غلاء الإسمنت يُجهض أحلام الليبيين بالسكن
Arab
3 hours ago
share

تشهد أسعار الإسمنت في السوق الليبية ارتفاعاً غير مسبوق منذ مطلع العام، ما أثار موجة قلق في أوساط المواطنين والمقاولين، في ظل تعثر مشاريع الإعمار وغياب رؤية اقتصادية متماسكة. وبحسب شبكة ليبيا للتجارة الإلكترونية التابعة لوزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية، قفز سعر قنطار (100 كليوغرام) الإسمنت خلال الشهرين الماضيين، من 71 ديناراً إلى 91 (بسعر صرف يبلغ 5.5 دنانير للدولار)، في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة اقتصادية هشّة، رغم إعلان مصرف ليبيا المركزي أخيراً، مبادرة جديدة لتمويل مشاريع الإسكان المتوقفة منذ سنوات.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى نقص حاد في المعروض المحلي، تزامناً مع زيادة كبيرة في الطلب، في ظل تحديات تشغيلية تواجهها المصانع، مثل شح الوقود والانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، ما أدى إلى توقف عدد من خطوط الإنتاج. ومن بين المصانع المتوقفة، مصنع "البرج" التابع لشركة الاتحاد العربي للمقاولات، الذي خرج عن الخدمة منذ منتصف يوليو/تموز، ما فاقم أزمة المعروض. ووفقاً للبيانات الرسمية، بلغ سعر قنطار الإسمنت المحلي من إنتاج شركة الاتحاد العربي 91 ديناراً، بزيادة يومية بلغت 3.41%، فيما راوح سعر القنطار من شركات "الأهلية" بين 82 ديناراً و83، بزيادة فاقت 5%. أما الإسمنت المستورد، فقد بلغ سعره 89 ديناراً، مرتفعاً 4.7%.

وفي هذا الصدد، يقول عاملون في السوق إن هذا الارتفاع سببه تداخل عدة عوامل، منها المضاربات وتراجع الإنتاج المحلي، إضافة إلى غياب أي تدخل حكومي فعّال للحد من الأسعار أو توفير بدائل استيرادية. ويشير جمال الزنتاني، وهو مقاول يشرف على مشروع سكني في منطقة طريق المطار بطرابلس، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "الكلفة زادت 25% خلال شهرين. أوقفنا الأعمال مؤقتاً بانتظار استقرار الأسعار أو الحصول على الإسمنت بأسعار مدعومة، وإلا فإن المشروع قد يتوقف بالكامل".

أما المقاول علي المصراتي، فيقول إن الطلب ارتفع كثيراً، خصوصاً بعد إعلان مصرف ليبيا المركزي منح تمويلات للإسكان العقاري. لكنه يضيف: "ما يحدث، وراءه مضاربات واضحة. حتى سعر الإسمنت المستورد ارتفع هو الآخر". وتحت وطأة هذه الظروف، عبّر مواطنون عن استيائهم من تصاعد الأسعار، مشيرين إلى أن الأزمة لم تَعُد تقتصر على قطاع المقاولات بل باتت تمس حياتهم اليومية مباشرة. ويقول عبد السلام أبوخريص، موظف حكومي من جنزور غرب طرابلس: "كنت أجهّز لبناء منزل صغير على قطعة أرض ورثتها عن والدي، لكن بعد قفزة الأسعار، تأجل الحلم إلى أجل غير مسمّى"، فيما تقول نعيمة التواتي، وهي أرملة تعيل أطفالها الثلاثة: "تلقيت مبلغاً من مستحقات مالية متأخرة، كنت أظن أنه سيكفيني للبناء، لكن الإسمنت وحده سيأخذ نصف الميزانية. لا نعرف إلى من نلجأ".

ويعتبر المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن ما يحدث يعكس فوضى السوق وغياب السياسات الاقتصادية، قائلاً لـ"العربي الجديد": "كان يمكن تفادي هذا الارتفاع لو تدخلت الحكومة بسرعة عبر تخزين استراتيجي، أو تسهيل الاستيراد، أو تنظيم الإنتاج المحلي". وحذّر الشيباني من أن استمرار الأسعار بهذا الشكل قد يؤدي إلى تباطؤ واضح في مشاريع الإعمار، وزيادة معدل التضخم، ما يقوّض محاولات تحريك الاقتصاد المحلي، خصوصًا في ظل ضعف القوة الشرائية وغياب الدعم المباشر للمواد الأساسية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows