إجراءات جديدة لتنظيم أوضاع المدرّسين السوريين العائدين من تركيا
Arab
2 hours ago
share

يُواجه مدرّسون سوريون عائدون من تركيا تحدّيات جديدة داخل بلادهم، بعد صدور قرار يلزمهم بمراجعة مديريات التربية في محافظاتهم، مصطحبين معهم ملفات تثبت مؤهلاتهم وخبراتهم المكتسبة خلال سنوات عملهم في المدارس التركية المؤقتة. تشمل الوثائق المطلوبة وفق وثيقة متداولة لوزارة التربية والتعليم، صورة عن الشهادة العلمية، وشهادات الخبرة والدورات التدريبية التي خضعوا لها في تركيا، إضافة إلى نسختين عن الهوية السورية والتركية، وسيرة ذاتية محدثة.

يقول عبد الرحمن العمران، وهو مدرّس عاد، مؤخراً، من أورفا بعد توقف راتبه: "درّست سبع سنوات في مدارس تابعة للهلال الأحمر، خضعت لدورات تدريبية، وأتقن اللغة التركية، لكنّني الآن مطالب بإثبات كل شيء من جديد أمام لجان لا نعرف كيف ستقيّم خبراتنا".

وزارة التربية السورية أوضحت عبر مصدر رسمي تحدث إلى "العربي الجديد"، أن الإجراء يأتي ضمن خطة لتنظيم أوضاع المدرّسين العائدين و"دراسة ملفاتهم وفق المعايير القانونية"، مشدّدة على أنها لن تعتمد أي شهادة غير موثقة من جهة رسمية تركية، وأضاف المصدر أن الوزارة "تركّز على الخبرات المكتسبة ضمن مؤسسات تعليمية مرخّصة، ولن تأخذ بالاعتبار أي نشاط غير موثّق".

وأشار إلى أن لجاناً خاصة في مديريات التربية بدأت منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، استقبال ملفات العائدين، مع تكليف لجان فرعية بدراسة الشهادات والتأكد من مصداقية الوثائق المقدّمة، بالتنسيق مع وزارة الخارجية عند الحاجة، وتابع المسؤول: "الوزارة حريصة على الاستفادة من الكوادر المؤهلة، لكنها في الوقت ذاته ملتزمة بالمعايير الإدارية والقانونية لقبول أي موظف في القطاع التربوي، بما في ذلك التدقيق في نوع المؤسسة التركية التي عمل بها المدرّس، ومدة خدمته، وطبيعة المهام التي قام بها، ونوع التدريب الذي تلقّاه".

وحول إمكانيات التوظيف أو الاستيعاب، قال المصدر: "حتّى الآن لا يمكن الحديث عن تعيين مباشر، بل عن دراسة فردية لكل حالة على حدة. المدرّسون الذين يستوفون الشروط ويثبتون امتلاكهم لمؤهلات معترف بها ستكون لهم أولوية في حال توفرت شواغر ضمن ملاك الوزارة، خاصة في المناطق التي تعاني نقصاً في الكوادر".

وكانت وزارة التعليم العالي السورية قد أعلنت في مايو/أيار الماضي، عن توقيع اتفاقية تعاون أكاديمي مع تركيا، تنص على الاعتراف المتبادل بالشهادات والتأسيس لجامعة مشتركة. لكن، رغم هذه الخطوة، ما زال الاعتراف بالشهادات المهنية والتعليمية الخاصة بالمعلّمين يخضع للتدقيق الفردي.

شهادات غير معترف بها

شادن الجوهر، مدرّسة لغة إنكليزية عادت من غازي عنتاب، تقول لـ"العربي الجديد": "درست عبر التعليم عن بُعد في جامعة أناضولو، كنت أظن أن شهادتي ستساعدني بعد العودة، لكنهم أبلغوني أنها غير معترف بها"، ويأتي هذا في أعقاب قرار حكومي صدر هذا الصيف بعدم قبول شهادات التعليم المفتوح أو الافتراضي الصادرة عن الجامعات التركية.

أما روشان النابلسي، وهي مدرّسة رياضيات من ريف دمشق، فقد عملت في مدارس ولاية كلس لستة أعوام، تقول لـ"العربي الجديد": "كنّا نخضع سنوياً لتقييم من مشرفين أتراك، وأكملت دورة طويلة في طرائق التدريس باللغة التركية. اليوم أحتاج إلى ترجمة وتصديق كل شهادة قبل تقديمها، رغم أن بعض الجهات التي عملنا لديها لم تمنحنا أوراقاً رسمية أصلاً"، وتضيف: "أشعر أن سنواتي هناك تُختصر الآن بسؤال موظف خلف مكتب يطلب مني إثبات ما عشته يوماً بيوم".

13 ألف مدرّس سوري 

بحسب تقارير وزارة التربية التركية، فإن نحو 13 ألف مدرّس سوري كانوا يعملون في المدارس التركية المؤقتة عام 2016، لكن العدد تقلّص تدريجياً ليصل إلى أقل من 4 آلاف في 2021، مع توقف الدعم المخصص لهم ودمج بعض المدارس في النظام التركي. حتى الآن، لا تشير وزارة التربية إلى نية واضحة لإعادة توظيف المدرّسين العائدين، ولا توجد خطة معلنة لإدماجهم في القطاع العام، خاصة في ظل ما يعانيه القطاع التربوي من نقص الكوادر وتضرّر البنية التحتية.

يرى حسام، وهو مدرّس عاد من أنطاكيا، أن "القرار خطوة جيّدة من حيث المبدأ، لكن التطبيق المرتجل يزيد من شعورنا بأننا لسنا موضع ترحيب حقيقي. لا وضوح في آليات التقييم ولا ضمان لفرص العمل".

 في ظل كل هذه التطورات، يجد آلاف المعلّمين السوريين أنفسهم بين تجربتَين: واحدة منقوصة في الغربة، وأخرى غامضة في الوطن، وسط نظام تربوي مأزوم لم يحدّد بعد كيف سيتعامل مع من غادر وعاد محمّلاً بخبرة ووثائق.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows