أزمة السويداء بلا حلول... وعودة الاشتباكات المتقطعة
Arab
2 hours ago
share

بعد مرور نحو 20 يوماً على تدهور الوضع الأمني في محافظة السويداء جنوبي سورية، ما تزال الأوضاع في المحافظة غير محسومة، وسط انسداد سياسي، وانغلاق قنوات التواصل بين فاعليات المحافظة والحكومة في دمشق. وشهدت ليلة السبت وصباح أمس الأحد تجدداً في الاشتباكات بين قوات العشائر وقوات الأمن السورية من جهة، والفصائل المحلية في السويداء من جهة أخرى، التي تقدمت في منطقة تل حديد قرب قرية الثعلة بريف المحافظة الغربي. وقالت مصادر محلية في المحافظة لـ"العربي الجديد" إن الفصائل سيطرت على تل حديد وتقدمت في منطقة المعامل قرب الثعلة، بينما تراجعت قوات العشائر وعناصر الأمن من المنطقة.

خرق وقف النار في السويداء

وعصر أمس، قالت وزارة الداخلية السورية في بيان إن "العصابات المتمردة لجأت إلى خرق وقف إطلاق النار في السويداء من خلال شن هجمات غادرة ضد قوات الأمن الداخلي في عدة محاور وقصف بعض القرى بالصواريخ وقذائف الهاون، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من عناصر الأمن". واتهمت "العصابات المتمردة بمواصلة محاولات جر المحافظة إلى التوتر والفوضى"، مشددة على أنها "ستواصل واجباتها في السويداء بما تتطلبه حماية السكان وتأمين قوافل الإغاثة والمساعدات لهم".

من جهتها، نقلت "الإخبارية السورية" عن مصدر أمني قوله إن "المجموعات الخارجة عن القانون خرقت وقف إطلاق النار في السويداء وهاجمت قوى الأمن الداخلي وقصفت عدة قرى في ريف المحافظة"، مشيراً إلى أن تلك الهجمات أسفرت عن مقتل عنصر في الأمن الداخلي وإصابة آخرين. وأضاف المصدر أن الهجمات تزامنت مع "سعي حكومي لإعادة الاستقرار والهدوء في المحافظة تمهيداً لعودة الخدمات ومظاهر الحياة فيها"، معتبراً أن "المجموعات الخارجة عن القانون تعمل على إبقاء السويداء في دوامة التوتر والتصعيد والفوضى الأمنية، وتؤثر على عمل قوافل الإغاثة التي تصل إلى السكان".

ما زالت المعاناة مستمرة في تأمين المستلزمات الأساسية للسكّان بالمحافظة

من جهتها، اتهمت فصائل السويداء قوات العشائر والحكومة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إطلاق قذائف صاروخية باتجاه السويداء وقريتي رساس وعرى. وقال بيان صادر عن "المجلس العسكري في السويداء" إنه "بناءً على ذلك الخرق ومن منطلق الحق المشروع في الدفاع عن النفس... قامت غرفة العمليات في السويداء بالرد المناسب... وتقدمت باتجاه نقاط الخرق وحرّرتها".

وفي تطور آخر، ظهر قائد "المجلس العسكري في السويداء" طارق الشوفي في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه إن مجموعة مسلّحة يقودها نورس عزام داهمت اجتماعاً في مدينة السويداء، واختطفته تحت تهديد السلاح. وأضاف أن المجموعة قامت بتصوير مقطع يُظهره وهو يُدلي باعتراف أُجبر عليه، يفيد بأنه كان على تواصل مع الحكومة السورية قبيل الأحداث الأخيرة في المحافظة. ونورس عزام هو أحد قادة المجموعات المسلحة التابعة للشيخ حكمت الهجري، ومن المعتقد أن له علاقة بتجارة الكبتاغون، وهو ما يشير إلى خلافات بين الفصائل الموالية للهجري و"المجلس العسكري" الذي أعلن عن تأسيسه في فبراير/شباط الماضي ويضم فصائل مسّلحة بالمحافظة ويجاهر بعلاقات مع إسرائيل. وتتنشر قوى الأمن الداخلي على أطراف محافظة السويداء، إضافة إلى قرى مثل المزرعة وولغا في ريف السويداء الغربي، بينما لا يوجد أي انتشار أمني لقوات الأمن الداخلي داخل المحافظة، حيث تسيطر الفصائل المحلية.

معاناة مستمرة

وفي شأن متصل بالوضع الأمني، تواصلت عمليات الاجلاء من المحافظة وإليها، حيث جرى، أول من أمس السبت، إجلاء 386 شخصاً، معظمهم أطفال ونساء، من محافظة السويداء إلى مدينة بصرى الشام التابعة لمحافظة درعا المجاورة، فيما خرجت، الجمعة، 77 عائلة عبر معبر بصرى الشام الإنساني، تضم 159 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وجرى تأمينهم إلى الوجهات التي اختاروها، وفقاً لبيان الدفاع المدني السوري. في المقابل، ذكر الدفاع المدني أن 55 عائلة، تضم 293 شخصاً، عادت إلى محافظة السويداء عبر المعبر نفسه.

يحيى العريضي: لا أفق للحوار اليوم مع جهة معتدية

وعلى صعيد الأوضاع الإنسانية في المحافظة، ما زالت المعاناة مستمرة في تأمين المستلزمات الأساسية للسكّان رغم دخول المزيد من قوافل المساعدات خلال الأيام الأخيرة. وقالت المحامية ديانا مقلد لـ"العربي الجديد" إنها تعمل مع مجموعتين للإغاثة في المحافظة، الأولى "فزعة جبل" والثانية "مروان أبو خير"، وتقوم المجموعتان بإيصال الطعام والاحتياجات الأساسية إلى العائلات الموجودة في مراكز الإيواء وإن بكميات قليلة، أو الحد الأدنى. وأوضحت أن هناك عائلات تستضيف أخرى، بحيث يضم البيت الواحد عائلتين أو ثلاث عائلات، وهؤلاء لا نستطيع الوصول إليهم بسبب عدم وجود بنزين للسيارات، خصوصاً في القرى. وأضافت: "قرية عرمان مثلاً فيها 4 آلاف شخص، نحاول مساعدتهم لكن الوضع صعب، وبات على شفا هاوية ولا نعرف إلى أي وقت ستكفي السلل الغذائية". ولفتت إلى أنه "حتى في حال استطعنا إيصال السلل، لا يستطيع كثير من الناس الإفادة منها بسبب الافتقار إلى غاز الطبخ". وأوضحت مقلد أن قافلة دخلت السبت ووزعها الهلال الأحمر السوري، لكن الكميات التي تدخل لا تسد سوى نذر يسير من الاحتياجات، مشيرة إلى أن أغلب الناس يعيشون حالة كفاف، حيث "حصة كل شخص يومياً، وأنا منهم، تبلغ نصف رغيف خبز فقط"، مشيرة إلى أن الأشخاص الذين لديهم أراض مزروعة يقومون بتوزيع الخضار والفواكه على الناس مجاناً.

من جهته، قال رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي زار السويداء ستيفان ساكليان إن المساعدات الإنسانية الواصلة لا تزال غير كافية. ساكليان الذي عاد من المنطقة، أوضح لـ"راديو فرانس" أن الوضع "لا يزال مقلقاً للغاية"، إذ يفتقر السكان إلى كل شيء. وتابع: "هناك احتياجات غذائية، ومياه، وأدوية، وهذا تحديداً ما تستطيع القوافل الإنسانية التي بدأت العمل توفيره، وأرى أنه يجب تعزيزها في الأيام المقبلة". ولفت إلى أنه "على كلا الجانبين (من الدروز والبدو)، لدينا أشخاص إما اختفوا أو اعتُقلوا".

وتظل مشكلة الكهرباء هي الأبرز في المحافظة نظراً لأنها تؤثر بشكل مباشر على القطاعات الأخرى، خصوصاً توفر المياه التي تحتاج إلى كهرباء لتشغيل محطاتها وضخّها. وقالت الشركة العامة لكهرباء محافظة السويداء إنها تواصل أعمال الصيانة والإصلاح في عدد من قرى الريف مثل شقا وصلاخد وعمرة. وفي الشأن الحياتي أيضاً، أعلنت وزارة المالية السورية نقل الأرصدة المخصصة لرواتب موظفي القطاع العام في محافظة السويداء إلى فروع المصارف في مدينة إزرع بريف درعا، و"ذلك نتيجة الاعتداءات التي نفذتها جماعات خارجة عن القانون على فروع المصارف والمديريات العامة في السويداء"، وفق بيان للوزارة التي قالت إن الاجراء يهدف إلى "حماية العاملين في المصارف والحفاظ على المال العام".

مصدر من المجتمع المدني: تُكتشف كل يوم جثث جديدة ومنازل محروقة

وفي ظل هذا الواقع الصعب على الصعيدين الأمني والمعيشي، فإن الجهود الرامية للبحث عن حلول سياسية لا تزال باهتة وصوتها خافت، حيث تسود المحافظة أجواء من التجييش ضد الحكومة. وقال مصدر من المجتمع المدني داخل السويداء، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "الشباب الذين تصدّوا لقوات الحكومة والعشائر ما زالت لهم الكلمة العليا في المحافظة. الأمور غير واضحة، بينما تُكتشف كل يوم جثث جديدة ومنازل جديدة محروقة". ورأى أن ظهور مبادرات للحل من داخل المحافظة سوف يحتاج إلى بعض الوقت، وعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات حسن نيّة، وتظهر جدية أكبر في التعامل مع مخاوف أهل السويداء وهواجسهم.

من جهته، لخّص الأكاديمي المتحدر من محافظة السويداء يحيى العريضي مطالب سكان المحافظة بـ"انسحاب القوات التابعة للحكومة الانتقالية، التي ارتكبت جرائم أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 مدني من أبناء السويداء، بينهم 258 حالة تصفية مدنية". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" أن "المطلوب فك الحصار عن السويداء الذي يمنع الحركة ويحول دون وصول سبل الحياة وحصر ذلك بإمدادات شحيحة"، موضحاً أن من أهم مطالب أهل السويداء "تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة مختلطة للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت، ورفض أي لجنة محلية تشكلها الحكومة الانتقالية". وتابع: "هذه هي المطالب الحالية المستعجلة، ولا اهتمام للناس الآن إلا بجثث أحبائهم في قرى الشمال والغرب وإيقاف عمليات تدمير بيوت وآبار وأشجار 34 قرية ما زالوا فيها (في إشارة إلى القوات الحكومية)". وحول إمكانية بدء حوار مع دمشق، أشار العريضي إلى أنه "لا أفق للحوار اليوم مع جهة معتدية لا تقرّ بالمسؤولية عن الكارثة التي تسببت فيها".

وفي السياق، قال جبر الشوفي (الذي كان من أبرز معارضي نظام الأسد في السويداء)، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "لا حوار مع سلطة دمشق اليوم"، مشيراً إلى أن مطالب الأهالي في محافظة السويداء متعددة، أبرزها "كشف حقائق الغزوة البربرية والمسؤولين المباشرين عنها وإجراء محاكمة علنية لهم، قبل أي حوار يتجه للمشاركة السياسية ومؤتمر وطني شامل وإعلان دستوري معدل وحلّ الوزارة وقيام وزارة مؤقتة وكل ما يمكن أن ينهي هيمنة الهيئة (هيئة تحرير الشام) على سورية"، وفق تعبيره. وبرأيه، لا أحد يمثل السويداء اليوم "ممن تتداول أسماؤهم"، مضيفاً أنه "يمكن أن تمثلها نسبياً الهيئة الوطنية الاجتماعية، ومجموعات سياسية وثقافية سلمية ونسويات".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows