
بينما يُراقب المستثمرون وقادة الأعمال أي مؤشرات تدل على إمكانية تراجع السياسيين عن بعض أفعالهم الأخيرة، واصلت نذر الحرب التجارية والتوترات العالمية الارتفاع، حيث صرحت السفارة الصينية في الولايات المتحدة، عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي X قائلة: "إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حرب رسوم جمركية أو حرب تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية".
وأدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، بتصريحات مشابهة، فيما صرح وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، خلال حديثه لقناة "فوكس بيزنس" مساء الثلاثاء، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "على الأرجح" سيُعلن عن اتفاقيات تسوية مع المكسيك وكندا في أقرب وقت يوم الأربعاء، لكنه لم يذكر الصين. وقال ترامب في خطاب مشترك أمام الكونغرس يوم الثلاثاء إن إدارته ستكون "على ما يرام" مع "اضطراب طفيف" ناتج عن الرسوم الجمركية.
واقترب أكبر اقتصادين في العالم من الحرب التجارية بعد أن فرض ترامب تعرفات جمركية إضافية على السلع الصينية كافة، وسرعان ما ردت الصين بفرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و15% على المنتجات الزراعية الأميركية. ويمثل التصريح الصيني الأخير أحد أقوى التصريحات الصادرة عن الصين منذ تولي ترامب منصبه، ويأتي في وقت يجتمع فيه كبار قادة البلاد في بكين لحضور افتتاح المؤتمر السنوي لمجلس الشعب الوطني.
وأعلن رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ يوم الأربعاء أن الصين ستزيد مرة أخرى إنفاقها الدفاعي بنسبة 7.2% هذا العام، محذراً من أن "تغيرات لم يشهدها العالم منذ قرن تتكشف بوتيرة أسرع"، إلا أن هذه الزيادة كانت متوقعة وتتطابق مع الرقم المعلن عنه العام الماضي. ويحاول القادة في بكين إرسال رسالة إلى الشعب الصيني مفادها أنهم واثقون من قدرة اقتصاد البلاد على النمو، حتى في ظل تهديد الحرب التجارية.
وحرصت الصين على تقديم نفسها دولة مستقرة وسلمية، على النقيض من الولايات المتحدة، التي تتهمها بكين بالتورط في الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، اليوم الأربعاء، إن الصين ربما تأمل في الاستفادة من تصرفات ترامب المتعلقة بحلفاء الولايات المتحدة مثل كندا والمكسيك، اللتين تأثرتا أيضاً بالتعرفات الجمركية، ولن ترغب في تصعيد الخطاب إلى حد يثير مخاوف الشركاء العالميين المحتملين. وأكد خطاب رئيس الوزراء الصيني يوم الثلاثاء أن الصين ستواصل الانفتاح وتأمل في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وسبق أن أكدت الصين استعدادها لخوض الحروب. ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعا الرئيس شي القوات إلى تعزيز استعدادها للحرب أثناء إجراء تدريبات عسكرية حول تايوان، رغم التسليم بوجود فارق بين الاستعداد العسكري والاستعداد الفعلي لخوض الحرب.
وخلال الجلسة المشتركة للكونغرس، اعترف ترامب بأن الرسوم الجمركية التي فرضها على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة ستؤدي إلى "اضطراب طفيف". وقال ترامب في خطابه: "الرسوم الجمركية تهدف إلى جعل أميركا غنية مرة أخرى وجعلها عظيمة مرة أخرى. وهذا يحدث الآن، وسيتحقق بسرعة". وأضاف: "سيكون هناك اضطراب طفيف، لكننا لا نمانع في ذلك"، مشدداً على أنه "لن يكون هناك تأثير كبير".
الحرب التجارية تؤثر على أسواق المال
وأدى تنفيذ سياسات الرئيس ترامب الجمركية إلى اضطراب سوق الأسهم الأميركية هذا الأسبوع، حيث يشعر المستثمرون بالقلق من أن تؤثر هذه الرسوم على الاقتصاد. وشهدت مؤشرات داو جونز وستاندرد آند بورز 500 وناسداك جميعها انخفاضاً بنحو 3% خلال جلسات الاثنين والثلاثاء. ومع هذا التراجع، يبدو أن مؤشر داو جونز الصناعي في طريقه لتحقيق أسوأ أسبوع له منذ أزمة البنوك الإقليمية في مارس/ آذار 2023. كما سيكون هذا التراجع الأسبوعي الأكبر لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 وناسداك منذ سبتمبر/ أيلول.
ومع ذلك، ارتفعت العقود الآجلة للأسهم صباح الأربعاء، وسط تصاعد الآمال في إمكانية التوصل إلى تسوية بشأن التعرفات التجارية التي فرضها ترامب على واردات بلاده من كندا والمكسيك. وتتطلع سوق الأسهم الأميركية لتقليص جزء من الرسوم الجديدة البالغة 25% على السلع المستوردة من كلا البلدين، وفقاً لما صرح به وزير التجارة هوارد لوتنيك يوم الثلاثاء.
وقال لوتنيك: "المكسيكيون والكنديون يتواصلون معي طوال اليوم، في محاولة لإثبات أنهم سيقدمون أداءً أفضل". وأضاف بعد ظهر الثلاثاء: "الرئيس يستمع، لأنه، كما تعلمون، عادل جدًا ومعقول جدًا. لذلك أعتقد أنه سيتوصل إلى اتفاق معهم". وعلى الرغم من ذلك، واصل ترامب الترويج للرسوم الجمركية باعتبارها أداة تفاوض قوية، وقد أسس سياسته الجمركية على مزاعم تفيد بأن الدول المجاورة تفشل في كبح تدفق المخدرات والجريمة إلى الولايات المتحدة.

Related News


