تزايد أعداد المهاجرين وتجاوزاتهم يثيران مخاوف في ليبيا
Arab
15 hours ago
share

يترقب المواطنون في ليبيا مدى فاعلية حملة التفتيش الأمنية التي تستهدف البؤر العشوائية للمهاجرين السريين ومساكن العمالة الوافدة، وسط احتجاجات الأهالي وهواجسهم إزاء تصاعد الجريمة المنظمة المرتبطة بالمهاجرين.

تتفاقم أزمة الهجرة السرية في ليبيا لتتحول إلى مصدر قلق يومي للمواطنين مع اكتظاظ أعداد من المهاجرين داخل الأحياء السكنية بالمدن الكبرى، وسط مخاوف من تنامي الجرائم المختلفة. وفي السياق، نظم مواطنون في حي الأندلس بطرابلس وقفة احتجاجية للتحذير من تبعات الوجود غير المنظم للمهاجرين. وأبدى المحتجون سخطهم تجاه استغلال المهاجرين الحديقة العامة سكناً دائماً، ناهيك عن سرقة المحال والمنازل ومسجد الحي، والمتاجرة العلنية بالمخدرات، وإقامة أسواق عشوائية، وطالبوا الجهات الحكومية بالحد من التدهور الأمني والمعيشي.

تأتي احتجاجات حي الأندلس ضمن سلسلة احتجاجات سبق أن نظمها سكان أحياء أخرى في طرابلس. ففي مارس/ آذار الماضي نفّذ أهالي غوط الشعال أول وقفة احتجاجية وصلت إلى حد إقفال المحال، بالتزامن مع نشر فيديوهات لمهاجرين يسرقون محالَ تجارية، ما زاد من الشعور بانعدام الأمن. وفي إبريل/ نيسان الماضي أطلق نشطاء المجتمع المدني حملة تحت شعار "تطبيق القوانين الخاصة بالهجرة"، دعوا فيها إلى تدخل عاجل لمعالجة الظاهرة، محذرين من تحميل الأهالي أي مسؤولية حيال أي خطوة للحد من تجاوزات المهاجرين. وجاء في أحد منشورات الحملة أن مواطنين ضبطوا مهاجراً أثناء محاولته سرقة أحد المنازل وسلموه للأجهزة الأمنية، وسط تأكيد النشطاء أن مثل هذه الوقائع باتت متكررة وتستدعي استجابة حكومية صارمة.

وفي أول تجاوب حكومي، أعلنت وزارة العمل والتأهيل، وعلى رأسها الوزير علي العابد الرضا، مباشرتها بتنفيذ حملة تفتيش واسعة على مساكن العمالة الوافدة في منطقة السبعة بطرابلس، بالتنسيق مع جهاز مكافحة الهجرة السرية ومشاركة أجهزة رقابية وأمنية. ووفق بيان للوزارة، ركزت الحملة على مراجعة أوضاع العمالة القانونية ومواقع الإيواء العشوائية التي تفتقر لشروط السكن اللائق والسلامة، ونقل عن الوزير تشديده على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية حيال أي مخالفة، ودعوته إلى تفعيل مشاريع السكن العمّالي المنظم وشركات الخدمات العمّالية لتقنين وجود العمالة في بيئة قانونية وآمنة، ضمن خطة أوسع لتعزيز الرقابة الميدانية على سوق العمل.

وأسفرت الحملة عن القبض على أكثر من 1500 مهاجر سرّي داخل بؤر سكنية عشوائية تقع شرقي العاصمة، حيث تم اكتشاف مجمعات مغلقة بأسوار عالية يقطنها مئات المهاجرين، غالبيتهم من مصر ودول أفريقيا جنوب الصحراء، من دون وثائق إقامة أو فحوصات طبية، وسط بيئة عشوائية تضم محلات صغيرة لبيع اللحوم والخضار. ونقل البيان قول الوزير إن هذه المجموعات ستُرحّل بالكامل إلى مراكز الإيواء لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها.

وتغصّ ليبيا بآلاف المهاجرين السريين وسط أزمة تعانيها منذ قرابة عقد ونصف العقد. وبحسب آخر بيانات المنظمة الدولية للهجرة، فإن عدد المهاجرين في ليبيا خلال شهرَي مارس وإبريل الماضيين بلغ 867.055 مهاجراً من 44 جنسية، بزيادة 1% عن الشهرين السابقين، و20% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، في ظل استمرار تزايد الأعداد منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023. 

وأشار التقرير الذي نشرته المنظمة الدولية للهجرة، أخيراً، إلى أن غالبية المهاجرين يتحدرون من السودان والنيجر ومصر وتشاد ونيجيريا، ويعمل 78% منهم، خصوصاً الرجال، في قطاعات البناء بنسبة 48%، والتصنيع بنسبة 10%، والزراعة بنسبة 9%، والنظافة والعمل المنزلي بنسبة 8%، وفي المبيعات بنسبة 6%، فيما تبحث النسبة الباقية، وأغلب أفرادها من النساء، عن فرص عمل.

ويرى الناشط الحقوقي إبراهيم الناجح أنه بالرغم من أهمية حملة التفتيش، غير أنها تعاني من قصور يكمن بالخلط بين ملفَّي المهاجرين السريين والعمالة الوافدة المنظمة، ويقول لـ"العربي الجديد": "فشلت وزارة العمل في السيطرة على الوضع، ما اضطرها للتعاون مع جهاز مكافحة الهجرة، وهذه خطوة مقدّرة للتمييز بين العمالة القانونية وغير القانونية"، ويؤكد أن اقتصار الخطوة على العاصمة يجعلها محدودة جداً وربما يفشلها، لأن طرابلس لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مساحة المدن التي تعاني مشاكل مماثلة، وربما أكثر تعقيداً في ظل تصاعد الجريمة المنظمة المرتبطة بالمهاجرين.

ويلفت الناجح إلى أن أسباب تفاقم الأزمة ترتبط بالانقسام السياسي الحاد في البلاد، موضحاً أن أي حل جدّي لن يتحقق من دون سلطة موحدة تفرض القانون على كامل الأراضي الليبية، خصوصاً أن سلطة خليفة حفتر، التي تسيطر على الحدود الجنوبية، تستغل ملف الهجرة ورقة ضغط سياسي ومالي، عبر تسهيل تدفق المهاجرين نحو السواحل الليبية، بهدف ابتزاز دول أوروبية، معتبراً أن "سلوك حفتر يفاقم الأزمة ويحوّل البلاد إلى مستنقع بشري ومجال مفتوح للجريمة المنظمة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows