
أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الأحد، وفاة السجين السياسي رضا علي منصور (60 عاماً) داخل محبسه في سجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية، صباح السبت، بعد صراع طويل مع مرض السرطان. وقالت أسرته ومنظمات حقوقية إنّ تدهور حالته الصحية نجم عن "حرمانه من الرعاية المتخصصة وتأخر نقله إلى المستشفى"، لينضم إلى قائمة من تصفهم منظمات حقوقية بـ"ضحايا الإهمال الطبي الممنهج" في السجون المصرية.
ولم تصدر وزارة الداخلية أو قطاع مصلحة السجون في مصر حتى الساعة أي تعليق رسمي بشأن وفاة منصور. وكان منصور، الذي يتحدر من محافظة الإسماعيلية والموقوف منذ عام 2019 على خلفية قضايا ذات طابع سياسي، قد احتُجز، بحسب بيان الشبكة، في "زنزانة غير مهيّأة لمرضى السرطان"، وحُرم من الفحوص الدورية والنقل إلى مستشفيات خارج السجن. وأكّد محاموه أن طلبات إحالته إلى مركز أورام خارجي قوبلت بالرفض، فيما اقتصر علاجه داخل السجن على "مسكنات ضعيفة". ونقلت مصادر من داخل السجن أن حالته الصحية تدهورت خلال الأسبوع الأخير بعد أن فقد قدرته على تناول الطعام، لكن إدارة السجن أبقته في "عنبر التأديب" بدعوى عدم توفر أسرّة بالمستشفى الميداني المُلحق بالمكان.
وتعيد هذه الوفاة إلى الأذهان حالات مماثلة. ففي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، توفي المعلم سعد السيد مدين (57 عاماً) في السجن نفسه، نتيجة "الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز"، بحسب ما وثّقته "لجنة العدالة" (CFJ). وكانت هذه ثاني وفاة موثقة داخل سجن برج العرب عام 2025. وتشير تقارير اللجنة إلى أربع وفيات في السجون المصرية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العام، معظمها بسبب حرمان السجناء من الرعاية الصحية. وتُظهر بيانات "تحالف المادة 55" – وهو ائتلاف من منظمات حقوقية مصرية مستقلة – أن الانتهاكات في سجون مثل بدر وبرج العرب والوادي الجديد "تزايدت بوتيرة مقلقة" منذ بداية عام 2025، وتشمل التعذيب المنهجي، المنع الطويل للزيارة، والمماطلة المتكررة في نقل المرضى إلى المستشفيات.
وفي سياق أوسع، وثّقت "لجنة العدالة" 296 حالة وفاة في مقار الاحتجاز المصرية بين يناير/كانون الثاني 2020 ويونيو/حزيران 2024، إضافة إلى 533 حالة إهمال طبي و1319 حالة حرمان من الرعاية الصحية خلال الفترة نفسها. كما رصدت اللجنة 50 حالة وفاة في عام 2024 وحده، ما يشير إلى استمرار النمط خلال العام الحالي.
من جهتها، وصفت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها العالمي لعام 2024 أوضاع السجون المصرية بأنها "رديئة على نحو عام، مع حرمان ممنهج من الرعاية الطبية"، لافتة إلى أن المشكلة تطاول حتى السجون "الحديثة" مثل مجمّع بدر. وفي مارس/آذار 2025، ذكرت منظمة العفو الدولية أن معتقلين في سجن "العاشر من رمضان" تعرّضوا لعقوبات جماعية بعد احتجاجهم على "غياب الخدمات الصحية الملائمة".
وتُلزم المادة 10 من "قواعد نيلسون مانديلا" الخاصة بمعاملة السجناء السلطاتِ بتوفير "رعاية صحية تضاهي ما هو متاح في المجتمع، دون تمييز". كما تنصّ المادة 55 من الدستور المصري على "توفير الرعاية الصحية المناسبة للمحتجزين". ويؤكّد حقوقيون مصريون أن تجاهل هذه القواعد يجعل من حالات الوفاة بسبب الإهمال الطبي "جرائم قابلة للتحقيق على المستوى الدولي".
في ضوء ذلك، دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان (وهي منظمة مستقلة مقرّها خارج مصر)، النائب العام إلى فتح "تحقيق مستقل وشفاف" في وفاة رضا منصور، ومحاسبة المسؤولين عن "منع العلاج داخل السجن أو خارجه"، فضلاً عن معالجة النقص المزمن في الكوادر الطبية والأدوية داخل أماكن الاحتجاز.
وتزيد وفاة منصور من الضغوط المتصاعدة على السلطات المصرية قبيل الاستحقاق المرتقب للمراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نهاية العام الجاري. وقد دعت منظمات دولية القاهرة مراراً إلى السماح بزيارة المقرّرين الأمميين الخاصين بالتعذيب والحق في الصحة. وبينما تواصل الحكومة المصرية الترويج لافتتاح "مجمعات إصلاح وتأهيل حديثة"، تشير الوقائع المتكررة – من بدر إلى برج العرب – إلى أن النهج القائم على العقاب وحرمان السجناء من العلاج لا يزال يحصد أرواحاً جديدة. رضا علي منصور قد لا يكون الأخير.

Related News

