مطلقات خذلهن القانون وظلمهن القضاء!
Society
1 week ago
share

لم تكن تدرك منال أحمد (اسم مستعار) أن أيام عصيبة تنتظرها بعد طلاقها، تعيل أربعة اطفال، أكبرهم بعمر الرابعة عشرة، وجدت صعوبة في الحصول على نفقة كافية من والد أطفالها، لجأت للقانون فوجدته قد فوض القضاء بتحديد مبلغ النفقة حسب دخل الأب.

تقول منال لـ منصتي 30، “ذهبت لأحد المحامين من أجل رفع قضية للمطالبة بنفقة كافية لأطفالي، مبلغ عشرة ألف ريال لكل واحد منهم لا تكفي لشراء خبز لمدة شهر واحد، كيف يمكنني توفير باقي متطلباتهم المعيشية؟، من أين أوفر احتياجات تعليمهم، وعلاجهم في حال مرضوا، ومصروفهم اليومي، وإيجار المنزل وهو ستين ألف ريال؟”.

وتتابع، “فاجأني المحامي حين أخبرني أن القانون قد فوض القضاء بتحديد نفقة الأبناء حسب قدرة الأب ودخله، أدركت أن ذهابي للقانون لن يغير شيء دام أن القانون لم يعير المرأة أي اهتمام ولم يقدر وضعها المعيشي ومستواها التعليمي ومن أين بإمكانها توفير مصاريف الأبناء دام وأن الرجل غير قادر على إعالتهم”.

تؤكد منال أنها تحاول البحث عن فرصة عمل لإنقاذ أطفالها من الجوع، نفقة أبنائها لا تزيد عن اربعين ألف ريال وهو مبلغ لا يكفي إيجار السكن الذي تعيش فيه مع أطفالها، وأن وقوف صديقاتها وأفراد من عائلتها هو ما ساعدها في تجاوز بعض الصعوبات التي تواجهها في الحياة”.

تتكرر المعاناة مع هند السروري (3٠ عامًا) والتي وجدت وضعها بعد الطلاق أشد مرارة من قبله، حيث  قرر لها خمسة عشر ألف ريال لطفلتها كنفقة، وهو مبلغ زهيد مقابل احتياجات طفلة تبلغ من العمر ستة أعوام، تقول: “أعيش في غرفة إيجارها عشرين ألف ريال، وأحتاج مبلغ شهري لتسديد فواتير الكهرباء والماء، غير المصاريف الشهرية لشراء المواد الغذائية ومصروف يومي لطفلتي، ماذا عسى أن يفيد هذا المبلغ مقابل كل هذه المسؤوليات؟”.

تعاني هند من مرض الكبد، وهو ما جعلها عاجزة عن الخروج والبحث عن عمل يوفر لها ولطفلتها حياة كريمة، بالمقابل تحتاج مبلغ شهري لشراء علاجها وهو ما تجد أيضاً صعوبة في توفيره.

تضيف هند لمنصتي 30: “بمجرد أن تطلب المرأة الطلاق، يجب أن تتوقع بأن هناك متاعب كثيرة سوف تواجهها، لاسيما إذا كان لديها أطفال كثر، ووالدهم لا يؤتمن عليهم، وحدك تواجهين الحياة، أما عن القانون فقد خذلنا وفوض القضاء بمراعاة وضع الأب دون مراعاة وضعنا”.

قصور في التشريع

ترى المحامية عبير المغلس أن السبب الرئيسي في ظلم المرأة في الحصول على نفقة كافية لأطفالها، هو قصور في التشريع ذاته، لأن السلطة التشريعية في اليمن ممثلة بمجلس النواب يهيمن عليها شخصيات قبلية ومشائخ ورجال غير متخصصين قانونيًا واجتماعيًا، وليس لديهم الوعي الكافي بواقع المرأة والطفل، وهذا ينعكس على قوانين منقولة ومجحفة.

توافقها في الرأي الصحفية والناشطة وداد البدوي: “إن القضاء يحدد النفقة بمبلغ زهيد جدًا، وهذا متوقع طالما أن المشرع اليمني رجل، ولا يشعر بمعاناة الأم وما تتحمله من أعباء، بل وكأنه يعمل على معاقبتها عندما حدد مبلغًا ماليًا موحدًا للجميع ولم يكن مرنًا”.

تقول صباح الشرعبي، وهي رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في محافظة تعز، إن القضاء يميل إلى تفضيل مصلحة الأب في قضايا الحضانة والنفقة، دون مراعاة كافية لوضع الأم، سواء المادي أو النفسي أو الاجتماعي.

وتتابع: “دائمًا ما نجد أن القضاء يجحف في حق النساء في أمور نفقة الأبناء، ونجد كذلك إطالة فترة التقاضي في كل قضايا النساء، وخاصة القضايا الأسرية”.

عبء آخر

تقول المحامية عبير المغلس إن هناك ظلم قضائي في تحديد نفقة الأطفال بعد الطلاق، و الأم المطلقة في اليمن تعاني من أعباء الحياة اليومية، ويضيف القضاء عبئًا آخر يتمثل في أحكام مجحفة بتحديد نفقة لا تتناسب مع أبسط احتياجات أطفالها المعيشية.

وتؤكد في حديثها: “تعتمد المحاكم اليمنية على السلطة التقديرية للقاضي في تحديد النفقة، وهي سلطة منحها له القانون، لكنها أصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب الأمهات والأطفال بعد الطلاق، في ظل أحكام تصدر بمبالغ زهيدة جدًا فيها إهانة لكرامة الطفل وحقوق الإنسان”.

وتضيف: “في حالات كثيرة يحكم القاضي بنفقة لا تتجاوز عشرين ألفًا أو أقل لأطفال يحتاجون إلى غذاء ودواء وتعليم وملابس، كل ذلك لأنه لا توجد معايير واضحة وإلزامية تلزم القاضي بالتحقيق الفعلي من دخل الأب أو مستوى معيشة الطفل المطلوب النفقة له”.

حلول

ترى الشرعبي أنه لا بد من تفعيل محاكم الأسرة، والتي تم تعطيلها بشكل أساسي، وهو ما ساهم في مفاقمة معاناة المرأة المطلقة، حيث إن تفعيل محاكم الأسرة هو الضامن الرئيسي للوقوف مع المرأة في كل هذه القضايا، وتضيف: “لا بد من التوعية القانونية للنساء، فيما يتعلق بقضايا الأسرة، والعمل على تعديل القوانين المتعلقة بالحضانة والنفقة، وكذلك لا بد من وجود تمثيل قانوني قوي للمرأة يساعدها في الحصول على حقوقها وحقوق أطفالها”.

فيما تقول المحامية شيرين المريري: “لا بد من مشروع لتعديل القانون فيما يتعلق بالنفقة، وأن تُحدد قيمتها بما يلبي الاحتياجات الأساسية، وبما يكفل للطفل المعيشة الكريمة، وبما يتلاءم مع الواقع وفقًا لمؤشرات الأسعار وغلاء المعيشة.

وتضيف: “ينبغي إنشاء صندوق دعم للنفقة لتغطية الفرق في حال ثبت عجز الأب، ويسمى (صندوق النفقة الوطنية)، تحت إشراف وزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية، ويمول الصندوق من قبل مخصصات الدولة من غرامات وتبرعات ورسوم وضرائب وغيرها”.

وتؤكد على ضرورة إضافة نص صريح في القانون بعدم تحميل الأم وحدها عبء الإنفاق على الأولاد في ظل انعدام فرص العمل لها، كما تؤكد على ضرورة إضافة نص صريح يُلزم الأب بتحسين وضعه المادي والإنفاق على أطفاله.

 

 

The post مطلقات خذلهن القانون وظلمهن القضاء! appeared first on منصتي 30.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows