
أثارت تقديرات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بشأن الغيتو الذي تعتزم إسرائيل إقامته في جنوب قطاع غزة تحت التسمية المضللة "المدينة الإنسانية"، نقاشات محتدمة، خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغّر (الكابينت المصغّر)، مساء أمس الأحد، بما جعل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يستشيط غضباً ويطالب بخطة "أكثر واقعية".
وعرض مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية، خطة محدّثة لإقامة ما يُسمّى "المدينة الإنسانية"، وبخلاف التقارير السابقة التي تحدّثت عن جدول زمني قصير نسبياً، تشير تقديرات جديدة، وفق ما أوردته وسائل إعلام عبرية اليوم الاثنين، إلى أن مدة الإنشاء ستستغرق عاماً أو أكثر، وليس خمسة أو ستة أشهر كما ذُكر سابقاً، والتكلفة المتوقعة للمشروع تصل إلى عشرات المليارات من الشواكل. وأثارت الفجوات بين الخطة التي قدّمها المستوى المهني وبين متطلبات المستوى السياسي نقاشاً محتدما، وأعرب نتنياهو عن إحباطه من التأخير المتوقّع، قائلاً: "هذا ببساطة غير واقعي. طلبت حلاً يمكن تنفيذه ضمن إطار زمني معقول". ونقل موقع والاه العبري، قول مسؤول عسكري حضر الاجتماع، إن مجرد إخلاء عُشر السكان المقرر نقلهم سيستغرق عدة أشهر.
وذكر موقع واينت العبري، عن مصادر مطّلعة، أن تقديرات ممثلي الجيش بشأن امتداد العمل لأكثر من عام، وأن تكلفة إقامة الغيتو، تترواح بين 10 إلى 15 مليار دولار أثارت غضب نتنياهو، وطالبهم بتقديم جداول زمنية "واقعية أكثر". وطالب وفي نهاية الاجتماع بعرض "خطة محسّنة"، مؤكّداً: "يجب أن تكون أقصر، وأقل كلفة، وعملية أكثر". كما أشار المشاركون إلى أن "الشعور السائد في القاعة" هو أن الجيش يسعى إلى إفشال فكرة إقامة "مدينة إنسانية"، والتي تواجه بالفعل انتقادات دولية واسعة، ولهذا يعرض خطة غير واقعية. كما أثار الاجتماع نقاشاً حول مصادر تمويل هذا الغيتو. وأفاد مسؤولون اسرائيليون أمس بأنه في حال تنفيذ المشروع، ستتحمل دولة الاحتلال في المرحلة الأولى معظم التكاليف تقريباً.
وتثير هذه الخطة انتقادات دولية واسعة، وحتى من أوساط في داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تعتبرها بداية لإقامة حكم عسكري إسرائيلي في غزة. وخلال الأسابيع الأخيرة، واجه رئيس هيئة الأركان العامة، إيال زامير، نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشأن هذه القضية داخل اجتماعات الكابينت، وأكد أن تجهيز المنطقة يحد من قدرات الجيش على تنفيذ مهامه في القطاع، وعلى رأسها القتال ضد حركة حماس واستعادة المحتجزين الإسرائيليين. وخلال النقاش الحاد، لم يُدلِ وزير الأمن يسرائيل كاتس بموقف علني، وفقاً لموقع والاه، بينما اختار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الرد على موقف المؤسسة الأمنية، مهاجماً بشدة وتيرة التنفيذ المقترحة. وتساءل منتقداً الجدول الزمني: "كم عدد الأشخاص الذين يمرون عبر مطار بن غوريون يومياً؟ كيف يمكن أن يستغرق الأمر كل هذا الوقت لتنفيذ عملية كهذه؟".
ونقل نتنياهو في ذات الوقت نفسه، رسالة سياسية، مفادها أنه مهتم فعلاً بدفع صفقة لتبادل الأسرى تتضمن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار. ومع ذلك، شدّد على أن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق استئناف القتال في مرحلة لاحقة. ومن المتوقع أن تستمر التوترات بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، مع تحديد موعد استكمال النقاش حول القضية ليوم غد الثلاثاء، بينما من المقرر أن ينعقد مجلس الوزراء للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) بكامله لجلسة موسّعة يوم الأربعاء.
واجتمع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الساعات الماضية، مع الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بهدف التأكد من أنه في حال تم التوصّل إلى صفقة، لن يشكل ذلك تهديداً جدياً على التحالف الحكومي. ووفقاً لعدة مصادر، لم يذكرها موقع والاه، أعرب نتنياهو في محادثات مغلقة عن اعتقاده بأن الصفقة ستتحقق، وأنها لن تأتي على حساب سقوط الحكومة. وزعم مسؤول سياسي في ديوان نتنياهو أمس أنه "لو قبلت حماس المقترح (المطروح) ، لكان من الممكن التوصّل إلى اتفاق والانطلاق في مفاوضات لمدة 60 يوماً بشأن إنهاء القتال بما يتماشى مع أهداف إسرائيل". وادّعى أن حماس "تضع العقبات، لا تبدي مرونة، وتدير حرباً إعلامية تهدف إلى الإضرار بالمفاوضات والضغط على الجمهور الإسرائيلي".

Related News
