل بينهما ثماني سنوات، وتتقاطعان باستمرار. تدور أحداث "الحاضر" في عام 1873، عندما كان البطل، جورج واشنطن بلاك (إرنست كينغسلي الابن)، في التاسعة عشرة من عمره، ويعيش في هاليفاكس، كندا، متنكراً باسم جاك كروفورد. هناك، يعمل في الميناء، ويسكن في غرفة صغيرة، ويصادق ميدوين (ستيرلينغ ك. براون)، أحد القادة السود في تلك المنطقة (حيث لم تعد العبودية موجودة، ولكن لا تزال هناك قيود كثيرة)، ويقضي معظم وقته مهووساً بالعلم وإمكانية اختراع الأشياء، وهو أمرٌ دأب عليه منذ صغره.
الجزء الرئيسي الآخر من القصّة يدور قبل ثماني سنوات في باربادوس، في ذروة العبودية، عندما كان جورج صبياً في الحادية عشرة من عمره (يجسّد دوره هنا إيدي كارانغا) الذي، بدافع الفضول، عيّنه تيتش (توم إليس)، شقيق سيّده، مساعداً له، وهو عالم وصل إلى هناك بعد دراسته في إنكلترا، ولا يشترك في روح العبودية التي يتحلّى بها أقاربه. يدرك تيتش أن جورج الصغير، الذي يناديه الجميع ووش، ذكي وفضولي، فيقبله متدرّباً، ما يثير دهشة السكّان المحليين وغضبهم، وكذلك أقاربه.
يطرأ في ذلك الوقت حدثٌ مُربك يجبرهما على الهرب وعيش المغامرات المذكورة آنفاً، لتشمل رحلاتٍ بالمنطاد، وبحّارةً خطرين، وجولاتٍ عابرة للحدود، في سلسلة تجارب تتيح له فقدان ما تبقّى له من براءة. هذا الحدث المُربك نفسه، بالعودة إلى الحاضر، هو ما يُجبر البطلَ البالغ على مواصلة مواجهة اضطهاد الرجال البيض وتهديداتهم، بينما يخوض قصة حبٍّ ناشئة مع تانا (إيولا إيفانز)، وهي امرأةٌ مختلطة العرق وصلت من إنكلترا إلى كندا مع والدها (روبرت غريفز)، الذي يريد تزويجها لتحسين وضعه المالي.


يتنقّل المسلسل باستمرار بين زاويتي السرد، بطريقةٍ تحافظ على رشاقته، ولكنها في الوقت نفسه تمنعه من التقدّم باتساق في كلٍّ من حبكاته الفرعية. في الحلقات الأولى، يبدو التركيز الرئيسي منصبّاً على أحداث الماضي، والأعنف والأكثر مأساوية، ولكن بمجرد جلاء أنهم ما زالوا يبحثون عن البطل في "الحاضر"، تكتسب هذه الحبكة الفرعية مزيداً من الثقل والتوتّر والعنف. في كلتا الحالتين، هناك لمسة إضافية من الصوابية السياسية في الحوار، تبدو أقرب إلى قرار اتخذه كُتّاب السيناريو في عام 2020. بسبب هذه اللمسة، غاب الحوار الطبيعي بين شخصيات عاشت قبل قرنين من الزمان.
على مدار عقد كامل، ركّزت هوليوود بتزايد على موضوع العبودية، منتجةً أفلاماً ومسلسلات رفيعة المستوى. يروي فيلم "12 عاماً من العبودية" (2013) الحائز جائزة أوسكار، قصّة رجل حر يُباع في سوق العبودية، بينما تؤدّي سينثيا إيريفو دور هارييت توبمان، الناشطة في مجال إلغاء الرقّ وحقوق الإنسان، في فيلم السيرة الذاتية "هارييت" (2019). في 2021، حُوّلت رواية كولسون وايتهيد "السكة الحديدية تحت الأرض" إلى مسلسلٍ قصير رائع، وفي العام التالي، لعب ويل سميث دور رجل مستعبد ينجح في الهرب في فيلم "تحرُّر". من غير المستغرب أن تتضمّن هذه الأعمال غالباً تصويراً وحشياً لأهوال العبودية، لكن مسلسل "ديزني" يحاول تقديم سرد مختلف، أقرب إلى جول فيرن منه إلى "السكّة الحديدية تحت الأرض".
ولهذا، إن "واشنطن بلاك" مسلسلٌ سهل الفهم ومسلٍّ ومناسب للمشاهدة العائلية. دراما عرقية تتناول عواقب انتهاكات العبودية، وفي الوقت نفسه قصّة رومانسية تركّز على الفوارق العرقية/الاقتصادية، ونوع من أدب/مذكرات الرحلات بمثابة يوميات لتجارب مراهق في زمنٍ.

إنه عملٌ مناسب ليشاهده الآباء التقدّميون في العطلة مع أطفالهم، خاصةً مع تجذّره في أجواء الفرح والمغامرة والرومانسية واكتشاف الذات. مسلسل خفيف ومسلٍّ أحياناً، ومباشر وتثقيفي أحياناً أخرى. من ناحية أخرى، لا يُقدم "واشنطن بلاك" أي جديد موضوعاً أو شكلاً، ولكنه لافت بفضل مستوى إنتاجه والطريقة الصادقة والمسلّية التي يروي بها قصّة مرعبة في جوهرها

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows