بدأت الجزائر مطالبات جديدة لانعقاد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، لإجراء مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة الذي وقع عام 2002، فيما يبدو أنه رد سريع على تصويت البرلمان الأوروبي بالأغلبية على قرار إدراج الجزائر في قائمة الدول الخطيرة في تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، اليوم السبت، خلال اتصال مع نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، على ضرورة تفعيل الآلية الأساسية التي تُعنى بتنظيم الشراكة الجزائرية-الأوروبية، ألا وهي مجلس الشراكة، الذي يظل الإطار الأمثل لمعالجة كافة المسائل ذات الاهتمام المشترك، السياسية منها والاقتصادية، مشدداً على مواصلة وتكثيف الجهود الرامية لإضفاء التوازن المطلوب على الشراكة الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بما يحفظ مصالح الجانبين، ويساهم في تعزيز السلم والأمن والتنمية المستدامة في الفضاء الأورو-متوسطي.
وجرت خلال الاتصال بين عطاف وكالاس مناقشة واقع وآفاق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، سواء في شقها الثنائي المتعلق باتفاق الشراكة الذي يجمع الطرفين، أو في الإطار متعدد الأطراف الذي يشمل دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وتُبدي الجزائر رغبتها في إجراء مراجعة ضرورية لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية في يناير/ كانون الثاني الماضي أن الرئيس عبد المجيد تبون عقد اجتماعاً مع لجنة خاصة كان قد كلفها بإعداد مقترحات تخص مراجعة دقيقة لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما في شقه التجاري، وتقييم المبادلات التجارية منذ دخوله حيّز التنفيذ، وأثرها على المنتجات الزراعية، الغذائية، الصناعية، الصيد البحري، وكذا المنتجات الصناعية.
وفي وقت سابق، اتهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا بعرقلة انعقاد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، لمراجعة الاتفاق الذي وقع في 22 إبريل/ نيسان 2002 في فالنسيا (إسبانيا) ودخل حيّز التنفيذ في سبتمبر/ أيلول 2005. ويتضمن هذا الاتفاق 110 مواد تغطي تسعة محاور: الحوار السياسي، حرية تنقل البضائع وتجارة الخدمات، المدفوعات ورؤوس الأموال، المنافسة، أحكام اقتصادية أخرى، التعاون الاقتصادي، التعاون الاجتماعي والثقافي، التعاون العالي، التعاون في مجال العدالة والشؤون الداخلية، والأحكام المؤسساتية العامة. وينص الاتفاق في جانبه التجاري على إنشاء منطقة تجارة حرة للمنتجات الصناعية، والتحرير التدريجي للتجارة بالنسبة للمنتجات الزراعية، الغذائية، والصيد البحري، كما نص على تحرير مجال حقوق التأسيس والخدمات.
ولم يوضح بيان الخارجية ما إذا كان الوزير عطاف قد ناقش مع المسؤولة الأوروبية مسألة قرار البرلمان الأوروبي إدراج الجزائر على لائحة الدول عالية المخاطر ماليًا، لكن من المرجح أنه قدّم توضيحات بشأن جهود الجزائر الوطنية وتعديل تشريعاتها لتعزيز تدابير محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتمويلات المشبوهة.
وقبل طرح البرلمان الأوروبي لائحة تحفظاته بشأن كفاية التدابير الجزائرية لمنع غسل الأموال، كانت الجزائر قد سارعت إلى اتخاذ تدابير جديدة لمحاربة غسل الأموال ومنع تمويل الإرهاب، إذ صادق مجلس الوزراء، الأحد الماضي، على مسودة تعديلات في القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. وأدرجت الحكومة هذه التعديلات في إطار الجهود الرامية للتكييف المتواصل للإطار التشريعي الوطني مع التزامات الجزائر الدولية، لا سيما مع توصيات مجموعة العمل المالي، وكذا تعزيز الآليات القانونية لمكافحة هذه الجرائم والتكيف مع التطورات التي تعرفها.
وكان البرلمان الأوروبي قد صادق، أمس الجمعة، على إدراج الجزائر ضمن لائحة الدول المصنفة عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حيث ستخضع المعاملات المالية من وإلى الجزائر لإجراءات تحقق دقيقة ومراقبة مشددة. ويأتي هذا القرار في إطار سياسة أوروبية جديدة تهدف إلى الحد من مخاطر التدفقات المالية غير المشروعة، وتعزيز آليات تتبع رؤوس الأموال العابرة للحدود.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت الجزائر قد أطلقت استراتيجية وطنية للوقاية ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي والمؤسسي، وتعزيز الموارد البشرية والتقنية، ومساعدة المهنيين الملزمين، والوقاية من المخاطر من خلال معرفة أفضل للفاعلين، وتحسين الإشراف، ومواصلة التنسيق الوطني والتعاون الدولي، بالإضافة إلى تحسين إطار مكافحة تمويل الإرهاب.
Related News
