في خضم موجة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتصاعد المخاوف داخل صناعة السيارات العالمية من تداعيات اقتصادية قد تكون الأشد منذ أزمة 2008. وقد أصبحت تويوتا موتور، أكبر صانع سيارات في العالم، عنواناً بارزاً لهذه العاصفة، بعدما خفضت توقعاتها السنوية محذّرة من خسائر تقارب 9.5 مليارات دولار، لكن الأزمة أبعد من تويوتا، إذ تهدد بنية القطاع العالمي من اليابان إلى ديترويت.

فقد أعلنت تويوتا الخميس، أنها خفّضت توقعاتها السنوية للأرباح التشغيلية من 25.85 مليار دولار إلى 21.8 مليار دولار، وفقاً لوكالة بلومبيرغ. وقد تكبّدت الشركة في الربع الأول وحده خسائر بقيمة 3.06 مليارات دولار نتيجة الرسوم، رغم تسجيلها أرباحاً تشغيلية بلغت 7.96 مليارات، متفوقة على توقعات المحللين البالغة 6.05، مدعومة جزئياً بزيادة الأسعار في بعض الأسواق. ومع أن الشركة العملاقة تويوتا معروفة بتحفظها في التقديرات المالية، إلا أن هذا التحذير يعكس عمق القلق من أن تتحوّل الرسوم إلى عبء طويل الأجل. ووفق المحلل في بلومبيرغ إنتليجنس، تاتسويو يوشيدا، فإن "تويوتا تعمل على تعديل سلاسل التوريد للحد من التعرّض للرسوم الأميركية".

وليست تويوتا وحدها، فالمصيبة أبعد حتى بالنسبة للشركات الأميركية. فقد صرحت فورد موتور مؤخراً بأن تأثير الرسوم قد يبلغ مليارَي دولار، أي نصف مليار أكثر مما كانت تتوقع سابقاً. أما جنرال موتورز فقدّرت تأثير الرسوم بين 4 و5 مليارات، فيما تتوقع ستيلانتيس، المالكة لعلامات مثل جيب وبيجو، خسائر تبلغ 1.65 مليار دولار، وفق تقرير نشرته رويترز. وتبرز هذه التقديرات اتجاهاً واضحاً مفاده أن الرسوم الجمركية لا تعني فقط حماية السوق المحلي كما تدّعي بعض السياسات، بل ترفع كلفة الإنتاج وتضغط على سلاسل الإمداد، بما ينعكس سلباً على التوظيف والأسعار النهائية للمستهلكين.

وفي شهر يوليو/تموز الماضي، توصلت الولايات المتحدة واليابان إلى اتفاق تجاري جديد ينص على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على السيارات اليابانية المصدّرة إلى السوق الأميركية، وهو معدل أقل من 25% كانت متوقعة، لكنه يظل مرتفعاً بما يكفي لإحداث صدمة. وفي هذا الصدد، تتوقع شركة نيسان أن تُمنى بخسائر قدرها 2.04 مليار دولار، بينما قدّرت هوندا الأثر عليها بـ3.06 مليارات، وسوبارو 1.43 مليار، بحسب تقارير متطابقة من "نيكاي آسيا" وبلومبيرغ.

وقد حذر تقرير صادر عن "معهد بيترسون" من أن الرسوم الجمركية تؤدي إلى زيادة التكاليف على المستهلك وانخفاض الوظائف على المدى الطويل، رغم نيات الحماية، مشيراً إلى أن سياسات الحواجز التجارية لا تنجح إلا مؤقتاً، فيما تضرّ بمستويات الاستثمار والابتكار في المدى البعيد. ومن اللافت أن تويوتا، رغم هذه الأزمة، استطاعت تسجيل مبيعات قياسية في النصف الأول من 2025 بلغت 5.5 ملايين سيارة، بزيادة 7.4% مقارنة بالعام الماضي، مدفوعة بطلب قوي على الطرازات الهجينة. وتتوقع الشركة بيع 11.2 مليون مركبة هذا العام، كما تخطط لبناء مصنع في محافظة آيتشي اليابانية يبدأ العمل بعد أعوام، للحفاظ على وتيرة الإنتاج المحلي عند 3 ملايين سيارة سنوياً.