
ناقشت الولايات المتحدة واليابان للمرة الأولى الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، وذلك سعياً لتعزيز مصداقية المظلة الأمنية الأميركية، في الوقت الذي تدرس فيه طوكيو مخاطر الصراع في مضيق تايوان، فيما يرى خبراء صينيون أن هذا التطور قد يخفف من مخاوف اليابان بشأن دعم الدفاع عن تايوان، لكنه من المتوقع أن يثير غضب بكين. وذكرت وكالة كيودو اليابانية للأنباء، نهاية الأسبوع الماضي، أن البلدين ناقشا سيناريو قد يستخدم فيه الجيش الأميركي الأسلحة النووية في حالة وقوع طارئ في شرق آسيا. وذكر التقرير، نقلاً عن مصادر لم يسمها، أن مثل هذه الخطوة إشارة إلى أنهم يسعون لتعزيز المظلة النووية الأميركية التي تحمي اليابان وسط تكثيف بكين وكوريا الشمالية وروسيا النشاط العسكري.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب اعتماد أول إرشادات للردع الموسع بين الحليفين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، التي شددت على الحاجة إلى إجراءات اتصال أفضل بشأن الأسلحة النووية الأميركية للدفاع عن أمن اليابان. والردع الموسع سياسة استراتيجية أميركية مصممة لردع الخصوم عن مهاجمة حلفاء واشنطن، بما في ذلك أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فضلاً عن اليابان وكوريا الجنوبية، من خلال الإشارة إلى أن مثل هذا العدوان قد يؤدي إلى رد فعل أميركي قوي، بما في ذلك ربما الأسلحة النووية.
وزارة الدفاع الصينية: اليابان باعتبارها دولة عانت من القصف النووي، ينبغي أن يكون لديها فهم عميق بأن الحرب النووية لا ينبغي خوضها
وفي تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية، أمس الأحد، إن اليابان سعت للحصول على التزامات أميركية أقوى لتعزيز الردع النووي الموسع، وإن هذه المناقشات بشأن السيناريو المحتمل لاستخدام الأسلحة النووية تعكس الجهود الثنائية لتنفيذ المبادئ التوجيهية. ولفتت إلى أن قرارات اليابان بشأن التدخل العسكري في حالة الطوارئ التايوانية المستقبلية من المرجح أن تعتمد بشكل أكبر على الالتزام الأميركي المتصور تجاه تايوان وديناميكيات القوة الإقليمية الأوسع. من جهتها، دانت وزارة الدفاع الصينية بشدة المناقشات المذكورة. وحثّ المتحدث باسم الوزارة تشانغ شياو قانغ، البلدين على تقليص دور الأسلحة النووية في سياساتهما الأمنية الوطنية والجماعية. وقال تشانغ، في إفادة صحافية، إن اليابان باعتبارها دولة عانت من القصف النووي، ينبغي أن يكون لديها فهم عميق بأن الحرب النووية لا ينبغي خوضها، ولا يمكن الفوز بها أبداً.
مفارقة غريبة
وعن ذلك، قال المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث، جينغ وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تفعيل نقاشات استخدام الأسلحة النووية بين طوكيو وواشنطن، التي بدأت قبل 15 عاماً، تكشف مفارقة غريبة، باعتبار أن اليابان هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعرضت لهجمات بالقنابل النووية، كذلك فإن الولايات المتحدة هي الدولة التي قامت بهذا العمل الإجرامي، والآن يجري الحديث عن تفعيل مظلة أمنية بين الطرفين تتيح استخدام السلاح النووي، على الرغم من ارتفاع الأصوات الدولية التي تدعو إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف الباحث الصيني أن مثل هذه الخطوة قد تسرّع في دخول دول أخرى إلى جانب اليابان ضمن المظلة الأمنية الأميركية، وبالتالي إطلاق سباق تسلح نووي في المنطقة، فيما تسعى بكين لتعزيز جهودها على الساحة الدولية من أجل حل الأزمة النووية في شبه الجزيرة الكورية. وهذان المساران، حسب جينغ وي، يعكسان حالة التناقض بين رؤية بكين لمستقبل المنطقة وعملها الدؤوب لإحلال الأمن والسلام والاستقرار، وسعي واشنطن والإدارات الأميركية المتعاقبة لزعزعة الاستقرار وخلق حالة من الاستقطاب بذريعة التهديد الصيني، وهنا تكمن خطورة هذا التوجه.
بكين ماضية بتطوير ترسانتها النووية
في المقابل، أعرب الخبير في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ، تشاو يين، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنه لا يحق لبكين أن تبدي امتعاضاً من توسيع المظلة الأمنية بين الولايات المتحدة وحلفائها، حتى لو شمل ذلك استخدام السلاح النووي، باعتبار أن الصين ماضية في تطوير ترسانتها العسكرية والنووية بتكتم شديد، دون أي اعتبارات لمخاوف دول الجوار، التي لديها نزاعات وخلافات عميقة معها. وأضاف: لذلك، قد لا يكون أمام هذه الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين إلا أن تعزز علاقاتها بالولايات المتحدة، سواء من خلال تكثيف التدريبات العسكرية المشتركة كما يحدث الآن في بحري الصين الشرقي والجنوبي، أو من خلال الدخول في تحالفات دولية تقودها الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين في المنطقة.
تشاو يين: الصين ماضية في تطوير ترسانتها العسكرية والنووية بتكتم شديد
يشار إلى أن هذه المحادثات تأتي وسط مخاوف في اليابان من احتمال نشوب صراع في مضيق تايوان، حيث دعمت طوكيو توسيع الوجود العسكري الأميركي، بما في ذلك خطط لنشر طائرات استطلاع بعيدة المدى في أوكيناوا بالقرب من جزيرة تايوان، وكذلك إنشاء قواعد أميركية مؤقتة على طول جزر نانسي جنوب غرب اليابان، التي يمكن من خلالها نشر وحدات صاروخية في حالة الطوارئ في تايبيه.
وتعتبر الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، ويمكن إعادة توحيدها بالقوة إذا لزم الأمر، فيما لا تعترف معظم الدول، بما فيها الولايات المتحدة، بتايوان دولة مستقلة، لكن واشنطن تعارض أي محاولة للاستيلاء على الجزيرة ذات الحكم الذاتي بالقوة، وتلتزم تسليح تايوان. ولطالما انتقدت الصين فكرة أن حالة الطوارئ في تايوان هي حالة طوارئ في اليابان، وهو المفهوم الذي قدمه في الأصل رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي. وعادت هذه العبارة إلى الظهور في مايو/أيار الماضي عندما قاد وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني السابق، ياسوتوشي نيشيمورا، وفداً برلمانياً يابانياً إلى تايبيه، والتقى هناك الزعيم التايواني ويليام لاي تشينغ تي.
من جهة ثانية، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الأسطول الروسي في المحيط الهادئ قوله، في بيان أمس الأحد، إن سلاحي البحرية الروسية والصينية يجريان مناورات مدفعية ومضادة للغواصات في بحر اليابان في إطار تدريبات مشتركة مقررة. وتُجرى المناورات بعد يومين من إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً بوضع غواصتين نوويتين في "المناطق المناسبة" رداً على تصريحات للرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف. وأوضح الأسطول الروسي في المحيط الهادئ أن سفناً روسية وصينية تتحرك في مفرزة مشتركة، تضم سفينة روسية كبيرة مضادة للغواصات ومدمرتين صينيتين. وأضافت أن غواصات تعمل بالديزل والكهرباء من البلدين، فضلاً عن سفينة إنقاذ غواصات صينية، تشارك في مناورات بعنوان "التفاعل البحري 2025"، التي من المقرر أن تنتهي غداً الثلاثاء.

Related News

