
عادت الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود في العاصمة الليبية طرابلس، وسط إغلاقات جزئية وكاملة لعدد منها، في مشهد أعاد إلى الأذهان أزمات سابقة، وسط نفي الجهات الرسمية وجود أي نقص في الإمدادات والمشتقات البترولية. وقالت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية في بيان، إن "سبب تعطيل توزيع الوقود يعود إلى خلل إداري"، مضيفة أن "لجنة معالجة أزمة الوقود والغاز باشرت العمل على حلحلة هذا الخلل".
وأكدت أن الوقود متوفر بكميات كافية داخل مستودعات التوزيع، وأنّ عمليات تزويد المحطات تسير بشكل منتظم دون أي اختناقات، داعية المواطنين إلى "تجنب التزاحم أمام المحطات لما يسببه من عرقلة لحركة السير". في المقابل قال محمد المقرحي، صاحب محطة وقود في غرب طرابلس، لـ"العربي الجديد" إنه "لا توجد لدينا أي إمدادات من البنزين منذ يومين، نفتح أبوابنا فقط عندما تصل كميات محدودة".
وفي منطقة سوق الجمعة، قال المواطن وئام الخويلدي إنه "وقف في طابور البنزين منذ الصباح وحتى العصر دون أن يتمكن من التزود بالوقود، قبل أن تنفد الكميات تمامًا". وأضاف لـ"العربي الجديد" قائلا: "المحطة أغلقت أبوابها فجأة". الوضع نفسه أكده أسعد التركي، من منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، قائلاً إن "معظم المحطات مغلقة، والطوابير تمتد طويلاً، ما خلق الفوضى". من جانبه، نفى مدير مكتب الإعلام بشركة البريقة لتسويق النفط، عز الدين سعيد، وجود أزمة في التزويد، قائلاً إن "عمليات توزيع الوقود تسير بشكل اعتيادي، ولا توجد اضطرابات في الإمدادات".
وأوضح أنّ "حركة الناقلات البحرية مستمرة، والمخزون الاستراتيجي في وضع مطمئن"، مشيرًا إلى أن "أسباب توقف بعض المحطات عن العمل غير واضحة ولا تقع ضمن نطاق مسؤولية الشركة". وقفزت واردات ليبيا من الوقود من 3 مليارات دولار بين عامي 2016 – 2017 إلى 9 مليارات دولار في العام 2024.
ومع إضافة نفقات تكرير النفط الخام محليا والغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء، والمقدر بـ 3.9 مليارات دولار و4 مليارات دولار على التوالي، ترتفع فاتورة دعم الطاقة إلى 17 مليار دولار في العام 2024، ما يعادل 35% من إجمالي الناتج المحلي. ورغم الدعم الحكومي الكبير للمحروقات، حيث يبلغ سعر البنزين في ليبيا نحو 0.027 دولار للتر، ما يجعله من الأرخص عالمياً، إلا أن البلاد تواجه أزمة متفاقمة في تأمين الإمدادات، نتيجة تراكم مستحقات مالية على مؤسسة النفط الوطنية بلغت نحو مليار دولار بعد إيقاف نظام المقايضة قبل ثلاثة أشهر.
واقترح صندوق النقد الدولي خطة شاملة لإصلاح نظام دعم الطاقة في ليبيا، يصل فيها سعر لتر البنزين إلى 3.3 دنانير مقابل 0.15 دينار حاليا، وذلك بعد 3 سنوات، يلغى خلالها نصف الدعم الحالي في أول عام، ثم النصف الثاني على عامين متتاليين، ويقدم دعما نقديا يصل إلى 509 دنانير شهرياً لكل مواطن (سعر الدولار 5.5 دنانير). ودعا الصندوق إلى تأمين أنظمة التوزيع من خلال نظام مراقبة رقمي يتعقب كميات الوقود في أثناء مراحل الإنتاج والتخزين والتوزيع إلى نقاط البيع الأخيرة، لتحديد مواطن التهريب خارج الشبكة الرسمية.

Related News

