
يورد تقرير نشره موقع سيانتسفيك أميركان أن سلطات ولاية تكساس تدرك أنها غير مُستعدة للفيضانات، لكنّها لم تبذل أي جهود لمعالجة هذا الخطر الذي تحوّل إلى واقع في 4 يوليو/ تموز الجاري، وأودى بحياة أكثر من 128 شخصاً من بينهم أكثر من 20 طفلاً وموظفاً وجدوا في مُخيّم "ميستك" الصيفي على ضفاف نهر غوادالوبي، في حين لا يزال 166 في عداد المفقودين.
وفيما لا يُرجح أن تُساعد الحكومة الفيدرالية سلطات الولاية في تغطية تكاليف الأضرار، قرر مُشرعو تكساس عقد جلسة في 21 يوليو لمناقشة تعزيز الاستجابة للطوارئ، لكن هذه الجلسة ليست الأولى التي تلي حصول كارثة فيضانات في الولاية، ما يعني عدم إحراز تقدّم ملموس في مجال الاستعداد للكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات وحرائق الغابات التي تزداد بسبب تغيّر المناخ.
واجهت تكساس سابقاً فيضانات مُدمرة عدّة، أحدها عام 2017 حين تسبب الإعصار هارفي بهطول أكثر من 48 مليمتراً من الأمطار على هيوستن ومجتمعات ساحل الخليج، وخلّف عشرات القتلى، وألحق أضراراً تجاوزت 125 مليار دولار. وبعد عامين أنشأ صندوق البنى التحتية للفيضانات في تكساس الذي باشر التخطيط لتنفيذ مشاريع للسيطرة على ارتفاع منسوب المياه في أنحاء الولاية. وحدّد الصندوق 54 مليار دولار احتياجات السيطرة على الفيضانات، لكن المُشرعين لم يُخصّصوا إلّا 1.4 مليار دولار.
ويُعزى نقص التمويل خصوصاً إلى أيديولوجية جمهوريي تكساس الذين يسيطرون على مجلس نواب الولاية ومنصب الحاكم ويطبقون مبدأ المحافظة المالية، ما يمنع إظهارهم الحماس الكبير لتمويل مشاريع حكومية كبيرة، وأيضاً إلى قلقهم من خطط معالجة كل حوض في نهر الولاية، إذ يطالبون بالتأكد من ألّا يؤدي مشروع في إحدى المدن إلى توجيه مياه الفيضانات إلى مجتمعات أخرى.
وفي ربيع العام الحالي، حاول مشرعون في تكساس تخصيص مزيد من الأموال لجهود ضمان أماكن تصريف المياه لدى نقلها من مكان إلى آخر، وأقرّوا خطة تُخصّص نحو 500 مليون دولار سنوياً على مدى عشرين عاماً لمشاريع الفيضانات، لكن يجب أن يحظى الاقتراح أولاً بدعم الناخبين في استفتاء مقرّر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وحتّى لو وافق الناخبون على الاقتراح، يشترط المشرّعون ربط استخدام أموال الولاية بالمنح الفيدرالية التي تعتبر أقل احتمالاً في ظل إدارة ترامب الذي ألغى في وقت سابق من العام الحالي برنامج منح يُساعد الولايات والمجتمعات المحلية على الاستعداد للكوارث الطبيعية، كما أوقفت الإدارة منح مساعدات لتعافي الولايات من الكوارث، وتعزيز مجتمعاتها ضدّ الكوارث المستقبلية.
وفي ظل تأكيد علماء أن مخاطر الكوارث الطبيعية ستستمر في الارتفاع مع الاحتباس الحراري، وتصبح الفيضانات بالتالي أكثر تكراراً. يقول عالم المناخ في معهد كاليفورنيا لموارد المياه، دانيال سوين: "أعتقد بأننا قلّلنا على نحوٍ كبير من شأن الفيضانات المفاجئة الناجمة عن الأمطار الغزيرة والعواصف الرعدية كخطر في ظل مناخ دافئ. هذا بالضبط أحد أنواع الأحداث التي ستزداد، وهو ما يحصل فعلاً وبسرعة أكبر بكثير".
ولم يتّضح كيف سيتناول مشرعو تكساس موضوع إدارة الطوارئ في اجتماعهم المقبل، علماً أنهم درسوا الربيع الماضي اقتراحات لتغطية تكاليف صفارات الإنذار ومعدات الاتصالات الأخرى، لكنّهم رفضوه بسبب كلفته.
وقال نائب الحاكم دان باتريك: "صفارات الإنذار في المناطق المعرضة للفيضانات أولوية"، لكن تقارير أشارت إلى أن مسؤولي مقاطعات رفضوا الفكرة بسبب كلفتها. أما حاكم تكساس، غريغ أبوت، فقال خلال تفقده مدينة هانت إحدى الأكثر تضرّراً بالفيضانات: "نريد أن نضمن أن تكون هذه المجتمعات أفضل حالاً وأكثر مرونة، وأن تملك الموارد اللازمة للمرحلة التالية، خصوصاً على صعيد أنظمة الإنذار بالفيضانات واتصالات طوارئ الفيضانات والتأهب للكوارث الطبيعية والتعافي منها وتمويل الإغاثة للمناطق المتضرّرة".
وبحسب مسؤولين توافد نحو 2100 مسعف طوارئ من عشر ولايات إلى تكساس للمساعدة في جهود الإنقاذ والتنظيف، لكن وعورة المناطق والدمار الذي خلّفته الفيضانات عبر نشر أكوام ضخمة من حطام الأشجار المتناثرة وقطع المباني المنهارة والسيارات المحطمة أبطأت جهود البحث.
وعموماً تعرف الأراضي على طول نهر غوادالوبي بأنها مهدّدة بفيضانات مدمّرة، لكنّها بعيدة جداً عن حدود المدينة ما يصعّب تنظيمها بدقة. وفي وقت تستطيع المدن إلى حد كبير تحديد ما يُبنى، لا تملك مقاطعات تكساس سلطة قضائية لتطبيق قواعد تقسيم المناطق الشاملة التي قد تمنع الناس من العيش أو البناء قرب حافة المياه، كما أن برامج إعادة التوطين لم تنجح. ويتحدث خبراء عن أن خمسة ملايين من سكان تكساس يعيشون في ظلّ تهديد الفيضانات.
(العربي الجديد)

Related News



