احتلال غزّة حلم إسرائيلي قديم يتجدّد
Arab
16 hours ago
share

ما يطغى على الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن مآل حرب الإبادة والتدمير والتجويع على غزّة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرّر توسيع رقعة العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي إلى درجة احتلال القطاع بالكامل، بالرغم من الخلافات مع المؤسّسة الأمنية، وذلك سعياً إلى حسم المعركة ضدّ حركة حماس وإطلاق سراح الأسرى.
ويبرّر المقرّبون من نتنياهو هذا التوجّه بمسوّغَين: الأول، أن ما مهّد لعملية طوفان الأقصى، في "7 أكتوبر" (2023)، هو خطّة فكّ الارتباط مع قطاع غزّة في أغسطس/ آب 2005، وقبله الانسحاب الأحادي الجانب من ما عرف باسم "الحزام الأمني" في الجنوب اللبناني في مايو/ أيار 2000. وحفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية ومعاهد الأبحاث اليمينية أخيراً بمواد تحليلية لتداعيات خطّة فكّ الارتباط مع غزّة في مناسبة مرور عقدَين على تنفيذها، وفيها يمكن العثور على قاسم مشترك مؤدّاه أن هذه الخطّة، وقبلها الانسحاب من الجنوب اللبناني، استندا إلى اعتقادٍ خاطئ أن حركة حماس وحزب الله سيفضلان الهدوء ولن يشنّا هجمات، ولكن ما يتبيّن، الآن بعد آخر تطوّرات الأوضاع في غزّة، أن طريقة تنفيذ هذه الانسحابات الأحادية الجانب "بثّت رسالة ضُعف واستسلام، والأكثر خطورةً من ذلك أنها أقنعت بأن في الإمكان كسر إرادة إسرائيل، وأنها ستكون الطرف الذي يتنازل أولاً، تحت ضغط الهجمات المسلحة"، كما كُتب في صحيفة يسرائيل هيوم قبل عدة أيام.
أمّا المسوّغ الثاني فهو أن احتلال قطاع غزّة ليس هاجس الحكومة الإسرائيلية الحالية ورئيسها، بل أيضاً هاجس معظم الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1948، وهو يتجدّد الآن. وبحسب ما ورد في كتاب "جذور في الرمال"، للصحافي الإسرائيلي حجاي هوبرمان، الذي صدر عام 2005، عندما احتلّ الجيش الإسرائيلي القطاع في حرب 1967، كان رئيس الحكومة ليفي إشكول متردّداً بشأن مصير الأراضي المحتلة، وقال عبارته الشهيرة بأنه "يريد المهر من دون العروس"، أي يريد الأراضي من دون السكّان. وبعد عشرة أيام من انتهاء الحرب، أبدت حكومته استعدادها للانسحاب التام إلى الحدود الدولية مع مصر وسورية. أمّا بشأن قطاع غزّة، والذي وفق الحدود الدولية لا يعتبر أرضاً مصرية، فقال إشكول: "لن تعود غزّة إلى مصر أبداً". وبعد نحو شهر من الحرب، قدّم الوزير يغئال ألون إلى الحكومة الإسرائيلية وثيقة بعنوان "مستقبل الأراضي (المحتلة) وسبل التعامل مع اللاجئين". وعرفت هذه الوثيقة باسم "خطّة ألون"، وهي التي أمْلت لاحقاً طبيعة الاستيطان في الضفة الغربية وغزّة. وجاء في البند السابع منها أن "قطاع غزّة سيكون جزءاً لا يتجزّأ من إسرائيل بسكّانه الدائمين. ولكن الضمّ الرسمي لإسرائيل سيكون فقط بعد إعادة توطين اللاجئين خارجه، وحتى ذلك الوقت يبقى القطاع منطقةً محتلةً".
وفي سبتمبر/ أيلول 1967 عيّن إشكول لجنة بروفيسوريين للبحث عن حلٍّ لمشكلة اللاجئين. وتحت عنوان "سرّي للغاية" جاء في وثيقة هذه اللجنة أنه "يجب دمج المنظومة الاقتصادية للقطاع بإسرائيل. ويجب تخصيص مياه للقطاع من مواردها في إسرائيل للتغطية على الضخّ الزائد، وأن تُقام أربعة أو خمسة مواقع استيطانية يهودية خصوصاً على مقربة من رفح". ويؤكّد هوبرمان أن هدف هذا البند الأخير كان واضحاً وهو إقامة منطقة يهودية عازلة بين شبه جزيرة سيناء والقطاع.
ومعروف كذلك أنه خلال العام الأول من احتلال 1967 أقيمت مواقع استيطانية في الجولان وغور الأردن، وفي منطقتَي بيت لحم والخليل في الضفة الغربية. وبالرغم من العثور في القطاع على أربع مناطق كبيرة غير مأهولة تأجل الاستيطان فيه. وفي مايو/ أيار 1968، اقترح يغئال ألون على الحكومة إقامة مستوطنتَين "سواء في صورة بؤر أو مستوطناتٍ مدنية" بين رفح وغزّة. وبرّر ألون اقتراحه بالقول إن "لهذا الاستيطان أهمية عليا في كلّ ما يتعلّق بالمستقبل السياسي للقطاع، لأنه يفصل القطاع جنوب مدينة غزّة. وكذلك ثمّة أهمية أمنية كبيرة للوجود اليهودي في قلب القطاع".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows