
تخوض عائلة الباشا في مدينة القدس المحتلة، صراعًا قانونيًّا منذ ثماني سنوات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي ردًّا على محاولات الاستيلاء والسيطرة على أحد منازلها المتربع في شارع الواد وسط البلدة القديمة، وذلك بهدف ضمّه إلى كنيس يهودي محاذٍ للمنزل، ولا سيّما بعد أن أصدرت محكمة الاحتلال في القدس قبل يومين قرارًا يقضي بإخلاء منزل العائلة.
وتتحجّج سلطات الاحتلال بأن ملكيّة المنزل تعود لأصول يهودية، غير أنّ عبد المجيد الباشا، أحد أصحاب المنزل المكوّن من ثلاثة طوابق، يؤكد في حديث مع "العربي الجديد"، أن ملكيّة المنزل فلسطينية بالكامل حيث إنّ العائلة تملكه منذ عام 1930، أي قبل 95 عامًا. ويقول الباشا: "تزوّج أبي في المنزل، وولدت أنا فيه قبل 72 عامًا، ومعنا ما يثبت صحّة ملكيتنا القانونية له، ولن نتنازل ليتم الاستيلاء على منزل العائلة".
عائلة الباشا كانت تلقّت إخطار إخلاء المنزل أوّل مرة عام 2017، ورفضت الانصياع للقرار، وتوجّهت إلى محافظة القدس والجهات الرسمية الفلسطينية لتوكيل محامٍ خاص، والبدء بخوض مسار قانوني، حيث عقدت جلسات عديدة طوال الـ8 سنوات الماضية، شاركت العائلة في حضورها، والمحامي الممثل عنها، وقدّمت فيها الأوراق الثبوتية لملكية المنزل، إلا أن العائلة فوجئت بصدور قرار الإخلاء مجددًا قبل يومين.
وينصّ قرار الإخلاء الذي صدر قبل يومين، على إمهال العائلة مدة 60 يومًا تقريبًا لتقديم الاستئناف على القرار، وإخلاء المنزل والخروج منه، إلى حين البت بالقرار، غير أن العائلة ترفض الخروج منه، بناءً على تجارب سابقة في القدس المحتلة أجبر سكّانها على الخروج من منازلهم فيها، بحجّة الانتظار إلى حين صدور القرار، وقبل الموعد المحدد للقرار يتم الاستيلاء على المنزل.
وتعمل العائلة على جمع كلّ ما يلزم من وثائق تاريخية، لتقديم الاستئناف والطعن القانوني بالقرار الإسرائيلي، الذي يعتبر إلغاءً للوجود الفلسطيني وشكلًا من أشكال التهجير الممنهج لصالح توسيع النشاط الاستيطاني اليهودي في القدس المحتلة والبلدة القديمة. وبحسب مصادر رسمية من محافظة القدس، فإن العائلة تمتلك "طابو" يعود إلى عهد الوصاية الأردنية على الأراضي الفلسطينية، وكذلك حال المنازل المجاورة لعائلة الباشا، وتحديدًا من عائلتي البكري ونجيب، حيث يقطن نحو 50 مقدسيًّا في المربع السكني ذاته، وهم يملكون أوراقًا ثبوتية تؤكد مقدسية وفلسطينية المكان الذي يعيشون فيه.
غير أن الذريعة التي تحاول سلطات الاحتلال التوسع من خلالها والاستيلاء على المنازل عبرها، هي أن في المنطقة السكنية كنيسًا يهوديًّا في حاجة إلى توسعة، وهو بالأصل كان عقارًا فلسطينيًّا مُسرّبًا للجمعيات الاستيطانية. وأدان المجلس الوطني الفلسطيني (تابع لمنظمة التحرير) قرار محكمة الاحتلال بإخلاء عائلة الباشا من منزلها التاريخي.
وقال المجلس الوطني في بيان صادر عنه، اليوم الأربعاء "إن هذا القرار يعتبر حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق شعبنا وأراضينا ومقدساتنا، يمثل تعديًا صارخًا على الحقوق الفلسطينية، وجزءًا من خطة التهويد ومحو معالم المدينة العربية والإسلامية". ولفت البيان إلى أن هذا القرار "يأتي أيضًا في إطار سياسة الاحتلال العنصرية التي تهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم وتهجيرهم قسراً، في محاولة لتغيير الواقع الديمغرافي للمدينة المقدسة وفرض سيطرة الاحتلال بشكل كامل عليها".
وشدّد المجلس الوطني، على أنّ "القرار يشكّل سابقة خطيرة ويستهدف إفراغ مدينة القدس من سكانها الأصليين، ويخدم أجندات استعمارية في تعزيز الاستيطان والتهويد". ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات وحماية الحقوق الفلسطينية، مؤكدًا "أن هذه السياسات لن تنجح في تغيير هوية القدس أو النيل من حقوق شعبنا في أرضه".

Related News
