تقرير: اقتصاديون لـ”يمن ديلي نيوز”: سك الحوثيين لعملة معدنية جديدة تكريس للانقسام النقدي ومؤشر على عمق الأزمة الاقتصادية
Civil
7 hours ago
share

يمن ديلي نيوز : في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أقدمت جماعة الحوثي المصنفة إرهابية على سك عملة معدنية جديدة من فئة خمسين ريالاً، في مناطق سيطرتها شمال اليمن، وسط تحذيرات من تداعيات هذه الخطوة على وحدة النظام النقدي، وتخوفات من تكريس حالة الانقسام الاقتصادي القائمة في البلاد منذ سنوات.

جاء ذلك بالتزامن مع إعلان البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة الجماعة، أن العملة المعدنية الجديدة دخلت حيّز التداول ابتداءً من يوم الأحد، باعتبارها بديلاً للأوراق النقدية التالفة من نفس الفئة، في ظل اختفاء الفئات النقدية الصغيرة وشح السيولة.

“يمن ديلي نيوز” ناقش هذه الخطوة مع مختصين اقتصاديين، اعتبروا أنها تحمل دلالات عميقة على هشاشة الوضع المالي في مناطق الحوثيين، وتعكس ارتباكاً في السياسات النقدية، في وقت تعاني فيه البلاد من انقسام مالي خطير بين صنعاء وعدن.

حالة ارتباك

يقول الصحفي الاقتصادي نجيب العدوفي إن عملية سك جماعة الحوثي لعملة معدنية من فئة خمسين ريالاً تعكس حالة ارتباك في السياسة النقدية ضمن مناطق سيطرتها، وسط تفاقم أزمة تلف العملات الورقية، واختفاء الفئات النقدية الصغيرة كفئتي الخمسين والمئة ريال، إلى جانب شح السيولة النقدية، خاصة بعد منعهم تداول الطبعة الجديدة الصادرة عن الحكومة المعترف بها دولياً.

وأضاف في تصريح لـ”يمن ديلي نيوز”: “مع نهاية العام 2019 منعت جماعة الحوثي تداول الطبعة الجديدة كحرب اقتصادية تسعى من ورائها إلى إضعاف العملة المحلية، عبر خلق انقسام نقدي يزيد من المعروض النقدي الكلي في مناطق الشرعية، وبالتالي يفقد الريال اليمني قيمته الشرائية، ويقوّض أي استقرار مالي في مناطق الشرعية”.

وتابع بقوله: “لا يبدو أن سك العملة المعدنية الجديدة سيخفف فعلياً من أزمة السيولة، بل هو محاولة لتغطية النقص الحاد في الفئات النقدية الصغيرة، التي تسبب غيابها في تعقيد التعاملات التجارية اليومية البسيطة”.

وأشار العدوفي إلى أن البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين سبق وأن سك عملة معدنية من فئة مئة ريال، “دون أن يترك ذلك أي أثر إيجابي ملموس على السوق، ما يكشف أن هذه الخطوات تحمل طابعاً دعائياً سياسياً أكثر من كونها استجابة اقتصادية للواقع، وتأتي في سياق سعي الميليشيا إلى تأكيد حضورها المؤسسي”.

اللجوء إلى المعدن بدلاً من الورق

وذكر الصحفي الاقتصادي العدوفي أن جماعة الحوثي لجأت إلى سك العملات المعدنية كخيار سهل يمكن تنفيذه داخلياً، لكنه يفتقر لأي غطاء اقتصادي حقيقي، في ظل عجزها عن طباعة عملة ورقية جديدة بسبب افتقادها للصفة القانونية وغياب أي اعتراف دولي.

وأوضح أن هذه الخطوة تعزز الانقسام النقدي القائم في البلاد، وتصعّب من فرص إعادة توحيده مستقبلاً، ما ينعكس سلباً على أداء الاقتصاد المحلي، ويزيد من هشاشة بيئة التعاملات المالية والتجارية في الداخل.

وقال: “ما تقوم به جماعة الحوثي يكشف عن التراخي الحكومي الذي أتاح لها العبث بالسياسة النقدية والتحكم بالقطاع المصرفي، خاصة أن الشرعية تركت المركز المالي خلفها في صنعاء”.

وأشار إلى أن ذلك أسهم في تفكك السياسات النقدية وتآكل التحويلات المالية الداخلية، بما أضر بشكل مباشر بأموال المواطنين، وفاقم من تدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وسط غياب كامل لأي معالجات حكومية جادة.

خطوة تمس سيادة العملة وتعزز الانقسام

من جهته، قال المحلل الاقتصادي وفيق صالح: “باختصار، هذه الخطوة تمس سيادية العملة الوطنية، وتكرّس الانقسام النقدي والاقتصادي، وتجزّئ المؤسسات النقدية والمالية، علاوة على تداعياتها السلبية على القطاع المصرفي، ومضاعفتها لحجم الصعوبات والتحديات أمام ممارسة الأنشطة المالية والمصرفية في البلاد”.

وأضاف في تصريح لـ”يمن ديلي نيوز”: “أعتقد أن إعلانها في هذا التوقيت، على الرغم من الإجراءات الدولية السابقة التي تحد من تأثير الحوثيين على القطاع البنكي وتعرض الميليشيا للعزلة الدولية، هي رسالة مناورة تُظهر أنهم ما يزالون يملكون القدرة على اتخاذ مثل هذه القرارات التي تثير حفيظة البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً وتتعدى صلاحياته”.

طريق اللاعودة نحو الانفصال النقدي

وقال وفيق صالح: “وسط هذا المزاج الدولي، في تعزيز نفوذ تأثير البنك المركزي اليمني بعدن، وتحجيم دور جماعة الحوثي في التأثير على الأوضاع النقدية والمالية، تأتي هذه الخطوة الحوثية لتقول إنها ماضية نحو طريق اللاعودة في الانفصال النقدي، وتجزئة العملة، ومضاعفة الأعباء والتحديات المالية على المواطنين”

وختم صالح بالقول: “طبعاً لن تحل هذه الخطوة أزمة السيولة لدى الجماعة، بل ربما تؤدي إلى تكريس وضع نقدي واقتصادي قائم، أبرز سماته التعارض والتناقض مع أسس الاقتصاد الحديث، ومضاعفة الجبايات، وتدمير حرية السوق، وإدارته عبر البطش والتنكيل”.

تصعيد اقتصادي

البنك المركزي اليمني في محافظة عدن (عاصمة اليمن المؤقتة) ، اعتبر إعلان الحوثيين صك عملة نقدية وإنزالها للتداول، يمثل تصعيدًا اقتصاديًا ينسف اتفاق المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ الصادر في  23 يوليو 2024 الصادر  برعاية إقليمية ودولية، والذي التزمت الحكومة اليمنية والبنك المركزي بتنفيذ جميع بنوده.

واتّهم البنك جماعة الحوثي بتجاهل بنود الإعلان، ولا سيما ما يتعلّق بإلغاء الإجراءات الاقتصادية الأحادية، وخفض التصعيد.

وأوضح البيان أن صكّ العملة الجديدة يأتي امتدادًا لما وصفه بـ”الحرب الاقتصادية” التي تشنها الجماعة ضد الشعب اليمني، في سياق سعيها المستمر لنهب مدخرات المواطنين لتمويل شبكاتها المشبوهة بمبالغ ضخمة، دون أي غطاء قانوني أو نقدي.

وأشار إلى أن جماعة الحوثي استمرت منذ اليوم الأول لإعلان المبعوث الأممي في اتخاذ خطوات تصعيدية طالت البنوك، وشركات الصرافة، والطيران، والمؤسسات الاقتصادية، وصولًا إلى هذه الخطوة التي وصفها بـ”المدمّرة للاقتصاد الوطني”.

وحذّر البنك المركزي المواطنين، والبنوك، وشركات الصرافة، وقطاع الأعمال في مناطق سيطرة الحوثيين من التعامل بالعملة المزورة – سواء القديمة أو الجديدة – كونها صادرة عن كيان غير شرعي، وتضع المتعاملين بها تحت طائلة العقوبات الدولية.

ظهرت المقالة تقرير: اقتصاديون لـ”يمن ديلي نيوز”: سك الحوثيين لعملة معدنية جديدة تكريس للانقسام النقدي ومؤشر على عمق الأزمة الاقتصادية أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows